اراء و مقالات

بعد التمريض و«التعليم» وبعض الصحافيين… هل تطل «الاعتصامات الطلابية» برأسها مجدداً في الأردن عشية رمضان؟

عمان- «القدس العربي» : غالبية المؤشرات تتزاحم في إدارة المشهد السياسي الداخلي الأردني، وهي تقول بقاعدتين تعتبران الأساس اليوم في إدارة كل التأويلات والتحليلات وأيضاً التوقعات.
القاعدة الأولى هي تلك التي تجمع مؤشرات موضوعية على إخفاق محتمل ومبكر في تحقيق نسبة اقتراع منطقية أو توحي بالتفاؤل للوجبة المقبلة من انتخابات المجالس البلدية ومجالس اللامركزية الإدارية، فالعزوف واضح وملموس، والنسبة قد لا تزيد حتى اللحظة -في رأي السياسي مروان الفاعوري- عن 15 % من الذين يحق لهم الاقتراع، خصوصاً بعدما قرر حزب جبهة العمل الإسلامي الأعرض والأكبر في البلاد تعليق مشاركته في تلك الوجــبة الديمــقراطية.
القاعدة الثانية في المقابل، هي تلك التي تحذر قبل أسابيع قليلة من شهر رمضان المبارك من احتقان معيشي واقتصادي قد يؤدي إلى تغذية وتسمين الحراكات الشعبية مجدداً في وقت لعب فيه المعارض القديم ليث الشيبلات، على أوتار موقتة بقدر من الذكاء، ولها علاقة بما سمّاه استعادة أموال الدولة.
يلاحظ مختصون في المجال العملي البلدي بأن من ينشغل تحت سياق الهندسة الرقمية مجدداً بانتخابات البلديات والمجالس المحلية لديه سؤال مبكر حول جدوى وإنتاجية الذهاب إلى هذه الانتخابات دون انتظار بقية عملية شرعنة مخرجات وتوصيات تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
كانت تلك ملاحظة علنية يوماً لرئيس اللجنة الملكية التي صاغت وثيقة التحديث سمير الرفاعي، وكانت أقرب إلى صيغة سؤال طرحه كل أعضاء اللجنة الفرعية المختصة بموضوع الحكم المحلي.. «لماذا نخطط مادامت الحكومة قررت إجراء انتخابات محلية؟». ليس سراً أن الإجابة الوحيدة المتاحة حتى اللحظة على سؤال المفارقة ذلك، هي تلك التي تعتقد أن المسالة حصرياً مرتبطة بمناكفة محتملة مع وزير الحكم المحلي الأسبق وليد المصري، الذي تصادف بالمناسبة أنه ترأس اللجنة المعنية في إطار المنظومة.
في كل حال، ضرب تعليق التيار الإسلامي لمشاركته في انتخابات البلديات الزخم السياسي أو التعبير السياسي مسبقاً، وقال الأمين العام لحزب الجبهة الشيخ مراد العضايلة، إنه لا يمكن المشاركة في عملية انتخابية في ظل التضييق الأمني.
تضرب، جزئياً، خطوة الإسلاميين أيضاً نسبة المشاركة في الواقع، والمقارنة تبدو مزعجة مسبقاً مع نسبة المشاركة الضعيفة في انتخابات البرلمان لعام 2000، مع أن الخطاب المرجعي والرسمي للدولة برمتها اليوم هو ذلك الذي يتحدث حصراً عن المشاركة الشعبية، مع الخوف بأن تلك المشاركة المنشودة لم تحصل مع نسبة ضئيلة من المقترعين في الأطراف والمحافظات وحتى بالمدن الكبرى، فيما تتكفل احتياجات ومؤشرات الهندسة في بعدها الثالث مع بعض التدخلات ليس فقط لما تبقى من سمعة ونزاهة العملية الانتخابية، بل أيضاً بما يتبقى من زخم ونسبة مشاركة يمكن تسويقها على الأقل وسط الدول المانحة الصديقة التي ستطالب لاحقاً بدعم وتمويل مشاريع تنمية محلية في الأطراف.
يرى أحد الوزراء في الحكومة أمام «القدس العربي» أن وزير التخطيط الناشط جداً والذي يترأس الطاقم الاقتصادي ناصر الشريدة، قد لا يجد مادة دسمة تساعده في جذب مساعدات من برامج إنمائية دولية مع نسبة اقتراع ومشاركة ضئيلة في انتخابات محلية، وتصدع جبهة تحديث المنظومة السياسية برمتها في حال استمرار ما يسميه العضايلة ورفاقه بالتدخلات في الانتخابات، وتصدع أيضاً بعزوف المرأة والشباب عن الترشح، ثم تتصدع للمرة الثالثة عندما تلتهم مصداقية العملية الانتخابية مجدداً تصرفات وترتيبات هنا أو هناك تحت سياق الهندسة التي يبدو أنها باقية وتتمدد رقمياً على نحو أو آخر.
لا تفعل اللجنة الملكية التي صاغت وثيقة تحديث المنظومة شيئاً لمنع التصدع، وبالتأكيد يد رئيس اللجنة سمير الرفاعي مقيدة؛ لأن الملف برمته بين يدي الحكومة الآن، كما قال علناً رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز.
وسط هذه الفوضى في الاشتباك وتفصيل المشهد، يزيد المعارض ليث شبيلات تعقيدات على وضع معقد ومربك، وتخسر التعديلات الدستورية مجدداً بين الحين والآخر حلفاء أو أصدقاء كباراً، فيما لا يبدو أن عنصراً ثقيلاً واحداً على الألق من طبقة النخبة السياسية يتصدر للدفاع عن تلك التعديلات.
تبرز وسط هذه الإشكالات برمتها عناصر التجاذب عند الوقوف على أطلال القاعدة الثانية أو الأخرى، فالوضع المعيشي عموماً إلى مزيد من الاحتقان، وشهر رمضان الذي تتجلى فيه بالعادة حراكات الشارع وأزمات السوق والمعيشة بدا يطرق الأبواب، والاعتصامات المطلبية تزيد، ومنابر المعارضة والحراك تعيد تذكير الأردنيين بما قاله رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة علناً سابقاً بخصوص إمكانات الدولة الحقيقية في التوظيف.
في المقابل، تظهر فوضى رواتب في صحيفة الرأي، أبرز صحف الحكومة، مع اعتصام صاخب للموظفين والعاملين ضد الإدارة يقوده خمسة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين، ويعتصم معلمون في مكاتب وزير التربية، ثم يعتصم ممرضون يطالبون بعلاواتهم بصيغة توحي بأن الاعتصامات القطاعية المطلبية تطرق الأبواب مجدداً عشية شهر رمضان، فيما يقر رئيس الوزراء بعدم وجود وظائف، ويغرق طاقم الديوان الملكي في تحضيرات ورشة عمل يفترض أنها تؤدي إلى تحريك أجواء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى