اراء و مقالاتمقالات وآراء

ماذا يحصل وسط “المهندسين” والعمل النقابي “المستقل” في الأردن؟

يحصل الأمر بين الحين والآخر ويستمر بالحصول في واحدة من الاشكالات التي تواجه طريقة الحكومة الأردنية في إدارة ملف العمل العام.

خصوم سياسيون من التيار الإسلامي وغيره يتحركون ضد نقيب المهندسين المعتدل أحمد سمارة الزعبي وتحت عنوان “اقلاق راحة النقابة الأم” والهدف من هذا التحرك تأسيس شكل من أشكال الانقلاب على شخصية نقابية رفيعة المستوى تحت عنوان التضامن، وإلى حد ما لاحقا التشبيك مع المعلمين في حراكهم المتواصل تحت عنوان جملة عصبية تقلق الجميع في الأردن، ولا أحد يعرف نهاياتها حتى اللحظة في ظل عودة تعليمات التشدد  وظهور الفيروس كورونا مجددا.

“لا مكان للمعتدلين” هذا ما يشعر به المستقلون المهنيون في النقابات المهنية الأردنية عندما يتعلق الأمر بصراع مفتوح على مصراعيه اليوم بين البوصلة الرسمية والحكومية وبين التيار الإسلامي وحصته التي تقول السلطات أنها تتحكم بنقابات مهمة.

 بالنسبة لشخصية وطنية وازنة مثل الزعبي تتعرض للضغط من الأعلى والأسفل.

منطقيا لا يستطيع قائد أهم نقابة في العمل الوطني منتخب مثل المهندسين التعامل مع أزمة نقابة المعلمين وكأنها عرس عند الجيران.

 ومنطقيا أيضا لا يريد الزعبي نفسه وقد استمعت إليه “القدس العربي” عدة مرات وهو يحاول إقامة توازنات وطنية الغرق في التفاصيل وتبني أي أجندة متشددة بصرف النظر عن أحقية مطالب بعض المعلمين.

 لافت جدا في الحالة الأردنية اليوم أن هذا التوازن مرفوض.

ولافت أكثر أنه مرفوض من الاتجاهين المتعاكسين في مثال حي على ذلك الخصام الذي توقف عن الإيمان بالرأي الآخر أو حتى تخيل وجوده.

في مقاربة السلطات الحكومية لا تستطيع نقابة ضخمة ومسيسة وخبيرة ومهمة مثل المهندسين إظهار معادلة متوازنة في الموقف توفر بالنتيجة مخرجا استراتيجيا للتأزيم عبر توفير طرف ثالث عاقل يمكنه المبادرة والتوسط إذا فسدت الأمور أكثر.

وبمقاربة بعض المتشددين من المعلمين وثقل التيار الإسلامي في الهيئة العامة للمهندسين، ينبغي لأم النقابات المهنية أن تتحرك مع المعلمين وبدون أي توازن. ولذلك يعتقد أن مجلس نقابة المعلمين الذي خطف أصلا في انتخابات مثيرة قبل أعوام الميكروفون وسط المهندسين من التيار الإسلامي علق بين البوصلتين وكلاهما متشدد ويرفض التوازن.

في كل حال عملية الضغط الرسمي طوال أسابيع منذ بدأ الحراك التعليمي على مجلس النقباء وقيادة نقابة المهندسين انتهت بخلل قد يستفيد منه التيار الإسلامي لأن الموقف الرسمي يصر في بعض مفاصله وازاء مسألة نقابة المعلمين على التعامل ضمن معادلة “من ليس معنا ضدنا”.

 تلك واحدة من تداعيات لا يتحدث عنها الجمهور ولا الإعلام في الأردن لأزمة الحراك التعليمي التي تشطر الجميع اليوم وبدأت تؤثر في كل الزوايا وبين كل الشرائح والمكونات.

والتأثير المفترض على القطاع النقابي تحديدا ليس سهلا لأن تحول مؤسسات نقابية عريقة إلى “جسم صامت أو ميت” عندما يتعلق الأمر بمحاولة دفن أحدث النقابات المهنية وهي نقابة المعلمين أقرب إلى مسألة اللطم الذاتي، فالعمل النقابي كان دوما مزدهرا وقادرا على التعامل في إطار تحصين الداخل وحماية المصالح الوطنية في كل الأوقات كما يؤكد البرلماني السابق والمحامي الخبير محمد الحجوج.

قالها الزعبي مبكرا وهو يتحدث مع “القدس العربي”: ليس من مصلحة أحد بعد تفكيك العمل الحزبي والتحديات التي يواجهها العمل على إخراج مؤسسات النقابات المهنية من سكة الفعل والتأثير والواقع.

بصرف النظر عن مستوى أخطاء المعلمين أو هفوات الإسلاميين الضغط المستمر رسميا والرافض للتوازن من شأنه أن يضعف العمل النقابي المستقل والمهني ويخلي الساحة بعد تفريغها من الحكماء والمستقلين والمعتدين في بؤرة المؤسسة النقابية.

حصل ذلك في أزمة نقابة الأطباء وقد يكون في طريقه للحصول مع نقابة المحامين وثمة حراكات تؤكد أو ترجح أن شرخا ما يولد اليوم في جسم نقابة المهندسين بينما القضاء المستقل والنزيه والعادل وضع بين يديه مصير نقابة المعلمين.

إلى ماذا يقود كل ذلك؟

أغلب التقدير أن الرموز والقوى المستقلة أو التي يمكنها أن تفهم السلطة عندما تتحدث عن الفصل بين المهني والسياسي ستخرج من المعادلة في حال استمرار الضغط الرسمي عليها وعدم ترك هوامش من المناورة لها في الموقف والتحريك.

وأغلب التقدير بالنتيجة أن تفريغ ساحة العمل النقابي من الأطر الوطنية المهنية المستقلة عبر إضعافها دوما وارهاقها وأحيانا ملاحقتها سينتج عنه استثمار مباشر من قبل قوى التعبير السياسي وتحديدا في لونها الإسلامي في تطبيق مباشر اختصره أحد كبار النقابيين في الأردن بمعادلة “وكأنك يا ابا زيد ما غزيت”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى