اراء و مقالات

«بعبع» إسرائيل و «بعير إيران»: هذا ما قاله «الشاب الفتحاوي» عن «خدش العملاق»

أربع كاميرات تلفزيونية محلية أردنية تقرر التواجد معا للإعلان عن ما يمكن وصفه برد أردني – فلسطيني على «صفعة» مطار «رامون» الإسرائيلي، حيث اختطف الإسرائيليون خلسة ركابا من أبناء الضفة الغربية في رحلة مثيرة الى قبرص.
كاميرا محطة «المملكة» في الجوار ومعها شقيقتها التابعة لتلفزيون الحكومة، ثم كاميرا محطة «رؤيا» وفي ما يبدو دعيت للمكان أيضا محطة «الحقيقة الدولية».
شاشات الأردن تعج بالحواريات والمقابلات، التي تتحدث عن المطار الإسرائيلي والجسور والمعابر.
وعبر أحد البرامج كان وزير الإعلام الأسبق سميح المعاينة، يشرح للناس أسباب هجمته على السلطة الفلسطينية واتهامه لها بالعمل مع الإسرائيليين ضد مصالح الأردن.
لسبب أو أخر دخل المعايطة في الصمت المباح بعد تغريدته المثيرة ضد السلطة.
وبدأ ترسيم ملامح التفاهات، لكن الإثارة، تلفزيونيا وشعبيا، وصلت الى مستواها، كما وصلت الى بعض الزوايا الحرجة.

بعبع إسرائيل

الزاوية الأكثر حرجا في رأيي الشخصي تتقمص السؤال التالي: لماذا يتعامل المسؤول التنفيذي الأردني مع إسرائيل في كل الاحتكاكات باعتبارها «بعبعا» يفضل عدم الإقتراب منه دوما؟
تذكرت وأنا أطرح هذا السؤال ما قاله لي يوما أحد فتية فتح عندما سألته عن عبثية الأحجار التي تلقى على جنود المحتل ويدفع ثمنها بالدم الغالي. قال الفتى «أستاذ. نحن نحاول خدش العملاق أو إزعاجه أثناء نومه».
شباب حركة حماس بدورهم وبإمكانات بائسة قرروا «إقلاق راحة العدو» ويدفعون دما بكمية كل صهريج محروقات يدخل لقطاع غزة.
جماعة «فتح» أقربلنا في الأردن. بالتالي يمكن تقليدهم وتجاهل حماس وذراعها العسكري.
إذا كان شاب فلسطيني جامعي بلا دولة ومؤسسات يؤمن بخدش العملاق أو تشتيته. لماذا يخشى الوزير أو المسؤول الأردني الاقتحام قياما بواجبه أو دفاعا عن مصالح بلاده، عندما يكون الخصم في التفاصيل هو الإنقلاب الإسرائيلي؟
أعلم مسبقا بأنه سؤال محرج، لكن كاميرات الفضائيات المحلية تحشره في أنفي كمشاهد، كلما راقبت مستوى التلعثم عند موظفين رسميين فكرتها محاولة عدم الاقتراب من البعبع الإسرائيلي أو التنكيد عليه، ولو بقوة الدولة والشراكة والجيرة.
أحدهم فقط، وهو مفاوض سابق بالمناسبة اقترح تفسيرا ما قوامه أن الموظف العام، الذي يشاء حظه العاثر أن يحتك بالإسرائيلي يوما يستوطنه شعور مسبق بأن إزعاج الكيان، ولو بتفاصيل فنية قد يقصيه عن وظيفته مستقبلا.
سيناريو قد ينطوي على مبالغة، وأنا لا أصدق، لكنه موجود.
مراقبة شبكة «كان» العبرية تقودك لنفس الإستنتاج: ما تفعله إسرائيل يوميا هو دس أصابعها في أنف الشعب الأردني وبأكثر من طريقة ولغة ولهجة.

لماذا لا نخدش «العملاق»؟

أتصور أن العملاق وهمي هنا وأكبر من حجمه وأن بلادنا لديها أوراق قوة حقيقية، سبق أن اختبرت وأنتجت عند إظهار «أي تكشيرة» في وجه العدو، الذي تنطبق عليه اليوم مقولة «كوم حجار ولا هالجار» .
على كل حال الفرصة مواتية لاستذكار ما قاله وزير سابق إحتك بالإسرائيليين، عندما قتلوا بدم بارد مواطنين أردنيين في مقر سفارتهم في عمان: قررنا الرد بهدوء شديد فعلقنا الاجتماعات تحديدا لأربعة أشهر وأرهقنا الإسرائيلي، فلجأ الى البحث عن صفقة، ومن هنا بدأ الحل في حادثة السفارة الشهيرة.
تلك المسالة تثبت اليوم أن «خدش» العملاق ممكن لدولة خبيرة وعميقة وعريقة مثل الأردن.
يا قوم اخدشوا العملاق قليلا. أقله حتى يبتعد عن الأردن والأردنيين.

البصرة: رصاص وصيدلية

طوال الوقت أخفق عقلي في فهم مبادرات نفس الصورة، التي تظهر في بلاد العرب، كما ظهرت على شاشة «الجزيرة»، وهي بالتغطية المباشرة لآخر اشتباكات بالرصاص في مدينة البصرة العراقية.
راقبت بدقة فيديو «الجزيرة» المنقول.
وقف مسلحون ملثمون، لكن شعورهم محلوقة بنعومة وأناقة «قصة رونالدو على ما أعتقد» أمام صيدلية حصرا كانت مغلقة ورقصوا مرددين هتافات غامضة لم أفهمها، ثم دبكوا في حلقات في استعراض أزعم أنه عشائري داخل بنية طائفية هذه المرة.
شيعة عراقيون يدبكون أمام صيدلية أغلقها صاحبها، خوفا ويلوحون بأسلحة رشاشة، ثم يهتفون ضد شيعة غيرهم من مواطني بلدهم، بعد ساعات من خطاب أحد المقربين للأمام الصدر بعنوان إيراني «نرجوكم إبعاد بعيركم عن العراقيين» .
البعير الإيراني شهدته يرقص أيضا في التعبير المجازي.
والعشيرة أو القبيلة مجددا في بطن الطائفة في كوكتيل لا يمكنك مصادفته إلا في العراق الذي كان عظيما.
وتلك البنادق والأسلحة الشاشة، التي ظهرت في استعراض جهوي وطائفي مقيت لم نشاهدها ضد المحتل الأمريكي ونفس المشهد للأسف شاهدناه على فضائية «سي أن أن» في الصومال، ثم على فضائية «بي بي سي» في اليمن ملثمون مزنرون بالذخائر يطلقون النار نكاية بوطنهم ويرقصون باسم القبيلة أو الطائفة على طريقة «تهافت التهافت»!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى