اراء و مقالات

الأردن في «الاشتباك الدبلوماسي» تجنبا لـ«الأخشن»: «الخطر الأكبر» خروج الضفة الغربية عن السيطرة

عمان ـ «القدس العربي»: لسبب مفهوم ومقصود وعلى الأغلب عميق ومبرمج يحاول العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في قمة المناخ في أبو ظبي تذكير نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس بما يمكن ان يعنيه انتقال الصراع إلى الضفة الغربية.
والأهم ما يمكن ان يعنيه وقوف جميع الأطراف عند محطة حالة يصبح فيها الوضع العام في الضفة الغربية خارج عن السيطرة.
لقاء القيادة الأردنية بهاريس قد يعني الكثير في إعدادات ضبط الخطاب بالنسبة للمحظور العميق بمعناه الأردني على الأقل.
عمان تتحرك في فضاءات العدوان الإسرائيلي الهمجي كما تصفه على قطاع غزة بقيود من سلسلة مخاوف، أهمها وأكثرها خطرا على الإطلاق هو ما حذر منه في وقت سابق أمام «القدس العربي» رئيس الوزراء الأسبق المخضرم طاهر المصري وهو خط الإنتاج الثاني في تصورات اليمين الاسرائيلي لحسم الصراع والتوقف عن إدارته.
وهي الخطوة التي ينتقل فيها الصراع العسكري في قطاع غزة إلى الضفة الغربية تحديدا.
هنا يواجه الأردن برأي المحللين الاستراتيجيين مؤشرات الخطر الأكبر، حيث الجغرافيا هنا قد تتحول إلى لعنة ونعمة الاستقرار الناتجة عن عملية السلام المستمرة بالشكل على الأقل طوال 30 عاما قد تحرم منها المنطقة بحيث يضطر الأردن مرحليا للسهر على حدوده مع فلسطين كما سهر لياليه الطويلة ومن سنوات على حدوده مع العراق وسوريا.
لسبب لم يعد غامضا يقول العاهل الأردني بوضوح في أبو ظبي لنائبة الرئيس الأمريكي بان بلاده لن تقبل بحال من الأحوال اي صيغة أو مشروع ينتهي بالفصل ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة مع التذكير في الوقت نفسه وبلغة حاسمة وصلبة بان الاستمرار بما وصفه وزير الخارجية الأردني بالحرب العبثية في قطاع غزة سيؤدي إلى ما قال الملك الأردني انه خروج الوضع عن السيطرة في الضفة الغربية.
وهي مواصفة متلازمة للعبارة التي طالما استخدمها العاهل الأردني وهو يدعو الجميع إلى ضرورة الانتباه من الوضع القانوني وتجنب انهياره في الضفة الغربية.
تفكيك هذه العبارات وباللغة الأردنية العميقة يعني عدم قدرة السلطة الفلسطينية على القيام بواجباتها.
لكن بعد معركة طوفان الأقصى لم تعد تعني ذلك فقط في البرمجية الأردنية بل تعني اليوم أكثر انهيار الوضع العام في الضفة الغربية وغياب السلطة والعبث بصلاحياتها وإضعافها المنهجي واستمرار العمليات العسكرية مع تسليح المستوطنين في إطار ردود الفعل على القصف الاسرائيلي على قطاع غزة، كل ذلك يعني أن المنطقة برمتها ستغرق في الفوضى، الأمر الذي يؤشر عليه رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز وهو يناقش «القدس العربي» بدلالات تجنب العالم الإصغاء للحكمة الأردنية.
البرمجة الأردنية تأخذ باعتبارها ما هو أكثر حساسية بمعنى التركيز على أنه لا أحد له مصلحة بخروج الوضع عن السيطرة في الضفة الغربية تحديدا لان البديل في هذه الحالة عن السلطة وحركة فتح باعتبارها الحاضنة السياسية الاجتماعية الأضخم في الضفة المحتلة قد يكون واحدا من إثنين.. حركة حماس أو اليمين الإسرائيلي.
المعنى أن اليمين من الطرفين هو الذي ينشأ ويتشكل وقد يترعرع إذا ما سمح الأمريكيون للصراع في غزة أن ينتقل إلى صراع محتدم في الضفة الغربية بعد تقييم على شكل نصيحة لعضو الكنيست أيمن عودة للأردنيين عندما ذكرهم بأن المستوطنين الذين يحكمون بالمؤسسة السياسية المنتخبة الآن في تل أبيب يريدون حسم الصراع في الضفة الغربية.
لذلك تبقى المؤسسة الأردنية لديها عيون في قطاع غزة. لكن آذانها صاغية وتركز على محنة مفترضة قد تحصل في الضفة الغربية.
وعليه يصر الساسة الأردنيون على اعتبار أن أي محاولة لتهجير السكان في الضفة الغربية في اتجاه شرق الأردن تعتبر بمثابة إعلان حرب على المملكة.
وعبارة إعلان حرب تعني أن اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل انتهت وان عقيدة العدو الاسرائيلي عادت للمؤسسات السيادية الأردنية.
في مسألة الضفة لا يقف الأردن عند حدود الأقوال بل يتجه لأفعال هدفها تصليب السلطة الفلسطينية إن كان ذلك متاحا، فيما الحرص أشد على مراقبة ما ينقص في الأسواق الفلسطينية وعلى تطبيق إستراتيجية دعم صمود الفلسطيني في أرضه حتى لا يفكر بالتحرك وحتى يصل إلى معادلة قوامها الصمود، نكاية ببرنامج المستوطنين الاسرائيليين واليمينيين الذين يسيطرون الآن عبر إتيمار بن غفير تحديدا خصم الأردن اللدود على المؤسسات الأمنية داخل الكيان دون ان ينجح العقلاء والخبراء في بقايا الدولة العميقة لدولة الاحتلال بطمأنة أو نزع خوف أصدقائهم السابقين في عمان.
الأردن يستعد للسيناريو الأسوأ هنا وفكرة إرسال مستشفيات ميدانية إلى مدن الضفة الغربية وإرسال كميات كبيرة من المحروقات ثم القمح هدفها واضح ومحدد وله علاقة بسيناريو الخوف من التحريك الديموغرافي في جغرافيا ضيقة عند خاصرة حدود الأغوار الأردنية مع فلسطين المحتلة.
لكن ما يحاول الأردن بكل بساطته أو بلغة دبلوماسية لفت نظر المعنيين إليه ان استخدامه للأدوات الخشنة دبلوماسيا قد يكون اليوم هو الوسيلة الوحيدة لمنع استخدام أدوات خشنة أخرى خارج السياق الدبلوماسي.
التزام الأردن بمقولة إعلان حرب في حالة تحريك ديموغرافي في الضفة الغربية والتهجير في غزة والضفة، قد ينتقل إلى مستوى التنفيذ في أي لحظة إذا ما شعر الأردن بمخاطر تهجير لأن دعم إستراتيجية الصمود هنا قد لا تقف عند القمح والمحروقات والمستشفيات الميدانية.
وعمان ستجد نفسها إذا ما أصر اليمين الإسرائيلي على ذلك وأصر اليمين الأمريكي على عدم منعه أمام حالة غريبة وغير مسبوقة منذ عام 1967 قوامها الاضطرار قسرا لدعم المقاومة في الضفة الغربية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى