اراء و مقالات

زيلينسكي في القميص «الكاكي»… واردوغان: «حج وبيع مسابح»… وفي الأردن «الرصاص يلعلع» ابتهاجا بـ«البطالة»

سرعان ما انتقل المذيع في فضائية «المملكة» الأردنية من سؤال لمختص وأستاذ جامعي حول برنامج «إرشادات الذكاء الاصطناعي» إلى استعراض سريع لبرنامج زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المفاجئة إلى «لفيف» الأوكرانية.
ذهني شرد للوهلة الأولى وبحثت عن أي علاقة مفترضة في «نقلة عرض الخبر» بين ما قاله أستاذ في جامعة محلية بعنوان «جماعة الذكاء الإصطناعي.. ستزهو بكم المناصب قريبا» وبين «محللة ما» غامضة تتحدث عن تمكن اردوغان من توقيع اتفاقية «إعادة إعمار» مع «زلمتنا ما غيره» زيليسنكي صاحب القميص الكاكي.
طبعا أخفقت في استنتاج أي صلة بين الخبرين.
لكن ما علينا تلك تبقى «وجبة» يفترض الزملاء في «المملكة» أنها «كوكتيل رشيق» على طريقة خلطات العصائر المنتشرة في عمان هذه الأيام مثل «مخفوق البطيخ مع الخيار» للحصول على مشروب استثنائي يصلح فقط، حسب قريبة شابة لي لـ»التقاط صور الفيسبوك وإنستغرام».
تركيا جميلة وبهية، وبصراحة أنا أحبها جدا، خصوصا أثناء متابعة تغطية النسخة المحلية من» سي أن أن» لزيارة «السيد الرئيس» الأخيرة لأوكرانيا.  للعلم شاشات الدولة التركية لا تستعمل مفردة «فخامة الرئيس» عند بث أخباره، وتكتفي بكلمة «السيد».
تركيا تلك في كل حال «لعيبة أو لعوب» في السياسة وفي الاقتصاد تطبق قاعدة شهيرة تقول «حج وبيع مسابح» وأوكرانيا اليوم تشبه، من حيث النشاط التجاري «المسيس» ساحة «سوق الجمعة»  وسط عمان، حيث الكل «يترزق» وبدون «ضرائب».
أشعر بالاضطراب أحيانا عندما أرصد بعض رعايا دول عربية نائمة للغاية تترك بلادها وتنشغل في انتقاد زعيم متمرس يخدم بلاده ويقتنص الفرص مثل اردوغان.
وبينما يوقع الحاج اردوغان مع أوكرانيا اتفاقية إعادة الإعمار بعد أقل من أسبوع من لقاء سوتشي مع الرئيس بوتين نغرق نحن الأردنيين في احتفالية التلفزيون الرسمي بمناسبة «إطلاق  وصفة الحكومة الاسترشادية الخاصة بالذكاء الصناعي».
تخيلوا معي حقائقنا المرة: نحن في القطاع العام نحبو ونزحف و»يا دوبك» وضعنا «وصفة إرشادية» فيما العالم الذي ننشغل بتكفيره وتخوينه واتهامه بدأ بتطبيق ذكي يحاكي نقل وتصدير وشحن البضائع خلال أقل من دقيقة.
حتى في السياسة نتأخر للأسف. ننهمك بوضع إرشادات للذكاء، فيما الكون يمارس الذكاء من سنين.
تتطور تقنية «الحوار والضيوف»، حتى على شاشات العدو الإسرائيلي، مثل شبكة كان، فيما فضائية «رؤية» تستضيف ثلاثة أشخاص للحديث في موضوع واحد يقولون ما لا يمكن تتبعه أو إدراكه.
عمليا لم يعجبني الخلط يوما بين سلسلة من الأخبار المغرقة في محليتها ثم الانتقال فورا وعلى شكل «صدمة» لمشاهدة أخبار دولية يعلق عليها أشخاص محليون ثقافيا.

لعلع الرصاص

حصل ذلك معي كمشاهد، فما كدت أستوعب ما قيل عن زيارة اردوغان إياها حتى وجدت نفسي غارقا بسؤالنا المحلي القديم، وعلى نفس النشرة والتوقيت نفسه: متى نتخلص من التخصصات الراكدة في التعليم العالي؟ وبعدها مباشرة: عطوفة الأستاذ. لماذا يصر شعبنا على إطلاق الرصاص ابتهاجا بنتائج الثانوية العامة؟ لدي جواب: فقط الشعوب المهزومة في كل المسارات المهمة تعلي من شأن الرصاص، عندما يلعلع لأن إبن أحدهم تخطّى للتو امتحان الثانوية وسينضم قريبا لأرقام البطالة في جامعات فقدت منذ سنين قيمتها، بدون تعميم طبعا، فيما صوت الفاضل المحنك الدكتور أحمد عجلوني يصيح: «أيها الشعب المحترم.. نرجوكم اتجهوا للتعليم التقني».
لا أحد يريد الإصغاء للفاضل العجلوني، الذي تحدث العام الماضي عبر شاشة فضائية «رؤيا» بالنصيحة نفسها، فيما مذيع أخبار التلفزيون الرسمي «بح صوته»، وهو يعيد ويزيد في تعليمات الأمن العام التي تحذر من إطلاق الرصاص ابتهاجا.
رغم ذلك سجلت احتفالات الثانوية ثلاثة قتلى على الأقل بالرصاص العشوائي.
شعبنا لا يستطيع الابتهاج إلا بالذهاب إلى أقصى مسافة في إظهار السرور الجاهل عبر إطلاق  رصاصات مجهولة في حارة أو خيمة، فتصيب  بريئا في مخبز أو على الرصيف في حارة أخرى.

النووي في «الجزيرة»

قناة «الجزيرة» من جانبها مشغولة تماما بتغطية النقاش الكوني والدولي المرتبط بمحطة زابوريجيا النووية، والتي تثبت مجددا أن العالم غرفة صغيرة، فيما عشرات المراسلين في المستنقع الأوكراني .
ما كادت «الجزيرة» تتفرغ من تغطية حكاية «القمحات» حتى تشكل طاقم جديد لمتابعة رواية زابوريجيا النووية، حيث كاميرا وخوذة ومراسل «نووي» هذه المرة يتنقل بين الزوايا في فيلم كوري أو تركي طويل جدا وممل لا ينتهي.
«العالم حيئطع بعض يا أبو حميد!»
قالها «الواد مرسي» للواد «أحمد»- بالمناسبة رحمهما الله-  في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التي أعادت «أم بي سي» بثها مؤخرا.
ونقولها لفخامة الأخ السيد الرئيس الروسي «العالم حيئطع بعض بسببك يا أبو فلاديمير!»

«أبو الكاكي»

 زيلنسكي مصر على إخضاع «روسيا العظمى»، وبدأ يتحرش بجزيرة القرم، بمعنى «العودة للماضي» أيضا والعملاق الروسي لا ينبغي جرح مشاعره إلى هذا الحد، أما العالم فليذهب إلى الجحيم، وليغرق في الظلام و»ليحترق جله» على طريقة معظم رؤسائنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى