اراء و مقالاتمقالات وآراء

لأول مرة في الشارع الأردني أسئلة «سياسية رمضانية»: أين «القطايف والكنافة»؟ وأجوبة «الحظر» عالقة

لماذا يمتدح صندوق النقد الدولي إجراءات العسعس – الرزاز؟

 

بدأ الشارع الأردني يسأل: ماذا سيحصل في شهر رمضان المبارك؟ الاستفسار هنا ليس سراً أنه «حائر» ويطال العمل وتدبير النفقات وطقوس الشهر الفضيل بعد دخول الحظر والعزل العام شهره الثاني.
في الفضاء العام تساؤلات تفصيلية كثيرة لها علاقة بـ»تفهم الناس» وتقبلهم لفكرة العزل وعدم التنقل ومستوى التزامهم الذي أشاد به رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، مقترحاً على الأطفال إطلاق «طيارات ورقية».
تلك تساؤلات تؤشر على أن الرهان ينبغي أن لا يطول، ليس بسبب الحالة السيكولوجية فقط، ولكن لأن نخباً مهمة في صف الدولة بدأت تسأل بدورها وعلناً أحياناً عن كلفة المغامرة بإطالة أمد الحظر، ولأن الشرط المالي ضاغط بقوة على العائلات في ظل أزمة كورونا. وخيارات الحكومة، وإن كانت عميقة، لا تزال «بطيئة» وغير شمولية ولا تقوم على مبدأ التشاركية.
لا أحد يريد في مؤسسات القرار المجازفة بـ»احتقان شعبي». لكن مقربين من الرزاز يشيرون إلى أنه بدأ يؤمن بمسار التشدد في الإجراءات والحذر الشديد، وبدأ يعتقد أنه «يثمر» ويقدم حكومته بصورة فعالة على الأقل في المجتمع الدولي.

مسألة المجتمع الدولي هنا تبدو أساسية في معادلة الحكومة على الأقل، بدليل أن بعثة صندوق النقد الدولي، وعبر رئيسها كريستوفر جارفس، امتدحت الثلاثاء، بعد لقاء مع وزير المالية محمد العسعس، «الأداء الأردني».
جارفيس توقع أن يستعيد الاقتصاد الأردني وتيرة نموه بشكل أسرع من الدول الأخرى، نتيجة الإجراءات الصحية والاقتصادية التي اتخذتها الحكومة للحد من تبعات أزمة كورونا. وفي قياسات الرزاز والوزير العسعس، تلك «شهادة أساسية» قد تحظى بالأولوية، لأن توفير فائض مالي هو وحده الكفيل ببناء إمكانية لاستدراج استثمارات «مدروسة» وفعالة وسريعة، وهي العبارات التي تستخدم اليوم في عمق المؤسسات السيادية.
لكن هذه القياسات لا تكفي اليوم للإجابة عن «تساؤلات الشارع» ومخاوف الاسترسال في «المنع» على أساس «فوبيا كورونا» فقط، فالجمهور وصل انشغاله للنقاش حول أسباب غياب حلويات القطايف الشهيرة التي لم يسمح بعد للمخابز بإعدادها وبيعها رغم أن المسألة لا تختلف عن الخبز.
الجمهور يطرح أيضاً الأسئلة البسيطة التي تخصه بعد إلغاء صلاة التراويح: هل سيسمح لنا باستعمال السيارات في شهر رمضان؟.. من أين سيتدبر الناس في ظل الإغلاق كلفة الإنفاق؟.. ماذا سيحصل في أول يوم رمضاني.. هل سيتجدد الإغلاق الشامل؟
كل تلك أسئلة أساسية بالنسبة للمواطنين الذين حشرتهم أزمة كورونا في بيوتهم، فيما منظمة الصحة العالمية تصر على التحذير من الرفع غير المدروس لإجراءات العزل.
طبعاً، على الواجهة الحكومية أحياناً لا توجد «إجابات»، فالحكومة نفسها لا تعرف ماذا سيحصل، والارتجال متاح، والعمل في البيروقراطي اليومي بالقطعة والتقسيط وحسب مؤشرات وتوجيهات وزير الصحة النشط سعد جابر ومجموعة الاستقصاء الوبائي التي أبدعت في العمل.
وفقاً لمصدر وزاري، ما يحصل أحياناً هو صعوبة تقديم الإجابة علناً، وبالتالي الامتناع عن «شفافية» غير ضرورية في القضايا الصغيرة، فالرأي العام مثلاً لا يعرف بعد السبب المباشر في الإصرار على إغلاق محلات صناعة الحلويات وتحديداً «الكنافة»، وعدم حسم مسألة القطايف رغم أن العديد من القطاعات اشتغلت. لا يعرف الجمهور مثلاً أن الهدف من ذلك هو مادة «السكر»، بمعنى الحد من استعمالها خصوصاً في شهر رمضان المبارك بهدف إبقاء الاحتياطي الاستراتيجي منها في المخازن، ما يعني ضمنياً عدم الثقة بأن القطاع التجاري يمكنه استيراد المزيد من المادة لاحقاً بسبب تعقيدات لا علاقة لها بالبلاد.
هنا وفي مسألة الحلويات الرمضانية يبدو الاتجاه حكيماً.
لكن الرأي العام لا يعرف الخلفيات، وليس المطلوب منه أصلاً أن يعرف بالقدر المطلوب منه فيه أن يتفهم أن الكثير من الأشياء تغيرت، كما يوضح الناطق الرسمي الوزير أمجد العضايلة، الذي نصح الأردنيين علناً مرات عدة بالاستعداد للتغيرات السلوكية، وهو أيضاً ما تقترحه منظمة الصحة العالمية.
عندما تحدثت «القدس العربي» مع الوزير العضايلة مرتين على الأقل مؤخراً كان التركيز شديداً على ضرورة فهم التحولات التي حصلت وستفرض نفسها، حيث الحكومة معنية بدعم وإسناد السلوك الإيجابي في المجتمع وسيتكفل القانون بالتعاطي مع السلبي. الحكومة تقوم بعمل معقد للغاية، وثمة كلفة في أي إجراء باتجاه التشدد في تطبيقات الحظر والعزل الاجتماعي أو في الاتجاه المعاكس.
لكن المعاناة كبيرة في المقابل في الشارع، والوزير العضايلة ورفاقه يعلمون بذلك ويتحدثون عن قدرات هائلة على مواصلة الصبر والصمود في معركة «يتكفل الأردنيون بها». ما يريده بالتوازي بعض المراقبين أن لا يتحول «إرضاء المؤسسات الدولية» إلى منهجية يمكن أن تؤثر سلباً على «يقين» الشارع وسلوكياته وتقلباته النفسية جراء الحظر، ولا على المنجز المتحقق حتى الآن، حسب نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، الذي يطالب بترشيد ذكي وتشاركي في مسألة «تحريك العمل».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى