اراء و مقالاتمقالات وآراء

«نبأ سار» أسعد «إخوان الأردن» بعد 14 عاماً: 25 قيادياً أبرياء بتوصية محكمة التمييز وملف «أم الجمعيات» الخيرية يعود إلى الواجهة

يبدو بمثابة خبر أكثر من سار للإسلاميين في الأردن رغم أنه متأخر زمنياً 14 عاماً على الأقل. منسوب الاحتفال بالنبأ السعيد عند قادة ورموز الحركة الإسلامية له ما يبرره عملياً، فجماعة الإخوان المسلمين بصدد المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
والجناح المتشدد في الماضي سياسياً وأمنياً ضد مؤسسات الحركة خسر، بقرار قضائي، أقدم معركة مع مجموعة سياسية في تاريخ القضاء الأردني.
يتعلق الأمر طبعاً بقرار محكمة التمييز الأردنية العليا الصادر أمس الأول بخصوص نزاع محتمل مع السلطات على تبعية جمعية المركز الإسلامي من الناحية الإدارية. تلك الجمعية توصف بأنها «أم الجمعيات الخيرية» فهي ضخمة جداً ومن أهم مؤسسات التشبيك القانونية الآن بين الإسلاميين والمجتمع الأردني.
اعتبرت محكمة التمييز في قرارها بعد 14 عاماً من النزاع القضائي أن كل الاتهامات التي وجهت في الماضي، وعام 2006 تحديداً، غير قانونية وتخفق في جمع البينات على النحو الأصولي. وبمعنى آخر، بطلان قانوني لخطوات وإجراءات اتخذت ضد أهم مؤسسات الحركة الإسلامية عام 2006. والأهم بطلان قانوني لاتهامات لها علاقة باستغلال الوظيفة والإثراء، منها ضد نخبة عريضة جداً من رموز وقادة الحركة الإسلامية يصل عددها إلى نحو 25 قيادياً ورمزاً على الأقل.
قرار محكمة التمييز اعتبر أن القرارات القضائية الصادرة من محاكم أدنى سابقاً أخطأت وخالفت القانون، ولم تقم بوزن البينة وزناً دقيقاً، وتضمنت الاتهامات أيضاً جنحة الإهمال بالوظيفة وإساءة الائتمان والتدخل بالاستثمار الوظيفي. ويبدو أن تلك الاتهامات صدرت ضد الجمعية في عهد حكومة الرئيس معروف البخيت، وتم التسريع بالاتهامات دون هندسة قانونية ولأسباب سياسية آنذاك.
لافت جداً أن القرارات التي أبطلها التمييز في السياق طالت رموزاً تاريخية في حركة الإخوان المسلمين، بعضها رحل وتوفي، ومن بينها المراقب العام السابق للجماعة الدكتور همام سعيد، والقيادي البارز في تيار الصقور الدكتور محمد أبو فارس. كما تضمنت الأحكام أسماء كبيرة لنواب سابقين للتيار الإسلامي ولرجال أعمال، وحيكت الاتهامات التي أخفقت المحكمة بإقرار التمييز بوزن البينات عليها على أمل التشكيك بنزاهة نحو 25 شخصاً من الأطر القيادية في الإخوان المسلمين.
تلك كانت من أطول القضايا، وقد يشكل قرار التمييز الجديد مفتاحاً ليس لإعادة أم الجمعيات إلى حضن الجماعة الإخوانية، ولكن لإنصاف القادة الراحلين أو الذين تم التشكيك بهم، والأهم للتشكيك بجملة واسعة جداً من قرارات وإجراءات اللجنة المؤقتة التي شكلتها الحكومة قبل 14 عاماً لإدارة جمعية المركز بعد أن اختطفت سياسياً، كما يقرر قادة الحركة.
الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، الشيخ مراد العضايلة، كان أول من أعلن بحماسة عن النبأ الجديد والسار، وقال في تغريدة تواصلية له: وأخيراً، وبعد 14 سنة في أروقة القضاء، إعلان براءة جميع المتهمين في قضية الجمعية الذين تم كف يدهم وتم تحويلهم للقضاء عام 2006.
ورحب السياسي مروان الفاعوري بالقرار، متسائلاً، وهو يتحدث لـ «القدس العربي» عن إصلاح الخراب الذي نتج عن ما حصل عام 2006. وتحدث الفاعوري عن أيتام وأرامل وضعفاء كانوا يستفيدون من جمعية تفوق خدماتها وزارة التنمية الاجتماعية. وسأل من ينصف الأبرياء الذين ماتوا وهم يشعرون بالظلم… ومن يصلح الخراب والفساد الذي ألحقته لجان الحكومة عبر 14 عاماً؟
قرار محكمة التمييز يعيد الاعتبار سياسياً أيضاً لمنطوق ومضمون إدارة الإخوان المسلمين لمؤسساتهم في المملكة. ويقول باسم القضاء المستقل بأن نظافة اليد لها عنوان عملياً حتى ولو بعد 14 عاماً وبصرف النظر عن قرار الحكومات المتعاقبة بتجاهل تظلم الإسلاميين بعد طردهم من جمعيتهم الضخمة وتكليف عدة لجان مؤقتة بإدارتها تتبع وزارة التنمية الاجتماعية.
مفيد جداً، في السياق السياسي، الانتباه إلى أن قرار التمييز الأردني صدر بالتزامن مع الانتخابات المقبلة وبصيغة لا توحي فقط بأن القضية المقامة ضد الجمعية ومؤسسيها كانت تعسفية، بل وبأن إدارة مثل هذه المؤسسات بإشراف حكومي قد لا يقل تعسفاً، وهو ما ألمح إليه الفاعوري وآخرون.
لكن الأهم أن هذا القرار، بوضوحه ونصه، سيقدم خبرة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات المقبلة مع الشارع الأردني، وبصرف النظر عن كل ما يقال ضد التيارات الإسلامية في الإعلام الرسمي أو في الغرف المغلقة.
بقي على الإسلاميين وخصومهم أيضاً تحديد وترسيم مصير ملكية عقارات ومقرات تعود للجماعة، التي كانت محكمة التمييز أيضاً قد اتخذت قراراً ضدها بعنوان أنها فقدت القدرة على تجديد رخصتها القانونية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى