اراء و مقالات

«بقاء… استقرار»: دراما دبلوماسية أمريكية تضغط على الأردن… واحتياجات المياه قفزت فجأة إلى 11 مليار متر مكعب

عمان- «القدس العربي»: يبدو أن الإدارة الأمريكية تلقي بثقلها وبشكل ملحوظ وملموس ومفاجئ وراء اتفاقية الكهـرباء مقـابل الماء بين الأردن وإسـرائيل، حـيث يتابع الرأي العام والشارع الأردني ونـواب البرلمان حملة أمريكية دبلوماسية مكثفة في هذا الاتجاه بدأها أمس الأول السفير الأمريكي في عمان، هنري ووستر، عندما اعتبر مسألة تنويع مصادر المياه للأردن «استقراراً وبقاء للمملكة».
الشعور يتعاظم بمبالغات أمريكية درامية بعنوان أزمة المياه في الأردن، وبأن الضغط الأمريكي الدبلوماسي على جميع الأطراف المحلية أصبح مكشوفاً للغاية.
وبناء عليه، الهدف الأبعد قد يكون -حسب العديد من المراقبين وحتى أعضاء البرلمان – المدلول السياسي لتلك الاتفاقية التي تعارضها السعودية بوضوح، لكن توفر لها الغطاء المالي والسياسي دولة الإمارات العربية المتحدة.
بعد تصريحات السفير الأمريكي ومسؤولة أمريكية أخرى لها علاقة بالوكالة الأمريكية للنماء والتنمية، حضرت للمنطقة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي يائيل لمبرت، في طريقها لعمان وضمن برنامج «غير سياسي».
والمعنى هنا أن وزارة الخارجية الأمريكية تلقي بكل أوراق الضغط على الجانب الأردني بالرغم من أن البرلمان يناقش تلك الاتفاقية تحت عنوان التطبيع، علماً بأن وزير المياه الدكتور محمد النجار، عقد لقاء مع نخبة من الشخصيات في مجلسي الأعيان والنواب ووزراء المياه السابقين، ويبدو أن لقاء النجار المتأخر هنا، الهدف منه تسويق تلك الاتفاقية مجدداً، خصوصاً أنه تحدث عن حاجة بلاده لنحو 11 مليار متر مكعب من المياه سنوياً لتلبية كل الاحتياجات.
الرقم الذي أدلى به النجار كبير جداً وضخم، ولم يرد على لسان أي من المسؤولين الأردنيين في الماضي، والحديث عن الحاجة لـ 11 مليار متر مكعب من المياه يفترض أن يؤدي إلى إسكات كل الأصوات التي تعارض اتفاقية الكهرباء مقابل الماء، رغم أن عوائد تلك الاتفاقية على الإسرائيليين لا تتجاوز إنتاج أو تلبية 2% فقط من احتياجاتهم للكهرباء عبر مزارع للطاقة الشمسية تقام بتمويل إماراتي في الأردن وتحت لافتة اتفاقية لأغراض تجارية وليست سياسية أو سيادية، كما قال السفير الأمريكي.
خلال نقاشات سابقة عبر الإعلام أو تحت قبة البرلمان، لم يتطرق وزير المياه الأردني إلى هذا الرقم الضخم من مليارات الأمتار المكعبة، والشارع الأردني كان تحـت انطـباع بأن حـاجة البلاد سـنوياً لا تزيد عن مليار واحد من مليار متر مكعب من الميـاه، ولـكل الأغراض، وفقاً لما أشارت له النائبة صفاء المومني وهي تتحدث لـ«القدس العربي».
حضور مساعدة وزير الخارجية الأمريكي إلى عمان خلال الساعات القليلة المقبلة يهدف إلى الضغط على الأردنيين، لكنها حملة دبلوماسية أمريكية توحي بأن الإدارة تجاوزت زيارة وزير الخارجية الأسبق ومبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون ملف المناخ جون كيري إلى العاصمة الأردنية.
وتعني هذه الإطلالة الدبلوماسية الصعبة والمعقدة على الأردن بأن واشـنطن تسعى لإنقاذ الاتفـاقية، خصـوصاً وأنها بين يدي البرلمان وتسببت بإنتاج أطنان من الفعاليات التي تعارض التطبيع مجدداً.
وعليه، تظهر الدبلوماسية الأمريكية بنعومة في المشهد عبر زيارات مكوكية واجتماعات وتصريحات في عمان لهدف مفترض واحد على الأرجح، وهو إبلاغ الرأي العام الأردني بأن إعاقته لتلك الاتفاقية تعني المساس باستقرار الأردن وتهديد البقاء، وهي صياغات في الواقع لم يستخدمها حتى الوزير النجار ولا رئيس الـوزراء الأردني بشـر الخصاونة.
وتلك صياغات في اللغة، تحاول تسويق تلك الاتفاقية، لا تنتمي للأدبيات التي استخدمتها طوال الوقت الحكومة الأردنية وهي تحاول تمرير وعبور تلك الاتفاقية، مما يعني أن الثقل الدبلوماسي الأمريكي يرمي بنفسه وراء تلك الاتفاقية، والأسباب لا تزال غامضة بالنسبة للنخب السياسية، وإن كان السيناريو المرجح أن المطلوب النفاذ بواحد من أضخم مشاريع صفقة القرن الشهيرة التي لا تزال على قيد الحياة، برأي السياسي الأردني والبرلماني البارز الدكتور ممدوح العبادي، على هامش نقاش مع «القدس العربي».
والدليل على ذلك أن برنامج زيارة الدبلوماسية الأمريكية عندما تزور عمان محصور بلقاء وزيري التخطيط والمياه، وهذا يعني أن اتفاقية الكهرباء مقابل الماء هي أساس هذه الزيارة، وأنها زيارة خالية من أي أجندة سياسية أخرى، ولن تناقش أي تطورات لها علاقة بالإقليم أو بالقضية الفلسطينية.
وهي في هذه الحال، محصورة في مواصلة الضغط على وزراء الأردن لإنجاز تلك الاتفاقية وتوفير ملاذ عبر منع مجلس النواب من إقرارها أو اعتمادها، مع أن سياسيين كباراً، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، لا يمانعون الاستنتاج بأن المطلوب وبشدة في المرحلة اللاحقة التشبيك مع إسرائيل عبر مشاريع سلام إقليمية وبنيوية، ثم إدماج إسرائيل بالمنطقة مجدداً.
وذلك يحصل – في رأي السياسي العبادي- دون «ثمن سياسي» أو دون إنصاف الشعب الفلسطيني وحتى دون إحياء عملية السلام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى