اراء و مقالاتمقالات وآراء

هوس في الأردن بالسؤال الأصعب: أيهما قبل الآخر الاقتصادي أم “الفيروسي”؟

أيهما بصورة مفصلة ومحددة قبل الآخر، الاقتصادي أم الفيروسي؟

الإجابة على هذا السؤال المهم أدخل النخب الأردنية في حالة هوس بحثا عن صيغة أو معادلة يمكن أن تشكل “وصفة” يلجأ لها المطبخ السياسي مع تكرس القناعة التامة بأن أزمة كورونا “أطول بكثير مما يتصور أصحاب القرار والشارع”.

ثم تكرس القناعة أن على المجتمع الأردني الاستعداد لمرحلة طويلة من قرارات “الحظر والعزل” التي تؤثر بطبيعة الحال على أطراف العملية الإنتاجية في المجتمع ضمن صنف من التحدي يحتاج لـ”شراكة ” أكثر بكثير من “التشاور” حسب الخبير الاقتصادي موسى الساكت.

وهي مرحلة ليس سرا ان ما يجعل أسئلتها أكثر أهمية، مشارف شهر رمضان المبارك بكل المعاني الاجتماعية والتجارية والاقتصادية حسب رئيس غرفة تجارة عمان النشط جدا في التصدي للأزمة خليل الحاج توفيق.

الخيار الاستراتيجي للدولة العميقة والقيادة في الأردن واضح اليوم ومحدد ولا ينافسه أي خيار آخر، قبل أي وكل شيء “احتواء الفيروس” وضبط الايقاع الشعبي وإكمال الجهود الجبارة للجيش والأمن وقطاع الصحة ثم النقاش ببقية التفاصيل.

في تقدير نقيب المهندسين أحمد سماره الزعبي، لا نقاش في محورية الأولويات الخاصة بالصحة العامة والاحتواء الوبائي، لكن السؤال يتعلق بالمعادلة التي تمنع السير الجوهري والعميق والتدريجي في خطوط متوازية عند إدارة الأزمة.

 الزعبي وعلى هامش نقاش تفصيلي معه فهمت “القدس العربي” أن النجاح مرتبط عمليا بتحويل الأزمة إلى فرصة والنقص واضح في تأسيس شراكات مع خبراء المجتمع والسوق وأطراف الإنتاج وكذلك مع مؤسسات المجتمع المدني والنقابي.

بوضوح يطالب نقيب المهندسين أن تقفز آليات الحوار والشراكة إلى مستويات متقدمة بالتوازي مع حماية الخطط الأمنية والطبية، وبالرغم من وجود ملاحظات على الطاقم الذي يدير الأمور في المستوى الحكومي مسجلا بأن النقابات المهنية وأهمها نقابته، عمليا صمتت وامتثلت للخط الوطني المقرر واتجهت لعدم المزاحمة بسبب إدراك المخاطر لكنها تستطيع كبيت خبرة، المساعدة في الكثير من المساحات.

الشعور نفسه عمليا موجود عن البنية الحزبية، حيث يصر الأمين العام لأهم أحزاب المعارضة الشيخ مراد عضايلة على أن الفرصة التشاركية ينبغي أن لا تفوت مقدرا الجهد الحكومي ومحذرا من الاستمرار في سياسات الإقصاء أو حتى استغلال الظروف.

الأردني البسيط اليوم يريد أن يفهم ما الذي سيحصل معه بعد التصدي لفيروس كورونا؟ هذا سؤال له علاقة بالاطمئنان العام طرحه الناشط السياسي الإسلامي مروان الفاعوري وهو يتحدث وعبر “القدس العربي” عن “توسيع مستوى التحاور الوطني” والإصغاء لأصحاب الخبرة، محذرا من الاستئثار بالمشهد على حساب الحاجة الملحة وطنيا لتوسيع المصالحة والإصلاح بالبعد الوطني حيث خطط ومسارات وإجراءات ومواقف وثوابت مؤسسات العمق والسيادة خارج الجدل الآن في فرصة تاريخية ينبغي استثمارها فعلا.

سؤال الفاعوري نفسه لا يبدو “منصفا” في رأي جبهات نخبوية متعددة، لأن الفيروس معركة فرضت ولإن إكمال أي مسيرة ينبغي أن يعقب التمكن من حماية صحة الأردنيين والحفاظ على بنية وقدرة نظامهم الصحي وفي ظل امكانات مالية يعرفها الجميع.

عضو البرلمان والوزير الأردني الأسبق والسياسي الخبير الدكتور ممدوح العبادي له رأي مثير في هذا الصدد.

العبادي يعيد عبر “القدس العربي” وتعليقا على مقال لمراسلها في عمان، توجيه تحية خاصة للأولوية الصحية على حساب بقية الأولويات، مؤيدا كل الإجراءات التي تتخذها بكفاءة السلطات في مجال العزل الاجتماعي ومعترضا على أي مرونة في هذا الاتجاه ولأي سبب.

في مقايسات العبادي أي أولوية أخرى مثل الاقتصاد أو غيره يمكن تأجيلها الآن وبدون تردد لحساب مواجهة جائحة تجاوزت عالميا أنها “وباء فقط” على أن تعود السلطات لاحقا وعند الإنجاز الطبي لبعض الخطوات المعيشية بالتدريج.

لكن العبادي الذي يصر على التحدث كـ”طبيب وسياسي وطني” معربا عن إقراره بوجود “جهد كبير” تبذله المؤسسات الصحية والأمنية في مرحلة صعبة يتصور أن الفرد الاجتماعي يمكن فعلا أن يحتاج لقيادته إلى الجنة بالسلاسل.

في كل حال لا يتردد العبادي ومعه آخرون في الهرم النخبوي الأردني، في تأييد حماية المجتمع وفرض خطوات ملزمة ولو بقسوة من أجل حماية الصحة العامة على أساس أن القوانين النافذة أصلا تضمن ذلك ولا حاجة لتطوير منظومة تشريعية جديدة خارج سياق تفعيل قانون الدفاع.

 لكن بالنسبة للنقيب الزعبي وللفاعوري ولغيرهما احتواء الفيروس والوقوف خلف الدولة في المواجهة من “المسلمات” ولا يمكنها ان تخضع للنقاش، أما التحاور فله علاقة بمفاصل مرتبطة بكيفية إدارة الأولويات على أي أساس تنفيذي وبأي كلفة وسط ضجيج المخاوف ببعدها الاجتماعي والصحي واليوم ببعدها المستقبلي والاقتصادي في كل الأحوال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى