اراء و مقالات

هل يقرأ الأردن «التجربة المغربية»؟… «ألغام» عشية «الحوار»… و«القدس العربي» تعرض «الأفكار الأولية»

عمان – «القدس العربي» : ثلاث مسائل أساسية ينشغل بها المعنيون ويفترض أن تحسم قبل الإعلان عن ولادة وتركيبة لجنة الإصلاح الوطني الجديدة في الأردن، التي بات الإعلان عنها وشيكاً جداً.
المسألة الأولى متعلقة بضمانات أن تسير «الدولة العميقة» صاحبة حصة النفوذ الأكبر في التحفظات، بمسافة متوازية مع اللجنة المشار إليها وبصيغة تدفع النقاشات والحوارات إذا كانت متزنة ومعتدلة بعيداً عن ما يسميه الباحثون بالموسم الإصلاحي.
المسألة الثانية تلك المرتبطة بتمكين رئيس اللجنة الجديدة بصرف النظر عن هويته وخلفيته السياسية من العبور بين حقل الألغام الذي سيمشي فيه حتماً وهو يؤسس لتوازنات من الوزن الذي ينسجم تماماً مع الرؤية الملكية، ويساعد في تحقيق الشرط الغائب، أو ما يسمى بالشرط الميت حتى الآن، وهو الوصول إلى صياغات إصلاحية صلبة ومتمكنة وخالية من الشغب والمناكفة البيروقراطية.
أما المسألة الثالثة، فهي تخص تجاوز ذهنية المصفوفات والمحاصصة في ترتيب تركيبة أعضاء اللجنة بصرف النظر عن رئيسها، فالحاجة ملحة ليس للتنويع والتعمق فقط، حسب السياسي والخبير سامح المجالي، بل لمسافة أمان في العصف الذهني الوطني تنتهي فعلاً بإجراءات وتعيد المجد الذي فقدت النخب بعضه في الماضي للأداء والإنجاز.
يحتاج إنجاح الوصفة الإصلاحية الجديدة في المشهد الأردني إلى ما هو أكثر من تركيب لجنة حوار واختيار رئيس لها يملك القدرة على الاشتباك والمناورة والوصول إلى صيغ لا تتنافس ولا تتزاحم بأي حال مع ثوابت الدولة.
برأي الرئيس المستقيل للتو للمجلس الاقتصادي الاجتماعي وصاحب الخبرة الرفيعة والكبيرة الدكتور محمد الحلايقة، فالمطلوب من اللجنة والأطر مقاربة جريئة بمستوى التحدي لا تقف عند حدود زرع الأمل في أنفس المواطنين، لكن تنتجه وتحوله إلى منتج ملموس بين الأيدي يواجه الاحتقان والإحباط ويمنع، كما فهمت «القدس العربي» من الحلايقة، تراكم الأسئلة بلا أجوبة، خلافاً لأنه يمنع الاسترسال في تفخيخ المجتمع والإقامة الطويلة في التجاذب.
على جبهة القصر الملكي وتحديداً في الطاقم العامل مع مكتب الملك، الجهود كبيرة واستثنائية لرفع منسوب التوقعات حتى وإن كان هذا الرفع مجازفة إضافية ضارة جداً إذا لم تتلازم بوصلة ومسارات الدولة قبل اللجنة وتعبيراتها، الأمر الذي يدفع الإسلاميين للتذكير مجدداً بأن الدولة والنظام يحتاجان إلى الإصلاح الآن.
وهي قاعدة عمل لم يرصد إطلاقاً، في الأسابيع الأخيرة في الصف الرسمي تحديداً، أي رأي يعارضها. وبالتالي، يمكن القول وبضمير سياسي مرتاح، بأن القناعة في مراكز القرار شبه مرجحة بالحاجة إلى تصويب الأوضاع. فالإقرار بإطلاق مبادرة الإصلاح الشامل ثلاثية المسار، في السياسية والاقتصاد والإدارة، يعني ضمناً الإقرار المركزي بوجود خلل واحتياجات إصلاحية منقوصة وبضرورة التصويب والإصلاح.
يمكن القول ابتداء، بأن اللياقة المرجعية دفعت باتجاه هذا الإقرار مرتين في غضون أقل من أسبوع واحد.
الملك عبد الله الثاني تحدث عن الأوراق النقاشية الملكية علناً، وألمح إلى أنها قد تعتبر دليلاً لدرب الحوار الوطني الإصلاحي، والملك نفسه تحدث علناً أيضا عن «تجديد الدولة».

إشكالان

إشكالان لم يحسما بعد في السياق. الأول يتعلق بتعريف دقيق لاحتياجات هذا التجديد، وشكله، وفحواه، ونتائجه، والأهم تداعياته ضمن ما يصر وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر على تسميته بـ»قوى الأمر الواقع».
والثاني، الإشكال المرتبط بردة فعل أو كيفية تصرف قوى الأمر الواقع مقابل أي وصفات أو صفقات إصلاحية طازجة يمكن أن تطرح على الطاولة.
.. هنا تحديداً المشهد غامض أو غير واضح، والاعتقاد وسط السياسيين راسخ بأن استبعاد وجهات نظر مكونات أساسية في بناء الدولة عن تحضيرات وترتيبات طبخة الإصلاح الجديدة، يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى استقطابات وتجاذبات من الطبيعي القول بأنها ستنتهي بـ»تفخيخ» الحوار الوطني إياه بعد وقبل أن يبدأ وفي الأثناء.
لا أحد يعلم بعد كيف تمت عملية هندسة مشروع لجنة الحوار الوطني الجديدة وعلى أي أساس من الشراكات. ولا أحد يعلم بالمقابل، من أين يمكن أن تأتي الخصومة مع مفردات اللجنة، فمراكز التيارات المحافظة الصلبة والقوية سبق أن أعاقت العديد من وصفات الإصلاح والإقرار العام، مرجعياً وحكومياً، بالحاجة الملحة لإصلاح ليس أفقياً بعد. و في كل حال، انطلقت المبادرة الملكية وبدأ القوم يشتبكون مع التفاصيل.
وفي أهمها، لفظياً حتى الآن، شبه توافق في القرار على السقف الذي يمكن أن تصله اللجنة في حواراتها بعد إعلانها ضمن خطة اتجاه عام لنهايات محددة بعد أربعة أشهر، هي السقف الزمني لورشة الإصلاح المعنية لوضع وصفات الإصلاح المنشود، التي قد تتضمن بطبيعة الحال ضرورات ملحة بالتوازي لـ»تصليح» بعض مظاهر العطب في الإدارة تحديداً، حيث يحتاج القطاع العام للكثير، وفقاً لما أقر به أمام «القدس العربي» أيضاً رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة.
في الاتصالات الهاتفية التي أجريت من طاقم الديوان الملكي مع بعض الشخصيات التي اختيرت لعضوية اللجنة، ثمة معلومات ومعطيات وأحياناً عبارات محددة، من بينها مثلاً تعديلات دستورية تناسب ما سيتفق عليه.

رئاسية صلبة

ومن بينها حتى اللحظة، ما لم تتغير الأجندة لرئاسية صلبة لتلك اللجنة، قادرة على الاتصال المباشر وأحياناً الضغط في مركز القرار دون القنوات الكلاسيكية الوظيفية، إضافة إلى عبارات رميت هنا أو هناك بعنوان الانتهاء بصيغة ما لـ»تداول السلطة نسبياً ولاقتراب أكثر، لكن بلوغاريتمات أردنية من النموذج المغربي. وبين العبارات أيضاً قانون انتخاب بصوتين مع 80 دائرة انتخابية و40 مقعداً لقوائم وطنية.
وضوء أخضر يسمح بمرحلة انتقالية تشكل بعدها حكومة أغلبية برلمانية وحسم أكثر لجدلية العلاقة بين الأمني والسياسي والتعديلات على تشريعات الأحزاب واللامركزية، والعمل أيضاً على استقلالية وتطوير القضاء ووقف التغول تحت عنوان مكافحة الفساد، واقتراب خجول مرحلياً من السؤال العالق منذ عشرين عاماً «من هو الأردني»؟
تلك تبقى أفكار ومهامسات أولية مع رئيس وبعض أعضاء اللجنة المرتقبة، لكنها دوماً قابلة للخصومات. ومجدداً، حسم المسائل الثلاث المشار إليها سالفاً هو نقطة الجذب الأساسية في تبيان منسوب الجدية من عكسها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى