اراء و مقالات

الأردن: «تنظيف» الذاكرة السياسية قبل سيناريو انتخابات مقبلة

أمام الحكومة المعدلة الآن سقف زمني قوامه 8 أشهر لتمهيد الأرض والبيئة المؤسساتية العامة أمام لاعبي مساري التحديث والتمكين الجدد، وهي مهمة لا تبدو سهلة.

عمان ـ «القدس العربي»: هل يتجه الأردن نحو انتخابات مبكرة قليلا في إطار السعي لتنظيف الذاكرة السياسية مما سمي يوما بهندسة الانتخابات؟

يبدو السؤال مستعجلا قليلا لكن واحدة من تجليات التفويض الجديد الذي حصلت عليه عبر التعديل الوزاري الأخير حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة هو ذلك الذي يوحي بان لدى مركز القرار تصور وبرنامج عمل في العام 2023 حصرا. وهو عام في غاية الأهمية بالنسبة للأجندة والبوصلة السياسية لأنه وحسب الناشط البرلماني والسياسي والحزبي محمد الحجوج عام تكريس المصلحة الوطنية والتفاعل الإيجابي مع الرؤية المرجعية الخلاقة بمعنى عام ترتيب الناس في المستوى الحزبي لأوراقهم في إطار الحرص على يقظة جديدة تخدم الأجندة الوطنية ومقاربة التطوير واضحة المعالم في الحياة السياسية والحزبية.
عام 2023 محوري جدا بالنسبة لمسار رؤية ومشروع تحديث المنظومة السياسية وفي شهر حزيران/يونيو من العام نفسه تنتهي عمليا المهلة القانونية لتصويب الأحزاب السياسية القديمة لأوضاعها وفقا لمخرجات قانون الأحزاب الجديد.
وحسب ما كان يقوله أمام «القدس العربي» رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة سمير الرفاعي، فالعام المقبل يؤسس لمرحلة التحول والتدرج إلى الواقع الحزبي والبرلماني والتمثيلي والإصلاحي الجديد في البلاد.
وفي حال تتبع المراحل وفقا للأجندة الزمنية الموضوعة فبعد ربيع العام المقبل 2023 تبدأ المرحلة الأولى في التحضير لانتخابات برلمانية جديدة يفترض ان تحصل فيها أحزاب سياسية برامجية على عدد معقول من مقاعد التمثيل البرلماني. وهي حصة ستزيد بالتدريج للأحزاب السياسية ابتداء من الانتخابات المقبلة وحتى تصل إلى 9 سنوات بعد الآن على الأقل يصبح فيها البرلمان الأردني حزبيا بالكامل، الأمر الذي يسمح وقتها بتكريس مبادئ تداول السلطة بين أحزاب كبيرة ثم يسمح بسيناريو تشكيل حكومة أغلبية برلمانية.
بمعنى آخر وأخير شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو المقبلين في غاية الأهمية بالنسبة لمركزية عملية إنطلاق تحديث المنظومة. وهو واقع يعلم به جميع المنشغلين بالملف وهنا تبرز أهمية طي صفحة تشكيل حكومة جديدة وتمكين الخصاونة من تعديل وزاري هادف على طاقمه يطيل عمر الحكومة عمليا لمدة عام على الأقل.
وهذا الوضع سياسيا يوحي حتى بطي صفحة إعادة تشكيل الحكومة برئاسة الخصاونة أو غيره، لكن تتبع تصريحات رئيس الوزراء والناطق باسم حكومته الوزير فيصل الشبول يفهم ضمنا بان تركيبة التعديل الوزاري الأخير لها غرض ووظيفة وسياق وهو سياق من المرجح ان الحكومة بموجبه حصلت على تفويض جديد وهو تعبير استعمله الشبول علنا.
ومن المرجح ان هذا التفويض الجديد مرتبط حكما بمسارات 3 وثائق مرجعية هي تحديث المنظومة السياسية والتمكين الاقتصادي وإنفاذ توصيات وخطة تطوير خدمات القطاع العام.

مهمة ثلاثية صعبة ومعقدة.

لكن أنيطت بطاقم الخصاونة اليوم بعد تعديله ما يعكس قناعة مراكز القرار بان الخصاونة وطاقمه مناسبان لهذه المهمة الوطنية المثيرة وبمعنى تجهيز البنية البيروقراطية والمؤسساتية قدر الإمكان طبعا للتحول ثلاثي المسار.
تلك ثقة ملكية متجددة نادرة بطاقم الخصاونة لا تعجب بطبيعة الحال لا المعارضين في الشارع ولا حتى بعض النخب المخاصمة أو المنشغلة بمبدأ المساحات والكراسي والمقاعد كما هي منشغلة بملء الفراغات.
أهمية التعديل الوزاري الذي تقرر مؤخرا رغم انه لا يبدو مقنعا في المسار السياسي تنحصر في تلك المهمة الجديدة التي كلفت الحكومة الحالية بمواصفاتها مع ان بعض الشكوك متاحة بان يستطيع الطاقم الحالي تنفيذ هذه المهمة المفصلية وهو أمر يفترض ان ينتبه له جيدا بعيدا عن المجاملات رئيس الوزراء عبر تحفيز طاقمه ومتابعة تقييم الأداء وأيضا عبر تحريك الوزراء النائمين والحرص بشدة على إنجاح المهمة الثلاثية المطلوبة.
إلى ان يحصل ذلك تجدر الإشارة هنا إلى ان الوزارة الحالية قد تكون الأخيرة قبل الانتقال إلى مسار التحديث والتمكين بحلته الجديدة.

سياسيا قد يعني ذلك الكثير.

لكن من ذلك الكثير تقييم اختبار سيناريو الانتخابات المقبلة برلمانيا في ظل قناعة جميع الأطراف بضعف مؤسسة مجلس النواب الحالي وملاحقة شبح الهندسة لعناصره، الأمر الذي يجعل ضمنيا التفكير بدورة عادية أخيرة للبرلمان الحالي تنتهي في الربيع ويعقبها حل البرلمان والحكومة معا ثم تشخيص وتقييم سيناريو انتخابات مبكرة في نهاية عام 2023. إلى حد معقول ما يفتح التعديل الوزاري الأخير الباب على خيار تفكيري من هذا الصنف مع صعوبة التسليم بالانتقال الجذري العميق نحو سيناريو التحديث والتمكين الاقتصادي في ظل وجود النخبة البرلمانية الحالية.
وذلك طبعا حتى اللحظة يبقى مجرد تفكير والمهم ان العام 2023 واعتبارا من شهر أيار/مايو فيه هو عام المحطات الأساسية وأمام الحكومة المعدلة الآن سقف زمني قوامه 8 أشهر لتمهيد الأرض والبيئة المؤسساتية العامة أمام لاعبي مساري التحديث والتمكين الجدد، وهي مهمة لا تبدو سهلة على الإطلاق.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى