اراء و مقالات

حوار أردني حول اللاجئ وكأس العالم وبث مجاني للفقراء وضد «نفاق أوروبا»… وكارثة مالية تهدد النقابات المهنية

كانت لحظة أقرب إلى الدراما التركية. المذيع النشط في محطة «المملكة» زميلنا عامر الرجوب يطرح سؤالا افتراضيا على ضيفه نقيب المهندسين: دكتور ماذا سيحصل في اليوم التالي لو أخفق سعيكم لإنقاذ صندوق التقاعد؟
صمت مبرمج. ثم حركة حواجب ولحظة متلفزة من الطراز الذي ترافقه «موسيقى جنائزية»، ثم الحقيقة الصادمة: لن تعود «نقابة المهندسين»، وكارثة مالية تهدد النقابات في الطريق.
لأسباب يعلمها المعنيون نتمنى التوفيق للنقيب وللنقابة. أحد نشطاء المهندسين أوجع القراء، وهو يقول «يا جماعة. إكرام الميت دفنه». لكن كمواطن تلمس بالاحتكاك المباشر والشخصي مؤخرا مواطن «التكلس» في بيروقراطية أعتى النقابات، قد لا نذرف مع محطة «المملكة» وغيرها دمعة واحدة على نقابات مهنية أخرجتها سياسات تجويف المحتوى والدور الرسمية والعسف الأمني عن سكتها، كما فعل تماما أولادها ورموزها وهم لا يتابعون ما يحصل في العالم من تطور علمي وتقني ومهني.
أكاديمي من الصنف، الذي لا يهتم إلا بالعلم حدثني آسفا عن نحو «9 علوم هندسية عصرية حديثة» على الأقل لا تعترف بها «لجان نقابة المهندسين» ولا الأنظمة التي تحكم عملها. واضح هنا أن «الجهل بتلك العلوم» يقف وراء عدم الاعتراف بها.
فاجأني، والحق يقال، إن «اللجان العلمية الحكومية» تتابع وتتطور وتلاحق أعتى الجامعات، فيما لا يفعل «رفاقنا ومشايخنا» من أصحاب الصوت المرتفع دوما ضد السلطات.
باختصار، اللحظة التي تتباين فيها المؤسسات النقابية عن «ماكينة التعسف الحكومية» في العالم العربي هي حصرا اللحظة التي يصبح فيها تجريف العمل النقابي بمثابة «مهمة مستحيلة» والاختراق غير ممكن.
إذا بقيت تلك «اللجان المهنية» بدون مهنة ولا تقرأ ما يستجد من علوم، وتتمسك فقط بشرط عرفي اسمه «إلزامية العضوية والمزاولة» فأنا أول مواطن سيعلن التصفيق لمحاولات «التجريف». طبعا ودوما للحديث بقية.

السفير اللاجئ

ما هي المشكلة في عبارة «اليوتيوبر الفلسطيني اللاجئ» وسام قطب، التي ظهرت على شريط دعائي للمونديال مع محطة «الجزيرة»، ويقول فيها «من لاجئ لا مكان له إلى سفير لكأس العالم».
قناة تلفزيونية إلكترونية اسمها «مكس» احتفت بالشاب وخاطبت الغاضبين من بعض الأردنيين بسؤال: ما الذي يزعجكم في صورة محددة عندما يتحدث لاجئ فلسطيني يحمل وثيقة مصرية، ويقيم في السعودية، ويتواجد في عمان للدراسة الجامعية فقط، عن مشاعره حول كأس العالم؟
أفترض مع المفترضين أن الشاب نفسه، لو تحدث باعتباره «مواطنا أردنيا» – هو ليس كذلك بكل حال – لقرأنا أطنان تعليقات من نوع «الفلسطيني يتخلى عن قضيته ويدعي أردنيته». إلخ الأسطوانة المشروخة، التي أسمعها شخصيا أحيانا. ولو تحدث عن «لا مكان» لغضب أدعياء الوطنية أيضا متحدثون عن «التنكر».
ماذا تريدون بصورة محددة من وسام قطب وغيره من اللاجئين أن يقولوا؟
سؤال لا يتجرأ كثيرون على طرحه، حتى عبر فضائية وشاشة قناة «رؤيا»، التي تبتلع كل المساحات المهنية، وهي تلف وتدور لتطرح مداخلات ناعمة بعنوان «المواطنة».
أضم صوتي للعقلاء القائلين إن أفضل خدمة للوطن الأردني تبرز كلما قال «لاجئ فلسطيني ما» إنه «لاجئ وفلسطيني»، بما في ذلك المكون اللاجئ من حملة الجنسية الأردنية الراغبين بالملايين بالعودة إلى أرضهم ويتاجر الجميع بقضيتهم.
وهم أنفسهم من رفعوا فوق رئيس الوزراء نادر الذهبي يوما في مخيم الحسين بعمق العاصمة، لافتة تقول «الأردن.. وطن يعيش فينا لا نعيش فيه.. وفلسطين لا بديل لها إلا الجنة».
يذكرني «الحوار الأطرم» بتساؤلات أيام «الحراك الشعبي» عن موقف ودور «المكون» السلبي.
أحيانا فعلا، وكما حصل مع الشاب وسام قطب، نقف وجها لوجه أمام مقولة جارتنا «أم العبد» – رحمها الله – «احترنا يا قرعة من وين نبوسك»!
أتخيل أحيانا أن القرعة يمكن أن تتوقف عن انتظار القبلة وتوقعها أصلا، لو أوقفنا جميعا رحلة البحث عن «صلعة ما»، وتوقفنا عن التبرير وتجهيز الشفاف في الأثناء.
قالها يوما فيلسوف فرنسي «توقف عن الشرح… صديقك لا يطلبه والآخر لن يقتنع به».

شاشات للفقراء فقط

«بي إن سبورتس» الفضائية القطرية، التي تسيطر على الهواء الرياضي تستحق الشكر والتقدير، وهي تقرر بث 22 مباراة «مجانا» وبدون «تشفير» لفقراء المشاهدين، الذين لا يملكون ثمن بطاقة تشفير.
نضم صوتنا للمطالبين بوجبات بث خاصة دائمة للفقراء تصلهم هم فقط، ولا أعلم كيف يمكن أن يحصل ذلك.
أجواء كأس العالم مبهجة ومنشطة للجميع. قريبا جدا لن تجد مقعدا في مقهى في العاصمة عمان أثناء بث المباريات المهمة والصيحات تتعالى والزحمة لها طعم.
فال الأشقاء في قطر النجاح وسنكون مسرورين جدا جدا لو احتفلنا بالختام بسلام ومحبة وبروح رياضية مع عبارة «أحلى المونديالات»، مع أننا نصفق للإعلامي البريطاني بيرس مورغان، الذي خاطب المذيعة على الهواء مباشرة متحدثا عن «وصلات النفاق الأوروبية» العنصرية، التي تبحث عن ذرائع لتعترض على استضافه دولة عربية لنهائيات كأس العالم.

 مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى