خاص

كوكب اليابان و”الوحدات” الأردني

تزامن عجيب لكنه يعني الكثير .

في اليابان انشغل القوم بالاختراعات الجديدة التي تجيب على الاسئلة الفايروسية التالية : كيف تمسك مقبض الباب بدون الخوف من الفايروس ؟ .. كيف تجلس على مقعدك في المكتب او المنزل بدون تعقيم في كل مرة ؟.

الاهم فيما انشغل به الشعب في كوكب اليابان هو جهاز آخر صرعة  واشبه بالمايكرويف تضع في داخله جهازك الخلوي فيتعقم من الداخل والسطح وبالتالي تستطيع الانشغال به وانت مرتاح البال والضمير .

تلك المسألة كانت تشغل وسائل الاعلام اليابانية في نفس اليوم الذي عقد فيه 7 وزراء في حكومة الاردن مؤتمرا صحفيا تخلله ” تكشيرة بيروقراطية” من الوزن الثقيل مفعمة بالتهديد بالويل والثبور وعظائم الامور اذا لم يرتدع الناس ويحرصون على ملامسة او مصافحة من نوع بما يسمى اليوم بالتباعد الاجتماعي والذي ينظر له المجتمع الاردني بارتياب وباعتباره مثل تلك الشريحة الالكترونية المزعومة التي تزرع مع اللقاح في جسد الانسان العربي لا بل الاردني لأهداف تتعلق بالمشروع الصهيوني .

مجددا وامام مثل هذا المنطق تسقط كل الاعتبارات  المتعلقة بالرهان على وعي المواطن ويصبح الرهان يتيما وحزينا على وعي الفايروس فقط حيث الصدفة المحضة تحمي الشعب الاردني في بلد الصمود والتحدي لان المواطنة فيه بوضوح شغوف بكل انواع الاحتشاد والعناق والملامسة الجسدية كما هو شغوف  بكل انواع الاحضان وتبادل القبل حتى ان بعض النواب في البرلمان لم ينتبهوا اطلاقا لمستوى الحرج الذي تسببوا به للحكومة وهم يندفعون لمعانقتها على طريقة الزعيم الليبي الراحل ” زنقة زنقة .. دار دار ” والهدف اظهار الابتهاج المزعوم بفوز الحكومة بثقة النواب .

 الحق يقال الوزراء ملتزمون تماما في فعالياتهم وتحديدا تحت قبة البرلمان بالكمامة والتباعد .

والحق يقال عندما يتعلق الامر بالتزام النواب بالمقابل فالرهان ايضا على تلك الصدفة المرتبطة بوعي الفايروس .

 لا اعرف سببا من اي صنف يدفع مشجعا متحمسا  لفريق نادي الوحدات مثلا للتقافز مع غيره ثم لحمل حجارة والقائها مجانا بدون سبب على شبابيك المركز الامني تحت عنوان الابتهاج ببطولة الدوري .

 لا اعرف سببا لمشهد مخجل يظهر فيه احد الرموز المثقفة في ادارة احد الاندية على اكتاف المشجعين فينما الفايروس كورونا يتلمس تلك المنطقة الفاصلة  ما بين كتفي الحامل وحذاء المحمول .

بالمقابل لا اعرف سببا يدفع مشجع فريق نادي سحاب لكرة القدم للإبتهاج بطريقة هوسية جماعية في الشارع العام وبوضع الكتف على الكتف واحيانا تبادل حتى اللعاب تحت عنوان الاحتفال وسط العاصمة عمان الشرقية بنتيجة مباراة حصلت في مدينة اربد شمالي البلاد .

هذا الصنف من البهجة الجماعية الهوسية كان يستدعي الهويات الفرعية في التعبير الرياضي وكنا نناقشه ببساطة وهدوء وايام الرخاء لكنه يستدعي اليوم معه كل ميكروبات وجراثيم وفايروسات الكرة الارضية فاللعاب يتطاير ووزراء الصحة ابتلعوا السنتهم او كادوا وهم يحذرون الناس من الاختلاط الشعبوي البائس .

 لكن لا حياة لمن تنادي على المستوى الشعبي حيث ان ابخرة الشتاء تتجول على انوف الاردنيين في سوق الطيور والملابس القديمة وسط العاصمة عمان وحيث اولاد العمومة يحتضنون بعضهم بعضا ويصر الناس على تقبيل بعضهم في الشوارع وحيث يمكن ان تفقد عينك على الاقل بالحد الادنى  داخل بقالة او محل خضار اذا ما لفت نظر زبون مجاور الى انه لا يرتدي كمامة .

 نلوم الحكومة والخطاب الرسمي بالطبع ثمة ازمة مصداقية وحوادث فايروسية لم تخضع للتحقيق بالتأكيد .

 لا نفهم كمواطنين بعد سبب الاصرار على اجراء انتخابات خضعت للهندسة وانتهت بنواب يعانقون الوزراء امام الكاميرات فيما يصيح وزير الصحة كل ليلة ولم تبات شاشة فضائية واحدة بدون احد فرسان الوباء في وصلة تحذير يومية مضجرة مكررة اصبحت اشبه بالرقصة في العتمة .

لن تنفهم بعد ايضا سبب الاصرار على الموافقة الوبائية على الاجتماعات العشائرية  .

 يمكن ان نكتب كيلوا مترات من العرائض النقدية والفتاوى التي تلوم الحكومة وتتحدث عن تقصير الوزراء والمسؤولين .

 لكن الرد على شوفينية بعض الوزراء وخشونتهم بخشونة مماثلة تزعم بان المواطنين ارتقوا الى مستوى الملائكة وتتجاهل مشاهد التجمعات المؤسفة والمؤلمة للمواطنين بدون ادنى سبب منطقي وتتعامل معها كأنها عرس عند الجيران .

 من يملك الحق في انتقاد الحكومة او لومها عليه ان يتوقف عن لوم الفايروس ويختبر السلطة  عبر مساعدتها في توعية الناس فالأغلبية الساحقة من المواطنين لا تلتزم ويبدو انها لا تريد ان تلتزم ومن الواضح انه يتوجب علينا جميعا البحث عن طريقة تقنع اهلنا جميعا بان الالتزام بالتباعد وعدم الاحتشاد او ارتداء الكمامة لم يعد خيارا ترفيا .

وبان المسالة لا علاقة لها بمؤامرة .

 واخيرا بان الرهان على وعي الفايروس مخجل ويعبر عن اخفاق افقي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى