اراء و مقالات

الأردن «يتكهن» بخصوص سيناريو «الموجة الثالثة» للفيروس… والشارع يسأل: أين ذابت «الوطنية للوباء»؟

عمان – «القدس العربي»: أين اللجنة الوطنية للوباء؟ هذا سؤال يطرحه الأردنيون بتكرار هذه الأيام مع قرب برنامج «الصيف الآمن» وفتح القطاعات اعتباراً من الأول من شهر تموز.
زاد معدل طرح السؤال بعد تصريحات «منقولة» يبدو أنها ألهبت مناخ النقاش الفيروسي سياسياً وشعبياً بعنوان «سيناريو الموجة الثالثة» واحتمالية الاشتباك معها قريباً. هنا حصرياً مجدداً، شغل الحديث عن سيناريو الموجة الثالثة لفيروس كورونا في الأردن جميع الأوساط الخبيرة والسياسية بعد تصريح منقول أثار الانتباه للناطق الرسمي باسم الحكومة صخر دودين، ألمح فيه إلى سيناريو «الموجة الثالثة» قبل أن يوضح لـ«القدس العربي» حصول «أخطاء في النقل».
ما لم يحدده أردنياً، بعدُ، وزير الصحة يوسف الهواري، هو توقيت قدوم هذه الموجة إلى بلاده والأسس العلمية التي بنيت عليها المسألة، فيما اجتهد أبرز خبير في الوبائيات والفيروسات على المستوى الوطني وهو الدكتور والوزير السابق عزمي محافظة، بالتأكيد على عدم وجود مؤشرات علمية مباشرة تقول بـ «الموجة الثالثة وسيناريو وصولها إلى الأردن».
في حديث خاص مع «القدس العربي» اعتبر الدكتور المحافظة أن أي سيناريو حديث له علاقة بالموجة الثالثة للفيروس ينبغي أن يبنى على أسس الدقة العلمية والمؤشرات المنهجية الخبيرة وبعيداً عن الاعتبارات السياسية.
وأكد أنه لا يقول بأن الموجة الثالثة لن تحصل، لكنها حتى الآن لم تحصل ولا يوجد ما يوحي أردنياً بأنها على الأبواب، معتبراً أن سياسية الحكومة في إقصاء ومنع التفاعل بالنسبة للخبراء وأعضاء اللجنة الوطنية غير مفهومة.
في مقاربة الدكتور محافظة، لا يجوز التعامل مع وصول النسخة الهندية من الفيروس و«كأنه عيب» مشيراً إلى أن الفيروس الهندي له خاصية واحدة أساسية مختلفة، وهي أنه الأسرع انتشاراً، مقدراً بأن الفيروس الهندي لو جمعت العينات وأجريت الفحوصات منهجياً، هو الذي يتقدم في الحالة الأردنية اليوم. ومؤكداً بأن المتحور الهندي مخاطره الوحيدة هي سرعة الانتشار، وعلى الأرجح هو منتشر الآن ولا يوجد مبرر لإخفاء البيانات أو الأرقام أو التعامل دون شفافية مع الحيثيات.
وشدد المحافظة على أن دول شرق المتوسط حتى اللحظة ليست بصدد الاستنتاج علمياً بدخولها الموجة الثالثة من الفيروس، باستثناء ما يحصل في تونس، ويحتاج إلى دراسة، معتبراً أن الإفتاء السياسي أو البيروقراطي في القضايا العلمية أمر غير جائز؛ لأن الموجات ومعدلات الانتشار أمور لا يمكن لأحد أن يتنبأ بها.
قبل ذلك، بدا لافتاً للنظر أن نقاشات الموجة الثالثة لا يشارك فيها الوزير المختص الهواري، الأمر الذي يعيد إنتاج الجدل في الداخل الأردني بعنوان ضبابية المشهد واحتمالات تسييس المعطيات لأغراض غير مفهومة حتى اللحظة.
ولم تصدر عن الحكومة بعد، حتى مساء الأربعاء، توضيحات أو شروحات لها علاقة بالمعطيات المتعلقة بسيناريو الموجة الثالثة، لكن وفقاً لمعلومات «القدس العربي» الخاصة بدأت مختبرات وزارة الصحة بجمع العينات لإجراء تقييمات لها علاقة بمستوى وصول وانتشار المتحول الهندي.
وفي الوقت الذي أثار فيه تصريح منقول عن الوزير دودين جدلاً واسع النطاق، شرح الوزير نفسه لـ«القدس العربي» بأن ما نقل من تصريحات لم يكن دقيقاً، وبأنه لم يتدخل أصلاً في تقييمات علمية لا تخصه، معتبراً بأن التحدي الرئيسي هو تجاوز المشكلات في برنامج التلقيح والتطعيم الوطني، وأن المختصين يتحدثون عن ضرورة تطعيم أربعة ونصف مليون مواطن ومقيم للوصول إلى بر الأمان في ملف المناعة المجتمعية، وخلال أسابيع فقط ينبغي أن نصل إلى تطعيم ملـيوني شـخص.
بالنسبة للدكتور المحافظة، حقق الأردن بموجب الأرقام والسجلات التي تعرضها وزارة الصحة، مستويات عالية من المناعة المجتمعية، وبالتالي لا يوجد مؤشرات على الموجة الثالثة.
ويشرح الدكتور محافظة بأن الحديث اليوم في الأردن عن تشكل أجسام مضادة عند نحو أربعة ملايين شخص. ويشمل ذلك المصابين، ومن تلقى اللقاح، والمصابين الذين لم يسجلوا رسمياً. والمنطق يقول بأن المناعة تضاعفت عند الأردنيين، ورقم الإصابات الحقيقي أكثر من المسجل، لكن نسبة الالتزام الاجتماعي انخفضت، وما يتوجب على الحكومة الآن هو تطوير وتقوية المناعة المجتمعية وسحب العينات، ثم الوصول إلى رقم دقيق؛ حيث إن تلقي ثلاثة ملايين ونصف شخص لجرعتين، أولى وثانية، من اللقاح رفع نسبة المناعة، وبصورة تعني -رقمياً- صعوبة الدخول في موجة ثالثة.
ولاحظ الجميع في الأثناء أن اللحنة الوبائية الوطنية، وهي صاحبة الاختصاص، لم تعد تجتمع أو تظهر في الإعلام، الأمر الذي بدأ يشكل لغزاً سياسياً. وبالنسبة للدكتور المحافظة، أفاد بأنه لا يوجد لديه تفسير لمسألتين: الأولى هي عدم اجتماع اللجنة الوطنية للوباء التي ذابت وتلاشت عن المسرح.
والثانية هي صدور تعليمات من الحكومة بأن لا نتحدث – نحن المختصين – بعيداً عن النص الرسمي وعبر وسائل الإعلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى