اراء و مقالات

الدحدوح والجنرال الدويري بين «النزوح» وعقدة «أحمد سعيد»: هل تذكرون شرف سجاني «أبو غريب»؟

وائل الدحدوح لا يتقمص هيئة نازح، لأنه باختصار كذلك. واللواء فايز الدويري، لا يمثل دور أحمد سعيد بتاع النكبة الأولى ومقولة «تجوع يا سمك» لأنه وباختصار أيضا، يقرأ عسكريا المتاح والموجود.
وسط جمهور المتلقين لتفاعلات «الجزيرة» ثمة مشاهدون يريدون تحويل الدحدوح واللواء الدويري إلى «بطلين» وظيفتهما رفع المعنويات فقط.
نجما «الجزيرة» الزميلان، لهما بصمة لا ينكرها إلا جاحد في تشكيل وتكوين «ذاكرة لنا جميعا» عبر الشاشة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بواحدة من أقذر وأعتى الحروب، التي شهدها الكون وستستقر في الذاكرة إلى الأبد.
لكن آخر النهار كلاهما – الدحدوح والدويري – من الصنف البشري يتعبان ويجتهدان، ويمكنهما الانتقال إلى مستويات أخرى في العطاء.
نقف بشغف في انتظار «التحليل العسكري» الذي يقدمه بين نشرات الأخبار الجنرال الدويري، لأنه مخلوط بالوطنية ويضيء مناطق معتمة في ذاكرة الأمة المهزومة.
لا يعجبنا أن يتحول اللواء إلى «مصدر إخباري مستقل» بحد ذاته، ونزعم فنيا وسياسيا، أنه يبدع أكثر، ما دام مصدر مثل «الجزيرة» أو غيرها يستعين به .
واللقطة التي بثتها فضائية «رؤيا» الأردنية لزميلنا الدحدوح، وهو يقطع شارع العودة بين قطاعين لغزة، بصفته نازحا بين النازحين، موجعة ومؤلمة، لكنها حقيقية وتخلو من مكياجات الشاشات، التي يعرفها الجميع.
دحدوح النازح، حمل معه نصف زجاجة ماء فقط، ووضعها بين يدي فتاة مارة. وكاميرات المواطنين، وليس العمل، هي التي رافقته، وترك خلفه المراسل الحربي الموجوع هشام زقوت.
مجددا، لا يليق النزوح بوائل. فزميلنا الجبار المبدع، الذي قدم دم أسرته وأولاده في المعركة أفرحنا جدا، عندما ظهر مرتديا خوذته وبزته الصحافية مساء الجمعة ليعاود فعل ما يفعله لنا وفينا.
من حقنا كمشاهدين «مدمنين» أن نرصد الدحدوح، وهو يركض ويخاطب المصور بتلك العبارة الخالدة: «انتبه يا حمدان… مش كلها كلها يا حمدان».

هل هي نكبة جديدة؟

مهما حاولنا تزويق المشهد، هي فعلا «نكبة جديدة» لكن بإيقاع ونكهة مختلفة وبتواطؤ مرصود من شاهد الزور العربي الرسمي.
وقودها أطفال غزة، الذين غادروا الحياة لتأجيل نكبة أطفالنا وأحفادنا، نحن «بتوع قرية الفرجة» ولو قليلا وفكرتها كلمة «معلش».
هي نكبتنا المصورة، في زمن «التيك توك» الصيني، مما يحيلنا لأغنية مجازر بيروت: «ما في حجة للأطرش ولا السامع. وما في حجة للي ما طلعله صوت، لأن المجزرة بتهز حتى الموت».
سألني المذيع في فضائية «رؤيا» مجددا عن «تقييمي» لقمة الرياض، فكان الجواب: ستطالب بانسحاب قوات الاحتلال من شمالي قطاع غزة، قولا لا فعلا.
لكن قناعتنا مستقرة أن ما فعله العدو المجرم بأطفال غزة، سيفعله بأطفال مكة وبغداد وأبو ظبي والرياض، آجلا إن لم تنظف هذه الأمة حدائقها من نفايات السلام والتطبيع المغشوش.

نعم مجازر غزة «بتهز حتى الموت»!

وعلى شاشة تلفزيون «المملكة» كان أحد الزملاء يحاول ترديد «اصحي يا قرية» فيما مذيعة جديدة خلفا لكريستيان أمانبور، تلتقي الملكة رانيا وتسألها، على أمل أن تستطيع «سي أن أن» تنظيف نفسها، ولو قليلا بعد مسرحة تغطيتها وانحيازها.
على كل حال «معلش». أسماء شهدائنا الأطفال سنطلقها على مواليدنا الجدد، والفلسطينية ولادة ستنجب أشقاءهم. أما الكبار فنطلق أسماءهم على أشجارنا وحدائقنا، ومعركة غزة تقول «لن ننسى.. لن نصفح» وقد ثبتت بالوجه القاطع مقولة الفلاح السلطي البسيط، وهو يقول بعفوية. «أستاذ.. أبيش تعايش وسلام.. إما إحنا أو إحنا.. أبيش هم».

الشرف العسكري وين؟

فقط بعد معركة بغداد قرأنا وتوثقنا من حادثة «جندي المارينز» الذي اغتصب فتاة عراقية، ثم أحرق جثتها.
فقط مع الجيش، الذي نسمع الأغاني عن بطولاته في كل أفلام «نتفليكس» تحتفظ الذاكرة بأسلحة المارينز، وهي منصوبة أثناء اغتصاب سجينات.. هل تذكرون سجن «أبو غريب»؟!
فقط في أفغانستان، التي حضر المارينز لتحريرها من الإرهاب والتطرف، يحمل جندي مخبول سلاحه ويضرب به رأس خاروف صغير، أمام قائد الكتيبة فيصفق حشد الجيش بحماس للحيوان المسكين وهو يتقافز من الألم ثم يخر صريعا.
لا ضير بعد ذلك من رصد ما يسمى بـ»البنتاغون» الأمريكي، وهو يتحول إلى «عصابة» تتواطأ مع شذاذ الآفاق الحاملين لشعار جيش الدفاع الإسرائيلي.
سمعنا على قناة «فرانس 24» أحدهم يتحدث عن «أخلاقيات الحروب» فاستعدت كل الذكريات المريرة.
ثمة شيء اسمه «شرف العسكرية» نقرأ عنه. أين شرف الجندية؟
لا نفهم ما يقوله جنرالات الجندية؟ على حواريات شبكة «كان» العبرية وهم يتجاهلون سؤالا بسيطا: أين تعلم؟ وماذا قيل عن المهنية وشرف العسكرية؟ لذلك الطيار الحربي الإسرائيلي، الذي تقبل تكليفا من غرفة عمليات أقيمت على حساب دافع الضريبة الأمريكي بقصف «خزان مياه»؟!
ماذا قيل لطيار طائرة تكلفتها أكثر من 70 مليونا من الدولارات حتى يضع شرفه العسكري في سلة المهملات ويقصف لوحا زجاجيا للطاقة الشمسية، أو مرضى في العناية المشددة أو غرفة عناية بالأطفال الخداج؟!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى