اراء و مقالات

«زنازين» تقمصت لقب «جمهورية» … وبعد ذوبان الثلج الأردني «الكهربا… مقطوعة يا أفندي»!

حسنا فعل الزميل المذيع في قناة “المملكة” عامر الرجوب عندما أعفانا من مقابلات “علية القوم وكبار المسؤولين”، ومن الجداليات السياسية الفارغة وحمل كاميرته والمايكروفون وتجول بين “كراسي البلد” الحقيقيين، حيث “أبو اليزيد” عامل الوطن الذي يترك كل شيء ويبقى في الميدان وسط الثلج والبرد لتنظيف بقايا تهافت المسؤولين وعجزهم عن الأرصفة.
الفتى الشرطي يخاطب قناة “المملكة” خلال عاصفة الثلج: “لا تقلقوا نحن في الميدان معكم ولكم” ويسأل المذيع العقيد المعني في الدفاع المدني “هل وردية العمل ثماني ساعات للشباب؟” فيجيب الضابط بلياقة “لا سيدي العمل 24 ساعة والنشامى بآلياتهم في الميدان”.

عاصفة الثلج والكهرباء

خلال عاصفة الثلج الأخيرة ذاب ما تحته – نقصد الثلج – عندما يتعلق الأمر بالقطاع العام، الذي لم يعد عاما في الواقع حتى أنني صفنت بهوية وخلفية وأسماء لجنة ثمانية شكلت لـ”تطوير القطاع العام” ولم أجد قرينة واحدة على أن أيا من أعضاء اللجنة لديه خبرة متراكمة فعلية في القطاع العام.
ما علينا، في حال تحييد “انقطاع الكهرباء” يمكن القول إن “الجاهزية” التي تحدث عنها التلفزيون الحكومي بصورة باهية إلى حد معقول وقصة الكهرباء كانت كالثؤلل في وجه العرس، مع أن شركة الكهرباء “مدللة للغاية ودوما”، وأعتقد أن “أحفادي” سيدفعون ديونها على الأرجح.
نسأل مع السائلين فعلا بحثا عن إجابة: كيف نزود لبنان بفائض كهربائي، بينما بنيتنا التحتية لم تنتبه إلى ان أضخم شركات الخدمات التي تربح ثم تخسر مئات الملايين لا تنتبه إلى جزئية تركيب أسلاك الضغط العالي بين الأشجار؟!
باختصار مؤسسات الأردن البيروقراطية بخير لكن قصة الكهرباء تحتاج لـ”فتح الملف” لكن نغني مع المطربين بعد بعض التصرف “الكهرباء.. مقطوعة يا أفندي”.

مجرد ألقاب

متابعة “الثلجة” تحديدا عبر شبكة مراسلي التلفزيون الرسمي الأردني، وكذلك عبر شبكة مراسلي قناة “رؤيا” تمنحك إحساسا بالارتياح الشديد لأن جميع المسؤولين والموظفين المتحدثين باسم الحكومة والدولة واضح أنهم “تعرضوا للقراءة عند نفس الشيخ”.
يبدأ أي حوار متلفز بالعبارة التالية “تفاعلا مع التوجيهات العليا لجلالة الملك ..إلخ” ثم وسط المحتوى العبارة التي تليها.. “وتنفيذا لتعليمات دولة رئيس الوزراء أو معالي الوزير”.. يستمر ذلك حتى الوصول إلى العبارة المتلازمة.. “أشرف عطوفته على تنفيذ.. إلخ”.
أعتقد أن “جلالة الملك” لا يريد من موظفي الميدان وغيرهم إلا العمل والأداء فقط، وأن كبار موظفي الديوان الملكي “يتسامحون” في حال إرضاء القصر بالعمل الجماعي والأداء الراقي بدلا من اللفظي والتسحيجي، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
أما “دولته ومعاليه وعطوفته وسعادته” فهي مجرد كلمات لم يعد لها معنى، لا بل تستفز بسطاء الأردنيين اليوم، وبالتأكيد يمكن الاستغناء عنها بدلا من حشر كل الألقاب وأصحابها في جواب يرد على استفسار مذيع أو مراسل.
اللحظة التي سيعود فيها القطاع العام الأردني إلى لياقته القديمة هي حصريا تلك التي يكون فيها “الخبر” بعد “المبتدأ” تماما لكن طبعا ليس على طريقة قناة “المملكة”.

زنزانة على شكل «جمهورية»

“هي بضع كلمات لتبرير إبقائنا قيد الاعتقال”. بهذه العبارة وصف الناشط الحقوقي المصري الفلسطيني رامي شعث علبة الإتهامات الكبيرة التي تستخدمها السلطات ضد أصحاب الرأي وهو يتحدث عن “زنزانة كبيرة” إسمها “جمهورية مصر العربية”.
بالتزامن مع وصول صاحبنا إلى باريس بعد إحتجازه لعامين بدون تهمة كانت “أم بي سي” تعلن اسم المذيع الزميل عمرو أديب في قائمة من تقرر تكريمهم في الرياض، حيث صولات وجولات للزميل المشهور كان آخرها تمنياته أن لا يسمح الأصدقاء لـ”كلاب السكك” بنهش سمعته عندما يموت.
يسأل معلق ساخر على منصة التواصل الخاصة في تلفزيون “القاهرة والناس” الزميل أديب: “هو إنت لما تموت حتفرق إيه معاك ما ستقوله السكك وكلابها؟”.
مباشرة بعد تناوله على الهواء مباشرة “حلة كوسى محشي” قلقت على الزميل المحترم لأني بدأت أسمع ترديدا مريبا في عمان عن “أهمية تقليد النموذج المصري” ، الأمر الذي ينصح به خبير إقتصادي تحدث لمحطة العربية للأردنيين عموما، حيث أن القوات المسلحة تشرف على نحو 40 في المئة من الاستثمارات.
قدمت النصيحة مغلفة بالغبار كالعادة، مع أن القاعدة الأساسية المعتمدة عند الأردنيين غير مطبقة في “نموذج مصر اليوم” وهي تلك التي تقول “نريد نموا اقتصاديا ينعكس على طاولة الطعام عند فقراء الأردنيين”.
للعلم: ليست مصر وحدها “زنزانة كبيرة”، فغالبية دول الوطن العربي زنازين مكتظة وقاموس الكلمات والمفردات والاتهامات التي تستعملها الأنظمة لتبرير الاعتقالات يتسع ويزحف وينمو ويتمدد من المحيط الهادر إلى الخليج الغادر.
مثلا محطة “تونس” الفضائية بتاع القصر الجمهوري الجديد تتحدث عن “نشر الإحباط القومي” أو “المس بالمصالح العليا” كتهمة لمن يعترض، وعند سلطة رام الله إستنساخ “تايواني” لتهمة مطاطة كادت تموت في عمان.. “التسبب بوهن الأمة” أو “الإساءة للمشروع الوطني”. طبعا القاموس زاخر بمعلبات مماثلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى