اراء و مقالات

بين «الغوريلا» الروسية و«الغزالة الأوكرانية»: تغطيات بطريقة «كل بهيم له مولاه»… فهل يدير الناتو «المملكة»؟

المدنيون دائما ضحية أي حرب .انشغلت قناة «بي بي سي» وهي توقف عملياتها في موسكو نكاية ببوتين بعرض كل الأدلة الممكنة على استخدام قوات الجيش الأحمر للمدنيين كدروع بشرية.
عمليا لم تقدم الشاشة العريقة أي دليل حسي موثق .
في المقابل على شريطها الإخباري أعادت محطة «الجزيرة» وهي تدير جيشها من مراسلي الحرب بث التصريحات الأوكرانية المتتالية عن استخدام الدروع البشرية، فيما كانت شاشة «الميادين» تتوسع في إبلاغنا نحن جمهور المستمعين بكيفية استعمال الجيش الأوكراني للمدنيين في المواجهة.
قضاء ربع ساعة فقط على فضائيات العرب والعجم لأهداف إخبارية تعني النوم فورا مع الصداع ووجع الرأس والفصام المتعلق بالحياد والموضوعية ثم الصياح: ما هي الحقيقة؟

كل بهيم له مولاه!

يقال في المغرب الشقيق عن «الحمار المخلص» «كل بهيم له مولاه».
ويبدو عند ممارسة التلقي أن كل تغطية متلفزة لها من يوجهها ويمول حزمة شرسة من البصريات والسمعيات المؤثرة، لكن مشاهد عربي سلبي مثلي يضيع بين تلك البصريات، ويشاهد كيف تتعدد الرواية لنفس الحكاية.
ما علينا. تلك حرب طهر الله منها أيدينا، لكن فضائيات العرب تنوب عنهم في «الثرثرة على ضفاف الحقيقة» وعكس تطهير الألسن والأهم أن الحديث عن الدروع البشرية عند الجيوش لا يذكرنا إلا بالأدلة الحسية وليس البصرية لما يسمى بـ»جيش الدفاع الإسرائيلي» حيث الاستخدام الأبشع والأمثل للأبرياء كدروع بشرية وبلا خجل وعلنا .
أحدهم ذكرنا بمدرعات وآليات الإسرائيليين عندما كانت تقيد الجرحى على مقدمتها أثناء الاقتحامات وبكتيبة المستعربين أيضا .
طبعا لا أبرىء لا الجيش الأحمر مخترع «البراميل المفخخة» في حمص وحلب، ولا الجيش الأوكراني الذي لا نعرف عنه شيئا إلا ما تقوله «سي إن إن» بين الحين والآخر بعنوان «مشاغلة ومقاومة الغزو» ومفاجآت التصدي، فيما تنقل «بي بي سي» مجددا عن مسؤول أوكراني قوله بمناسبة اليوم التاسع للحرب أن «بوتين اعتقد أنها نزهة ليومين».

«المملكة» وحلف الناتو

الحرب، أي حرب تفصمنا مجددا ودوما. لكن في المعادلة الأردنية المحلية لفت نظري السياسي الدكتور ممدوح العبادي إلى مسألة كانت دوما تسقط من كل اعتبارات «المواطن التابع».
صاحبنا على الهواء مباشرة حاول تقييم أداء شاشة «المملكة» خلال الحرب الأوكرانية على الأساس التالي البسيط: «أنا أدفع ضرائب للخزينة تنفقها محطة «المملكة» بالتالي على تلك الشاشة أن تمثلني أثناء التغطية».
إقترح العبادي منتقدا طبعا أن تلفزيون «المملكة» كأنه يبث من «كييف» وليس من عمان والواجب المهني يتطلب أن يغطي الحدث بتوازن ينسجم مع مصالح الشعب الأردني الذي يمول نفقات محطة المملكة.
لم ينتبه الأردنيون قبلا للأمر فكل الاعتقاد أن من ينفق الميزانية المالية مفوض تماما بأن يفعل كيفما شاء وقرر، لكن الحكومة «غير منتخبة» وعليه على الزملاء في محطة «المملكة» بعد الآن «استشارتي» ولاحقا «تمثيلي» بصفتي دافع ضريبة مثل العبادي تماما وأيضا بصفتي بين «ممولي» تلك المحطة التي لا تستشير أي مواطن بأي شيء.
الحقيقة أن حكومة البلاد لا تستشير دافع الضريبة بكل شيء ولم يسبق لها أن فعلت.
لكن بما أن المرحلة مناسبة لـ«تحديث المنظومة السياسية» قد يكون من المفيد لمن يحمل رقما وطنيا بعد الآن تذكير طاقم شاشة «المملكة» بأن له رأيا في كيفية القيام بواجباتها، خصوصا عند المفاصل مثل تغطية حرب تسببت برفع أسعار «الزيوت النباتية» بصورة رفعت من سعر قرص الفلافل أو قلصت من حجمه مجددا .
أوعند تغطية انتهاكات العدو الإسرائيلي المتكررة التي تخدش شعوري القومي وهي تتحرش بالوصاية على القدس .

بين الغوريلا والغزالة

الحياد مرفوض هنا، وعلى الأقل العبادي معه حق، ففضائية «المملكة» عليها أن تتوقف عن التصرف وكأنها تدار وتمول من حلف الناتو.
نعود للمدنيين فهم دوما وقود وذخيرة أي حرب لا بل ضحاياها .
والعجيب أن الشعوب التي تعاني من مغامرات الحرب وتدفع كلفتها هي نفسها التي تتزاحم في مراكز الاقتراع للتصويت ديمقراطيا لانتخاب الجنرالات والقادة الذين يقررون الحروب دفاعا عن «مصالح» الناخبين الأغبياء على الأرجح!
لقد انتخب الشعب زيلينسكي الزعيم الأوكراني الذي يقود المواجهة من تحت الأرض، وانتخب الروس أيضا جنرالهم الأحمر فلاديمير بوتين. هل التفويض الانتخابي هنا تضمن غزو وتدمير بلد مجاور والتلويح بمواجهة نووية انتحارية بالنسبة للثاني؟ وهل يشمل تفويض زيلينسكي الإصرار على مداعبة «الغوريلا» المجاورة حقا بـ«وخز عينها» أو بوضع أصبع جاف تحت الرمش المجنون؟
تبدو مفارقة مثيرة: دافع ضرائب أردني واحد يطالب شبكة «المملكة» بتمثيله في تغطية الحرب، رغم أنه وغيره يدفعون من نصف قرن «دينار التلفزيون» دون مراقبة تلفزيون الحكومة.
وجموع من يدفعون الضريبة في كييف وموسكو لا يسألون بعد عن دور «ضرائبهم» في مداعبة الغوريلا الروسية أو في مطاردة واصطياد – ولاحقا – خنق وقتل «الغزالة الأوكرانية» اللعوب بدورها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى