اراء و مقالاتمقالات وآراء

كورونا كشف “ظاهر وباطن” التحالفات الأردنية والأولوية بعده حماية الاقتصاد

 

 لا ينشغل ذهن صانع القرار الأردني بعد التعامل مع فيروس كورونا كأولوية مطلقة إلا بـ”وضع الاقتصاد الوطني” إذا ما تواصلت أو حتى انتهت المواجهة مع الفيروس وتداعياته وسط حالة تأجيل ملموسة لكل الملفات وفي كل الاتجاهات بما فيها ملفات صفقة القرن والإصلاح السياسي والانتخابات وحتى العلاقات الإقليمية والدولية.

حافظت مؤسسة القيادة الأردنية على مسافة في مواجهة تداعيات الفيروس مع المجتمع الدولي، وتبنى العاهل الملك عبدالله الثاني شخصيا مبادرة لتشكيل تحالف دولي في مواجهة الفيروس الذي نجح بدوره في “كشف ظاهر وباطن” طبيعة التحالفات الأردنية الإقليمية والدولية.

على الصعيد الحكومي الأردني لم تلتقط إشارات كثيرة من التضامن ولا حتى من التجاوب مع المبادرة الأردنية بعد انغلاق ذاتي وانشغال محلي بين كل الدول في مرحلة يرى خبير وبيروقراطي من حجم النائب السابق سامح المجالي أنها تشكل فرصة لمراجعة الكثير من الاعتبارات والعودة للاعتماد على الذات بما في ذلك العودة للأصول.

بالنسبة للمجالي وكما فهمت “القدس العربي” سقطت العولمة في الاختبار اليوم أو تراجعت إلى حد بعيد ولم تعد تقدم “ضمانات” من أي نوع لأي دولة وأي تفكير يسقط هذا الواقع اليوم سيعتريه القصور.

لكن خبيرا اقتصاديا وصناعيا من وزن الدكتور لؤي سحويل له رأي متباين قليلا وإن كان لا يقفز إلى الاستنتاج المتسرع، فالاقتصاد العالمي اليوم يقترب من مرحلة “العولمة الجزئية” وهي مرحلة تتطلب من الاقتصاديات الوطنية مقاربة مبتكرة فيها أدوات وأولويات ورموز وخطط ومشاريع مختلفة قد لا يكون لها علاقة بالسوق الدولي بقدر ما لها علاقة بمفاهيم الجوار والإقليم وحكم الجغرافيا في المسألة الاقتصادية.

تلك مستجدات في المشهد لا يمكن لأي مؤسسة قرار أن تسقطها من الاعتبار مرحليا خصوصا عندما يتعلق الأمر بـ”حماية الاقتصاد الوطني في مرحلة ما بعد كورونا” وفقا لتعبير الملك عبدالله الثاني شخصيا في توجيهه لحكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز.

ما الذي يعنيه ذلك بلغة أبسط وأوضح؟

أغلب تقديرات الخبراء تتحدث اليوم عن “تحديات” فرضها إيقاع الفيروس واستهلاكه الاقتصادي والمالي، وأي مقاربة مهنية في المسألة الاقتصادية ينبغي أن تكون في رأي الخبير الدكتور محمد الحلايقة مبنية على أسس مختلفة ومستجدة تهتم فعلا بفهم كيفية تحويل الأزمة إلى فرصة والاستثمار في “المنحة” التي تنتج عن “أي محنة”.

“ثمة دروس وعظات بالجملة في مسألة كورونا” يقول الدكتور حلايقة لـ”القدس العربي” لكن في التخطيط الاقتصادي تغيرت معطيات والأردن نجح في التعاطي مع الأزمة صحيا وعلميا وأمنيا والمطلوب الآن التفكير الأفقي الجماعي وبين جميع المؤسسات على أساس شراكة بمعايير مختلفة الآن مع القطاع الخاص وبقية القطاعات سواء تلك التي كانت خاملة لأي سبب أو المرشحة لأن تصبح “ناشطة جدا”.

الامكانية متوفرة في حال الإدارة الأصح والتفكير الخبير العميق بالأردن في رأي الحلايقة وتتبقى إرادة صلبة في مغادرة الأزمة بأقل خسائر أولا ثم اللجوء إلى “النهوض” الوطني على أسس علمية وصريحة وصلبة وخالية من المبالغات اللفظية والخطط الورقية وبصيغة تقرأ الخريطة والمستجدات.

ومن المرجح على هذا الأساس أن خريطة العلاقات الأردنية الاقتصادية والسياسية تأثرت إلى حد كبير أثناء التفاعل مع أزمة الوباء بحيث اختبرت المؤسسات والشخصيات الأردنية قدراتها على بناء تحالفات أو تأسيس مبادرات تحافظ على المصالح، مع أن القطاع الصحي الأردني كان مميزا جدا على مستوى العالم والأداء العسكري والأمني من الصنف الذي يمكن تسويقه كقصة نجاح تستقطب الاستثمار في رأي الدكتور سحويل.

لا يتحدث الرسميون الأردنيون عمليا بخصوص دور التحالفات أو الصداقات في تلقي المساعدة خلال أزمة الفيروس وتداعياتها خصوصا تلك التي لم تحصل بعد والانطباع متكرس أن الحاجة ملحة بعد انخفاض فاتورة النفط عالميا إلى التأسيس للاعتماد بالطاقة على الأقل على “ثروات الأرض” الطبيعية المتاحة مثل الصخر الزيتي والرياح والشمس بدلا من التعامل مع نتائج الفيروس على الغاز الإسرائيلي.

خلال أزمة كورونا العلاقة مع إسرائيل ثبت بالوجه القاطع أنها “لا تنفع” ولا تقدم أي خدمات خاصة، وبالعكس ظهر للمؤسسة الأردنية أن إسرائيل “تطمع” في استيراد منتجات طبية يحتاجها الشعب الأردني.

 العلاقة مع السعودية أيضا بقيت في الظل خلال أزمة كورونا ولا أنباء عن أي مساعدات خاصة أو إضافية، أما العلاقة مع الولايات المتحدة فلم تبحث من حيث الأصل والجوهر والشكل ومع أوروبا بقيت مقتصرة على المؤسسات المختصة التي تعمل في الظل الغربي مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية.

ولا يشعر المواطن الأردني بأن تحالفات بلاده أحدثت فارقا في أزمة كورونا. بالعكس ثبت بأن الأردني في الأزمات والمحن عليه أن يعتمد فعلا على مؤسساته الوطنية ونفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى