اراء و مقالات

بايدن ورفاقه تجاهلوا عمان وقناعة بالحاجة إلى «طاقم مختلف»

لماذا بقيت المؤسسة الأردنية في «ظل الحدث» دولياً؟

عمان – «القدس العربي»: تعالت في وقت مبكر الأصوات السياسية والشعبية الأردنية التي تحاول دفع الحكومة والقرار السياسي والمؤسسات الرسمية إلى مراجعة سياساتها وتحالفاتها وكيفية تعاملها مع المعادلة الفلسطينية تحديداً، مباشرة بعد إعلان قرار وقف إطلاق النار في العدوان العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وبدا واضحاً أن الساحة الأردنية تتأثر بشكل كبير في اتجاهات البوصلة الدولية والدبلوماسية.
كما بدا واضحاً لجميع الأردنيين أن الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدث عن الزعيم المصري عبد الفتاح السيسي وشكر دور مصر وكبار مسؤوليها، وأن الاتحاد الأوروبي أصدر بياناً خص بالذكر فيه الدور المصري والدور القطري، فيما تسابقت الهيئات الدولية لتجاهل أي دور للأردن في مسار الأحداث الأخيرة، الأمر الذي يثبت مرة أخرى بأن المؤسسة السياسية الأردنية على المستوى الإقليمي والدولي بقيت في ظل الحدث أو آخر القائمة، عندما يتعلق الأمر بطاولة التفاوض سواء على التهدئة في غزة أو إعادة الإعمار أو كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
في وقت مبكر جداً، عبر الأردنيون على المستوى النخبوي وعلى المستوى الشعبي، عن انزعاجهم الشديد جداً من غياب تأثير بلادهم، خصوصاً بعدما كشف قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع الإسرائيليين عن دور أردني هامشي في تفاصيل الأحداث، والسبب فيه -كما يؤكد كبار المراقبين والسياسيين – هو القطيعة السياسية والأمنية والدبلوماسية مع أجنحة المقاومة الفلسطينية، بالرغم من القرب الجغرافي الكبير مع الشعب الفلسطيني ومع فلسطين المحتلة.
ولاحظ الجميع أن الرئيس الأمريكي لم يأت على ذكر الأردن بأي شكل من الأشكال، وتحدث عن رغبته في العمل لاحقاً مع جمهورية مصر العربية التي حظيت بكل الأضواء، حتى تلك المختصة بمنظومتها الأمنية على حساب التحركات الأمنية الأردنية، فيما غابت هنا عناصر الشراكة بين الأردن ومصر في ظل التعاطي والاشتباك مع تفاصيل المواجهة التي حصلت في فلسطين المحتلة.

لماذا بقيت المؤسسة الأردنية في «ظل الحدث» دولياً؟

وتحدث الاتحاد الأوروبي عن رغبته في إيفاد مبعوثين للتفاهم على المرحلة اللاحقة مع جمهورية مصر العربية، وشكرت غالبية الزعامات الدولية والمؤسسات الدولية كلاً من الدور القطري والمصري، وحظي الدور القطري بأضواء غير مسبوقة على حساب البعد الجغرافي والدور الأردني، الأمر الذي يشكل صدمة كبيرة لقطاع واسع من النخب الأردنية لا يمكن تبريرها، فسبب الغياب الرئيسي للدور هنا وعدم وجود الأردن على طاولة مسار الأحداث واتفاقية وقف إطلاق النار هو الرهان فقط في العلاقات مع السلطة الوطنية الفلسطينية والرئيس محمود عباس، وكلاهما أيضاً خارج المعادلة إسرائيلياً وفلسطينياً، وفي عمق الميدان وعلى المستوى الإقليمي والدولي أيضاً.
ومن المرجح أن يحظى هذا الموضوع وهذا الغياب بعملية تفكير بطيئة وزاحفة في عمق معادلة القرار الأردني، خصوصاً أن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة كان للتو قد صرح بأن الوصاية هاشمية في القدس رغم أنف جميع الأطراف، وهو تصريح لا يقتنع به حتى الشارع الأردني؛ لأن اليمين الإسرائيلي تحرش بالوصاية الهاشمية الأردنية، ولأن كتائب المقاومة الفلسطينية هي التي دافعت عن تلك الوصايا وتبنت ملف القدس، خلافاً لما فعله الخطاب الرسمي الأردني المتأخر، خصوصاً بعد أحداث حي الشيخ جراح.
وبالرغم من أن نبل وفروسية المواقف السياسية التي أعلنها العاهل الملك عبد الله الثاني، إلا أن المبادرات الحكومية في اتجاه هذه المواقف والتفعيل والتنشيط على أرض الميدان أظهرت عجزاً على المستوى الرسمي الأردني خصوصاً، والسبب في ذلك هو وغياب أي قدرة على الاتصال والتواصل قبل الأحداث الأخيرة مع قيادات المقاومة الفلسطينية، وغياب ما يصفه السياسيون في عمان بنصف الشعب الفلسطيني والرهان فقط على السلطة وحركة فتح.
ويعتقد وعلى نطاق واسع، بأن هذه الاعتبارات ستؤثر في معادلات الأردن وبوصلته واتجاهاته خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وستكون مثاراً لنقاش مهم ومفصلي طوال الوقت. وبدا واضحاً هنا في عمان لجميع الأطراف المتحركة في المعادلة الفلسطينية، أن المزاج الشعبي الأردني تغير في ملف القدس والقضية الفلسطينية، وأن البنية الاجتماعية الأردنية دخلت في إيقاعات جديده لا بد من التعامل معها بعد الآن على مستوى القرار المركزي في الدولة وانحيازاتها وطريقة تصرفها.
ويعتقد في الوقت نفسه بأن الأدوات التي ساعدت في تهميش دور الأردن في المرحلة السابقة وكشفت عور الغياب الأردني، خصوصاً في معادلة مهمة مثل القضية الفلسطينية، قد تغيب أيضاً عن الواجهة مقابل حضور أو الحاجة إلى حضور فريق جديد وطاقم جديد يحاول تعويض الخسائر والمكاسب ويحصن أو يساعد في تحصين موقع الأردن الجيوسياسي، حيث الورقة الأهم التي لم تستطع الحكومة والمؤسسات الحالية الاستثمار فيها على نحو واضح، قد شكلت صدمة حتى لطبقة كبيرة من رجال الدولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى