اراء و مقالات

«الحزب في حكم المنحل»… عبارة تثير جدلاً في «القوانين الأردنية»

عمان – «القدس العربي»: خرج قادة ورموز حزب الإنقاذ والشراكة الأردني الذي اعتبر “في حكم المنحل” قانونياً مؤخراً عن صمتهم خلال الساعات القليلة الماضية بطريقة غير مألوفة احتجاجاً على ما ورد في تصريح للهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، اعتبرت فيه أن الأحزاب التي أخفقت في تصويب أوضاعها بموجب تعديلات قانون الأحزاب الجديد أصبحت في حكم المنحلة قانونياً.
ورغم أن الهيئة قامت بواجبها القانوني المحض، فإن تعريف عبارة “في حكم المنحل” لم يعمم بعد وسيؤدي على الأرجح إلى نقاشات خليطة ما بين السياسي والقانوني، مما قد ينتج عنه الاحتياج لاحقاً إلى “فتوى دستورية” من المحكمة الدستورية العليا. ولم تعرف بعد صيغة تفسير عبارة الحزب المنحل قانونياً أو في حكم المنحل.
لكن القاضي والقانوني البارز الدكتور لؤي عبيدات، وهو أيضاً أحد أقطاب هذا الحزب المثير للجدل، نشر رأياً فقهياً دستورياً اتهم فيه الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات بإصدار تصريح يخالف صلاحياتها الدستورية والقانونية، معتبراً أن مجلس مفوضي تلك الهيئة لا يملك الحق بموجب نصوص القانون بالقول إن أي حزب حصل على الترخيص سابقاً قد أصبح في حكم المنحل.
وطالب الدكتور عبيدات، وهو أحد القانونيين البارزين لكن الأقرب للمعارضة، الهيئة المستقلة بالاعتذار عن الخطأ الجسيم الذي تورطت فيه والتراجع عن إجرائها بخصوص حزبه، وسحب خبر يشير إلى أن الحزب أصبح في حكم المنحل من الجريدة الرسمية للمملكة.
ووجهة نظر عبيدات المفاجئة أن القانون واضح بخصوص الجسم القانوني والإطار القانوني لترخيص الأحزاب، فثمة جهتان فقط لهما الحق باعتبار أي حزب مرخص سابقاً قيد الحل القانوني، وهما: سلطات القضاء، وقد اعتدت عليها الهيئة المستقلة-برأي عبيدات، إضافة إلى أعضاء الهيئة العامة للحزب المرخص وبأغلبية الثلثين.
وذلك يعني إذا ما كان كلام عبيدات دقيقاً، أن مسار تصويب الأوضاع في قانون الأحزاب الجديد ضمن خطة تحديث المنظومة السياسية في البلاد بحد ذاته يحتاج إلى نقاش، وأصبح من المسارات التي يمكن أن تثير جدلاً قانونياً. والأهم أن نقاشاً قد لا يكون في وقته يثيره الآن رموز حزب الإنقاذ المنحل، بعنوان مصير الجسم القانوني للأحزاب المرخصة سابقاً.
ولم تعلق مصادر الحكومة القانونية ولا الهيئة على ما ذكره القاضي عبيدات، لكن لاحظ الجميع بأن المؤسس البارز لحزب الإنقاذ والشراكة الشيخ سالم الفلاحات، تحدث إعلامياً هو الآخر، وشكك بمجمل مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد، واعتبر أن الأوضاع العامة صعبة ومعقدة، ووجه اللوم لعدم الجدية في الإصلاح السياسي.
وكان مسار هذا الحزب تحديداً قد أثار الكثير من الضجة والجدل في الأوساط المحلية الأردنية، خصوصاً أنه حزب مناكف، وأقرب إلى صيغة الحراك والنشطاء المتقاعدين العسكريين، كما يصنف.
واشتكى الحزب مراراً وتكراراً من تدخلات تمنعه من التسجيل ضمن الآلية القانونية المطلوبة، وتحدث عن ضغوطات خلفية رسمية فيما تعتبر الهيئة المستقلة أن معيارها القانوني ينفذ بدقة والتزام، مع الإشارة إلى أن بعض مؤسسي الحزب أخفقوا في الحصول على وثيقة “عدم المحكومية” التي تصدر عن القضاء وليس الحكومة أو الهيئة.
ولم يقدم الحزب ومؤسسيه ورموزه قرينة أو دليلاً على تلك الاتهامات باستثناء تعليقات بين الحين والآخر، وأشرطة فيديو يقول فيها بعض الأعضاء إنهم تعرضوا لضغط من موظفين أمنيين للانسحاب والاستقالة.
لكن الانطباع في الأوساط السياسية والحزبية عموماً بأن حزب الإنقاذ والشراكة بعدما أخفق في تصويب أوضاعه، وفقاً للقانون، يتحول إلى ضحية أو أيقونة على المستوى الشعبوي.
كما يتحول بفعل غضب السلطات عليه وعلى تصريحات قيادته إلى قرينة مضادة للفهم العام في تثبيت أركان تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
وأغلب التقدير أن الظهور الإعلامي المفاجئ لكل من الشيخ الفلاحات وثم القاضي عبيدات، يعني أن الحزب يقرر الاشتباك ولا يريد الاستسلام، ويتجه نحو إثارة الضجيج مجدداً حول الأسباب التي منعته من تصويب أوضاعه، فيما يقدر عضو مجلس الأعيان والإعلامي المخضرم جميل النمري، في نقاش مع “القدس العربي” بأن المسألة برمتها غير مفهومة وكان يمكن الاستغناء عنها، مصرّاً على معيار قانوني موحد يفترض أن يشمل الجميع حتى لا تخدش المسيرة التحديثية.
وقد تعتبر تعليقات القاضي والفقيه القانوني عبيدات في هذا السياق مثيرة جداً للانتباه ومحطة لا بد للقانونيين من التوقف عندها، حيث إن الوضع القانوني اليوم للأحزاب المرخصة التي أخفقت في تصويب أوضاعها قد يحتاج لاحقاً إلى فتوى من المحكمة الدستورية.
والسبب ما يؤشر عليه عبيدات، وهو أن الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات ومجلس مفوضيها ليسا الجهة المختصة دستورياً وقانونياً بتحديد ما إذا كان أحد الأحزاب السياسية المرخصة سابقاً قد أصبح في حكم المنحل.
وهو جدل في مناطق معتمة ومثيرة للحساسية وينزلق بمسألة الأحزاب برمتها نحو زوايا غير مفضلة وفي توقيت حساس.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى