اراء و مقالاتمقالات وآراء

نقص حاد في تحليل “الإسرائيليات” والأردن يسأل عن ألغاز “ركوب كوشنر” لرحلة تل أبيب-أبو ظبي

 بدت وكأنها محاولة متأخرة لاستدراك وفهم السلوك المتسارع  لكبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر وهو يمنح الاتفاقية بين الإمارات وإسرائيل جرعات إضافية من الحماس الشخصي المفرط.

احتاجت محطات الاستشعار القوية العميقة لإجابة ما قبل خمسة أيام على السؤال التالي: ما الذي يريد ان يقوله صبي الأسرار جاريد كوشنر عندما يكون الراكب الأول والأبرز في أول رحلة طيران تجارية من تل أبيب إلى أبو ظبي وسط تلك الاحتفالية الأمريكية في المشهد؟

وفقا لما سمعته مرارا وتكرارا “القدس العربي” من أعمق خبراء الإسرائيليات في عمان، المفكر السياسي عدنان أبو عودة، ثمة نقص حاد جدا وفاضح في من يستطيعون تحليل المعطيات الإسرائيلية والأمريكية بعمق حقيقي وفهم الدلالات والإستخلاصات، حيث لا شيء يحصل مجانا أو بدون هدف.

أبو عودة طبعا لا يتحدث عن كوشنر وعن ما حصل مؤخرا. لكنه يصر “النقص حاد نخبويا ليس في عمان فقط ولكن في رام الله وأوساط السلطة الفلسطينية أيضا”.

في كل حال يمكن استذكار مثل هذا التأشير العميق عندما يتعلق الأمر بأي محاولة لتفكيك ألغاز حماس كوشنر وحضوره بلا أجندة سياسية محددة باستثناء ركوب الطائرة إياها وفي ظل حمى فيروس كورونا التي تعرقل كل شيء في دول المنطقة وتحديدا في الإمارات باستثناء النمو الخاطف والمتسارع للاتصالات مع الإسرائيليين برعاية أمريكية وفي مختلف المجالات.

 ذلك دوما في رأي أبو عودة وغيره من قدامى المحاربين على جبهة السلام والسياسة والتفاوض، لا يحصل بدون سبب، لأن الجبهة العربية خلافا لخصمها الإسرائيلي تربط بين سلسلة من الأحداث بالتعاطي مع سطحها وقشرتها فقط.

وقبل ركوبه طائرة العال الإسرائيلية إلى أبو ظبي قرع كوشنر نفسه جرس إنذار قوي في عمان عندما أطلق تصريحا بعبارة هائمة نصح فيها المسلمين بعد التعايش والسلام بزيارة القدس والأماكن المقدسة التي لهم فيها عبر محطة أبو ظبي.

تصرف كوشنر هنا وكأنه وكيل رحلات سياحية ويريد خدمة شركة العال دون أن يصدر أي تعليق من الحكومة الأردنية رسميا يعيد التذكير باتفاقية وادي عربة للسلام أو بالرعاية الأردنية للقدس أو حتى بالوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى وغيره.

 وأيضا دون أي تذكير بأن الطريق الطبيعية والأقصر لزيارة المسلمين إلى القدس والمسجد الأقصى من المنطقي بحكم الواقع الجغرافي والقانوني هي وينبغي أن تكون عمان.

يقدر المراقبون بأن عمان لو قالت شيئا في السياق أو اعترضت أو لاحظت لأغضبت واشنطن وتل أبيب وأبو ظبي أيضا، فتلك العواصم الثلاث تعزف على نفس الوتر اليوم وبتسارع شديد فيما الجدل يحتدم في الساحة السياسية الأردنية عشية الانتخابات المقبلة بعنوان تأثير ونفوذ محتمل لأجندة الوضع الجديد.

 كوشنر بقي طوال الوقت من أكثر الشخصيات التي لا تحبها العاصمة الأردنية. ثمة سجل من التجاهل والمناكفة أيضا تقول حيثياته إن كوشنر لم تعجبه مستويات المشاركة الأردنية الرمزية جدا والبائسة في مؤتمر المنامة الشهير لاقتصاديات صفقة القرن. وإن كوشنر وطاقمه تقصدا أن تبقى حصة الأردن في أوراق ووثائق مؤتمر المنامة بسقف استثمارات لا يزيد عن 7مليارات دولار. وهو مبلغ بائس وسقيم ويتجاهل الحقائق والواقع الرقمية كما يشرح لـ”القدس العربي” المستشار والخبير الاقتصادي محمد الرواشدة.

الرواشدة وفي وقت مبكر أبلغ أن هذا المبلغ أقرب إلى الضحك على الذقون وينطوي على مجازفة بصفقة ضخمة تثير الشبهات أصلا، لأن الأردن وبدون صفقة القرن وبدون مؤتمرات يحصل وحصل على ما يزيد على هذا المبلغ عمليا.

 السجل المناكف مع كوشنر أيضا تضمن عبارة أردنية قيلت له وجها لوجه في أحد الاجتماعات ويقال إنها أغضبته عندما سمعها “نحن لا نتحدث لهجتين في القضية الفلسطينية” ثمة قناة حاولت إيصال الرسائل وحاولت تضليل مسؤولين أردنيين كانت تمثل وسيطا أمريكيا من أصل فلسطيني يوحي بأنه على صلة بطاقم كوشنر ويستطيع التأثير فيه.

 هذه الحيثيات مجتمعة تعيد الاستشعار إلى السؤال الأساسي: ما الذي يعنيه خصوصا للأردن ومصالحه  ان يجتمع نتنياهو وكوشنر معا على تصريح يرحب بالزوار المسلمين إلى القدس الإسرائيلية عبر محطة الركاب في أبو ظبي؟

 هذا سؤال فيه مساس مبكر بحقوق الوصاية الأردنية القانونية. والاهم انه بدأ يثار همسا في أقنية وقنوات ومجالس العاصمة الأردنية عمان.

 والمهم أيضا ان وزارة الخارجية الأردنية مصرة على ابتلاع لسانها وعدم إظهار جملة تكتيكية صلبة تحذر كل الأطراف التي تطمح اليوم بتجاهل وتجاوز الورقة الأردنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى