اراء و مقالات

تسويات بالجملة خلف الستارة الأردن: تجربة «برلمان حزبي» قد لا تنجز في عشر سنوات

بدأ أعضاء في اللجنة الملكية يشيرون بين الحين والآخر لانخفاض سقف التوقعات ولضغوطات وخلافات وتجاذبات يبدو أنها قلصت من السقف المأمول والذي يتخذ بدوره الشكل المطلوب له ومنه.

عمان-»القدس العربي»: الخيال السياسي فقط هو الذي يقطف الثمرة عندما يتعلق الأمر بالتفكير بالوصفة التي تعمل عليها حاليا لجان استشارية بغطاء ملكي لتحديث وتطوير المنظومة السياسية عبر العمل على تشريع قوانين جديدة للتشبيك السياسي الإصلاحي بين الانتخابات والأحزاب السياسية في الأردن.

فقط من يتخيلون سيناريو قطع مسافة كبيرة تحت سقف الإصلاح السياسي هم الذين يمكن القول بأنهم بدأوا يتحدثون بلغة وإشارات واقعية إلى حد ما بعنوان إجراء تسويات خلف الستارة. وهي تسويات لها علاقة بقانوني الأحزاب والانتخابات ويفترض أنها خرجت أصلا من نافذة الواقع الموضوعي بمجرد إعلان القصر الملكي الحاجة الملحة وطنيا لتحديث المنظومة السياسية .
اللجنة الملكية التي ترأسها سمير الرفاعي رئيس الوزراء الأسبق كلفت بالتزامات وتوصيات ووثائق وتشريعات محددة. لكن التصريحات التي رافقت الإعلان عن تشكيل اللجنة رفعت سقف التوقعات إلى حد كبير وتسارع رؤساء لجان وأعضاء في اللجنة الملكية للحديث عن الغاية التي ينبغي أن تصل إليها البلاد في غضون عشرة أعوام وهي برلمان حزبي بنسبه 100 في المئة وقائم على أساس العمل البرامجي ومنظومة انتخابات متطورة وعصرية وحديثة لا مجال فيها لأي عبث أو تلاعب أو إخلال بسلسلة تعزيز النزاهة .
ويبدو ان الحديث عن برلمان حزبي في غضون عشرة أعوام بالكامل بدأ يتقلص وبالتالي فإن المعنيين بالخيال السياسي فقط هم الذين يربطون الآن بين ما تم التوصل إليه خلف الستارة عمليا ومشروع كبير بعنوان تداول السلطة وتشكيل حكومات برلمانية.
ما حصل عمليا ويحصل الآن هو سقف دون هذا الطموح بصورة مرجحة وضغط مباشر أحيانا من الشارع وأحيانا أخرى من قوى أساسية في المعادلة الرسمية تعمل باتجاه تقليص السقف والحصة الحزبية في البرلمان المقبل خلافا للاتجاهات التي قيلت للرأي العام في وقت مبكر من تشكيل اللجنة في مظلة ملكية استشارية ناضلت وحاولت لكنها اضطرت لتقليص التوقعات لاحقا بطريقة ملموسة.
في كل الأحوال لا يستطيع إلا بعض أعضاء اللجنة الآن الحديث عن قفزات حقيقية على مستوى التنمية السياسية، مع أن عضو البرلمان السابق طارق خوري سبق الجميع عندما نشر تغريدة تحدث فيها عن الفارق بين تحديث المنظومة السياسية وبين الإصلاح السياسي في الوقت الذي حذر فيه الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة عدة مرات وفي ندوات مغلقة حضرت بعضها «القدس العربي» من تجاهل المطلوب في الإصلاح الحقيقي معتبرا بأن مصلحة الدولة والنظام والمؤسسات الرسمية والبيروقراطية هي التي تتطلب الإصلاح السياسي الآن.
حصل ذلك فيما بدأ أعضاء في اللجنة الملكية يشيرون بين الحين والآخر لانخفاض سقف التوقعات ولضغوطات وخلافات وتجاذبات يبدو أنها قلصت من السقف المأمول والذي يتخذ بدوره الشكل المطلوب له ومنه.
بمعنى آخر بدأت عملية تسويق الفكرة التي تتحدث عن تحقيق المنجزات عبر اللجان الفرعية للجنة الملكية الأم في المجال الإجرائي مثل نزاهة الانتخابات ومتابعتها وعملية الاقتراع وكيفية ترخيص الأحزاب، لكن المطلوب كان يتجاوز بكثير الجوانب الإجرائية. والمطلوب الذي أعلن للرأي العام والشارع مع بداية تشكيل اللجنة قبل انخفاض السقف بالتدريج وتدحرج الأفكار والطموحات الكبيرة وتشتتها أمام صخرة الواقع الموضوعي وتمترس التيارات المحافظة، لأن المطروح كان مشروعا كبيرا نحو التحول للعمل الحزبي على أساس برامجي، وعلى أساس هوية وطنية جامعة وواحدة، لكن الهجوم بالنسبة للقوى المعاكسة للإصلاح السياسي كان كبيرا وأربك على الأرجح جميع الأطراف، حتى ان وزير البلاط الأردني الأسبق مروان المعشر، شارك في نقاش مع «القدس العربي» كان عنوانه الاستغراب من وجود أطياف وشرائح ترتاب عندما يتحدث أي سياسي عن ضرورة الوصول إلى حالة من الإجماع على هوية وطنية جامعة موحدة للأردنيين، لأن البديل عن ذلك في رأي المعشر وآخرين هو بالتأكيد الهويات الفرعية .
الضغط كان كبيرا طوال الوقت على اللجنة. والسقف انخفض إلى حدود غير مسبوقة مع نهايات الأسبوع الماضي، وبدلا من العمل على تحقيق برلمان حزبي بدون أحزاب حقيقية في الواقع الموضوع وخلال عشرة أو عشرين عاما، يبدو ان النية تتجه الآن لتطعيم البرلمان بنكهات تياراتية حزبية ليس أكثر مع التأكيد على عدم المساس والاقتطاع من مقاعد وحصص الكوتات والأقليات والمناطق مما أربك خطط اللجنة وانحيازتها بوقت مبكر.
وذلك يحصل رغم ان اللجنة رفعت سقفها الزمني وتريد التمهل قليلا لأسبوعين على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى