مقالات وآراء

وزارة الرزاز «لم تعد في أمان»… التعديل «ملاذ» و«التغيير الوزاري» أصبح هدفاً لقوى أردنية

توليفة «تناكف» وتجمع الكلالده بالعجارمة… ورأي للمصري

 

يقدم رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن الدكتور خالد كلالده «رواية» متباينة مع رواية الحكومة بخصوص قانون الانتخاب وتعديلاته المقترحة. الكلالده، وهو شخصية يسارية وحراكية سابقاً تقلدت مواقع رسمية عدة، يصر على أن «التوجيهات العليا» -عندما يتعلق الأمر بأي سقف لتعديلات مقترحة على قانون الانتخاب- تتضمن بندين لا ثالث لهما، وهما تخفيض سن الناخب «إلى 28 عاماً بدلاً من 30»، وتخفيض عدد المقاعد من «130» إلى أقل بقليل بصورة تتناسب مع تفعيل عمل مجالس اللامركزية في المحافظات والأطراف.
ضمنياً، يمكن افتراض أن الكلالده يحاول هنا «تفسير» ما قصده الملك عبد الله الثاني شخصياً عندما تحدث علناً عن عدم الحاجة إلى تعديل موسع على قانون الانتخاب الحالي، بل تعديلات طفيفة.

الأهم أن قصة الكلالده، وهو المسؤول المباشر عن ملف الانتخاب، «تناكف» عملياً بصورة أو بأخرى مشروعاً قمع بقسوة حتى الآن تبناه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز وهو يحاول اختراق الجدار الإسمنتي الصلب وتجريب حظه في وجبة أو بصمة باسم «الإصلاح السياسي». وليس سراً هنا أن الكيمياء مفتقدة بين الكلالده والرزاز، وأن رؤية الأول «نقدية إلى حد ما» بأداء حكومة الثاني. وليس سراً أيضاً أن الرزاز يلمح إلى صعوبة التواصل مع الكلالده في مجالسه الخاصة. لكن على هامش التحدث عن تموقع الرزاز في صفوف خيارات نخبة الدولة والقرار والواجهة السياسية، يمكن القول إن الوزير السابق نوفان العجارمة تحول من موظف سابق رفيع المستوى في الحكومة إلى مستوى المتابعة النقدي لمسار الرزاز.
بوضوح وبكل المتاح، يحاول العجارمة المشاغبة على حكومة الرزاز بعد أن أخرجه الأخير من موقعه كرئيس لديوان التشريع في مقر رئاسة الوزراء وبدون سبب مقنع، لصالح القاضية فداء الحمود، على أمل تنويع الخيارات في الجهاز التشريعي المساند للحكومة.
جلوسه خارج الحكومة دفعه باتجاه المناكفة أيضاً بين الحين والآخر في المجال الذي يجيده ويتقنه، وهو التشريعات واللعبة القانونية.
لكن، في المقابل، لا يبدو أن جبهة الرزاز هذه الأيام مرتاحة تماماً مع كل الاتجاهات؛ فالأخير بدأ «يتذمر» من «وزراء ورثهم ولم يختارهم بنفسه» مجدداً، وهي موجة سبق أن دفعته باتجاه تعدايلين وزاريين، عندما استفسرت «القدس العربي» عنهما منه شخصياً أفاد بأن الاتجاهات الفكرية التي يتبناها ليست وحدها في الميدان.
المهم أن الرزاز يقترب من موقف معقد للغاية بعد الإصرار على عدم تمكينه من المضي قدماً في مشروع تعديل قانون الانتخاب أو تحقيق بصمة في مسار الإصلاح السياسي.
وهو موقف قوامه اليوم ومجدداً «التعديل أو التغيير» في نهاية المطاف، خصوصاً إذا استمر التراجع الاقتصادي والضريبي على منواله الحالي، ما يعني أن حكومة الرزاز تفقد مسوغ وجودها وبرنامجها مع صندوق النقد الدولي. طبعاً، يشكل التعديل الوزاري دوماً ملاذاً أمام أي حكومة للإفلات من العواقب العامة ومحاولة الهرب من مسؤوليات الإخفاق. لكن «التغيير الوزاري» يشكل ملاذاً لمن يرون في الرزاز وحكومته «عبئاً أو خطراً»، حيث ظهرت مؤخراً ملامح «احتكاك» بين وزراء في الحكومة ومسؤولين بارزين في الدولة العميقة.
كما ظهرت تلك الأصوات التي ترى أن الرزاز «يخفق» في إنجاز المطلوب بعد تراجع عوائد الضريبة رغم التصعيد الضريبي، أو تلك التي تقترح بأن المرحلة «أكبر وأصعب» من الحكومة الحالية، في رأي فاجأ السياسي المخضرم طاهر المصري جميع الأطراف وهو يتبناه مؤخراً.
المصري صرح بأن ظروف الدولة معقدة والحاجة ملحة إلى «حكومة قوية». وشرح أمام «القدس العربي» مرات عدة تصوره للحكومة القوية وهي التي تستطيع امتلاك زمام «الولاية العامة».
وفي منطقة أبعد قليلاً، بدأت همسات خافتة تتحدث عن خروج الرزاز «عن السكة» وسعيه لنقل الدولة بدون توافقات حقيقية إلى برامج «الدولة المدنية، ما يشكل خطراً لا تأخذه بالاعتبار الحكومة الحالية.
وعليه، تصبح المراوحة بين «تعديل وزاري» أو تغيير وزاري مساحة فيها الكثير من الاشتباكات حتى من الأطراف المتضادة والمتعاكسة، فغالبية ساحقة من طبقة رجال الدولة ترى بأن الحاجة ملحة إلى رئيس وزراء بمواصفات لا علاقة لها بالرزاز. ومستويات لا يستهان بها تتقاطع مع هذا الرأي، لكن تختلف معه عند نقطة «الولاية العامة».
في الوقت نفسه، خيارات الرزاز نفسه صعبة وسط الشغب المتحرك ضده، وقائمة «الوعود» التي لا يستطيع تنفيذها تطول كلما أصرت حكومته على الاسترسال في مجاملة مراكز قوى متعددة بالدولة وحملة «اتهامات» على الأرجح في طريقها لدرب الرزاز ومن النوع الثقيل.
يضيق الأفق أمام الرزاز وطاقمه حتى يصل إلى خيار التعديل الوزاري، وهو مشهد بحد ذاته يشكل أزمة مفصومة سياسية؛ لأن السماح بتعديل يعني إطالة عمرالحكومة أكثر، وعدم السماح به يعني تركها تغرق في «تركة ثقيلة» وسط ضجيج الشارع وأصواته التي بدأت ترتفع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى