اراء و مقالات

«آلو – السلام عليكم» للشيخ رائد صلاح… ولمشعل «تفضل»: هل يبدأ الأردن «تنويع مصادره» الفلسطينية؟

عمان – «القدس العربي» : «آلو – السلام عليكم».. تلك عبارة بمضمون تحية سياسية قد -ونقول قد- يتلقاها زعيم الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 الشيخ رائد صلاح، فيما المتصل على الجانب الآخر يصافح هاتفياً باسم مجسات النبض الأردنية. بالتوازي، وصلت رسالة وعلى الأرجح عبر الهاتف أيضاً، للقيادي البارز في حركة حماس خالد مشعل، وبصيغة «مرحباً بك.. بإمكانك زيارة عمان بصفة شخصية».
عملياً، حتى اللحظة على الأقل يتطور هذا الصنف من الاتصالات، لكن على استحياء وبخجل من جهة شخصيات شبه رسمية أردنية، لكنها من الصنف الذي لا يتحرك بدون إيعاز أو تفويض من جهات القرار.
لا توجد بعد معطيات محددة تشير إلى أن الشيخ رائد صلاح قد يكون مهتماً بـ«زيارة تشاورية» يقترحها قادة جماعة الإخوان المسلمين الأردنية مرحلياً إلى عمان.
لا بل لا توجد قرائن على أن عمان قد تطور جس النبض المشار إليه إلى مرحلة مشاهدة الشيخ صلاح، الممنوع سابقاً من زيارة الأردن، بسيارة مراسم أردنية على الجسور والمعابر تستقبله رسمياً إلى أن يظهر في موقع ما من مواقع القرار.
في المقابل، ما تسربه أوساط مقربة من حركة حماس أن خالد مشعل في زيارة وشيكة إلى الأردن لكنها مجدداً تحت عنوان إنساني أو عائلي، بمعنى أنها ليست سياسية، والرجل -وهو أردني بالمناسبة بالجنسية والقيد المدني- قيلت له عبارات ترحيب على أمل بناء تصور ما يتجه نحو تنويع خيارات «جس النبض» والاستماع لفلسطينيين، وهذه المرة من خارج إطار السلطة الوطنية.
قبل نحو 3 أشهر، استفسر اجتماع وزاري في عمان بحضور رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة: ما المكاسب وما المحظورات إذا ما استقبلنا في مقر رئاسة الوزراء شخصيات مثل الشيخ إسماعيل هنية أو خالد مشعل أو كليهما؟

مشعل في طريقه لعمان

حتى رئيس الوزراء نفسه الخصاونة، لا يمانع في ذلك، والشيخ إسماعيل هنية تلقى منذ عدة أسابيع إشارة ضوء أخضر صغيرة هافتة بأن استقباله رسمياً في عمان يدرس، لكن المبادرتين توقفتا في ذلك الوقت؛ لأن ملف حركة حماس لا يزال أمنياً وليس سياسياً في المقام الأول. ولأن ما سمعته «القدس العربي» في منطقة قريبة جداً من مقر رئاسة الوزراء هو أن إزعاج السلطة والرئيس محمود عباس باستقبال قادة حماس رسمياً، خطوة لا تحظى بالتوافق بعد بين مؤسسات الدولة الأردنية.
مشعل في طريقه لزيارة عمان مع بقاء القيد والشرط الأساسي القائل بأن الزيارة غير رسمية، وهو وضع قد يتغير في الميدان عند تدشين تلك الزيارة، خصوصاً أن كل الرسائل التي ترد للأردنيين من هنية ومشعل وغيرهما من رموز حماس، تبدأ وتنتهي بالود والسلام والمحبة والرغبة في أن تتطور قليلاً سياسة التواصل المباشر، مع الحرص على عدم الاستعجال، والصبر، وكما قال مشعل بحضور «القدس العربي» يوماً: «مع التقدير الشديد لظروف الشقيق الأردني».
لم تعرف بعد بصورة مفصلة حيثيات الزيارة، لكن قادة وأقطاباً في المعادلة السياسية الأردنية طوال الوقت يعتبرون، مرحلياً، بأن إزالة مخلفات الماضي قليلاً وتنويع خيارات التواصل الرسمي والدبلوماسي جزء أساسي في صلب الدفاع عن المصالح الأردنية العليا.
ليس سراً أن بعض الأسماء مثل طاهر المصري ومروان المعشر وممدوح العبادي وخليل عطية، هم بين هؤلاء وغيرهم في سياق النخبة. وليس سراً أيضاً أن بعض المعطيات تتبدل وببطء شديد، وأن تنويع مصادر المعلومات والتواصل قيد البحث والتمحيص في الدولة العميقة لعدة أسباب، أهمها حملة الأردن النشطة بعنوان الاحتياط قدر الإمكان حتى لا يعود بنيامين نتنياهو إلى الصدارة في دولة الكيان.

مطلب ملح

ومن بينها نغمة السلام المباغتة التي قررها الخصاونة نفسه قبل عدة أسابيع عندما صافح إيران علناً، معبراً عن رغبة بلاده في أن تتطور العلاقات.
التواصل مع فعاليات الحالة الفلسطينية الأساسية مسألة حظيت بضوء أخضر مرجعي خلف الستارة.
لكن محددات هذا التواصل وكيفيته وأدواته وتواقيته لم تنضج بعد، وإن كان البحث قد بدأ بتوجيه رسائل رغبة في التصافح، لا بل التواصل، وإن أمكن التفاهم مع قيادات بارزة في المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، سواء مثل الشيخ صلاح أو حتى الشيخ منصور عباس والدكتور أحمد الطيبي.
في الهامش وبعيداً عن الأضواء، تطرح تساؤلات محددة بدون أجوبة بعد حول محاذير وكلفة وفواتير ومكاسب التواصل مع الإيرانيين ورموز النظام السوري، وبصورة أقل بعض المحسوبين على حماس.
ذلك التنويع، وكما قال القطب البرلماني خليل عطية لـ«القدس العربي»، كان ولا يزال وسيبقى مطلباً ملحاً في وجدان الشارع الأردني، وعلى الحكومة احترامه.
ثمة ما يتغير ببطء في معادلة الاشتباك والتواصل والتنويع، لكن لا قرائن بعد بأن التغيير قد يكون كبيراً أو مخترقاً أو يسمح بما هو أبعد من تبادل بعض المجاملات أولاً، ثم بعض التقييمات، وإن كانت المحاولات التواصلية لا تزال خجولة على قاعدة أن المسموح والممكن لدول أخرى في المنطقة مثل مصر وتركيا وقطر، قد لا يصلح مع الأردن. قد تبقى تلك السردية مجرد ذريعة لتبرير الخجل والتردد والخوف من خسائر أكبر دبلوماسياً، أو مجرد نمط تفاعلي يبالغ في التطوع بالخضوع للمقايسات والمواصفات التي تتطلبها إدامة العلاقات جيدة مع الأمريكيين وبعض الحلفاء العرب. في المقابل، المعيار الأمني لم يعد كافياً في التعاطي مع بعض الملفات التواصلية إذا ما رغب الأردن في تعزيز فرصة حفاظه على مصالحه ودوره وجلوسه على الطاولة، فيما مخاطر عودة نتنياهو وحتى دونالد ترامب تطرق كل الأبواب وبقسوة.
ثمة أسباب وجيهة عدة في أوساط القرار تفترض بأن على عمان أن تبالغ قليلاً في الاختراق التكتيكي بالتوازي مع عملية تحصين الجبهة الداخلية وقائياً، على حد تعبير الدكتور العبادي.

هل يعني ذلك شيئاً محدداً؟

الإجابة حتى اللحظة «نعم»، فإيصال رسالة مجاملة للشيخ رائد صلاح وإجراء ترتيبات من أجل الانفتاح على أعضاء في الكنيست، جزء من سياق تكتيكي ما. وأغلب التقدير أن فتح الباب أمام زيارة شخصية لخالد مشعل رغم عدم وجود ظروف شخصية أو عائلية معروفة، يعني طرقة صغيرة على بعض الأبواب، ومثلها مبادرة الخصاونة العلنية المثيرة التي تنفي جزئية تهديد إيران للأمن القومي الأردني.
نعم، باختصار وفي الخلاصة، ثمة حراك يبرز، وهو مرتبط جذرياً بالقضية الفلسطينية الآن، لكن بخجل وتردد، وهو بين احتمالين؛ إما بناء حالة تواصلية مختلفة ومتطورة، أو الانكفاء مجدداً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى