اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن بانتظار «فيروسات الانتخابات» وتحضيرات لانعقاد البرلمان الجديد قريباً… والخصاونة يستعد لمعركة الثقة

يفترض أن يجتمع مجلس النواب الأردني الجديد في دورته العادية الأولى قبل نهاية الشهر الجاري، حيث السيناريو الأبرز والأكثر تقدماً حتى الآن تمكين البرلمان المنتخب بعد عشرة أيام من الانعقاد لاستئناف الاستحقاق الدستوري. معنى ذلك ترتيبات لوجستية وسياسية وتشريعية.
ومعناه أيضاً الالتزام بمضمون أمر الدفاع الجديد الذي يستثني الاجتماعات الدستورية من تعليمات الحظر في الوقت الذي يترقب فيه الأردنيون جميعاً، من القمة إلى القاعدة، النتائج الرقمية للتفشي الفيروسي الذي حصل يومي الانتخابات، والتي ستظهر لوزارة الصحة على الأرجح يومي الأربعاء والخميس. ونشرت أسماء النواب الجدد في الجريدة الرسمية، وتلك خطوة تعني دستورياً بأن مجلس النواب الجديد يستطيع ممارسة عمله الدستوري بانتظار أداء اليمين حتى تبدأ فعالية الحصانة السياسية للنواب.
ويبدو أن الاتجاه الأبرز له علاقة بانعقاد دورة عادية قبل نهاية الشهر الجاري، حيث ترتيبات منسجمة مع الوقاية الصحية تتسارع الآن في قبة البرلمان تحضيراً ليوم الافتتاح، ومن المألوف أن يفتتح الملك عبد الله الثاني الدورة العادية بخطاب العرش الشامل. في ذلك اليوم الافتتاحي وموعده المبدئي 29 من الشهر الجاري، وهو السقف الوقتي الذي يسمح به الدستور لانعقاد الدورة، يفترض أن تطبق أعلى معايير التباعد الصحي في ذلك الاجتماع الضخم الذي يحضره بالعادة النواب والأعيان ومجلس الوزراء وكبار المسؤولين، لتدشين مرحلة دستورية جديدة.
تبدأ جلسة الافتتاح بالعادة برئاسة أكبر الأعضاء سناً بالخبرة البرلمانية، ثم ينتخب النواب رئيساً لهم ونائبين له، وأعضاء المكتب الدائم واللجان الرئاسية، ويستأنف العمل البرلماني، حيث يمكن للأردنيين في وقت أزمة اقتصادية وفيروسية حادة رؤية 100 وجه جديد في مستوى التمثيل البرلماني يستعرضون حضورهم ودورهم وخطاباتهم. وخلال شهر واحد فقط وعبر الاستحقاق الدستوري، ينبغي أن تتقدم الحكومة الموجودة ببيان لنيل ثقة النواب الجدد قبل التقدم إذا حصلت على الثقة لتمرير الموازنة المالية الجديدة، وهي موازنة صعبة ومعقدة. وأمام رئيس الوزراء الحالي خياران في هذه الفترة، سيميل إلى أحدهما على الأرجح إذا ما بقي في الحكم والإدارة، وهما إجراء تعديل وزاري على حكومته يتقدم به لنيل ثقة النواب، أو التقدم ببيان لنيل الثقة على أساس وجود الفريق الوزاري الحالي. الانطباع السياسي الذي لمسته «القدس العربي» من رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة يتكثف في الميل إلى تمحيص كل التفاصيل على مستوى البرنامج الوزاري، وأيضاً على مستوى الطاقم عند تدشين صفحة التعاون والاشتباك مع السلطة التشريعية الدستورية. ويستعد الرئيس الخصاونة للمشهد باهتمام ملموس. لكن ما يرصده المعنيون هو ميل للتقدم نحو ثقة البرلمان الجديد ببيان ثقة مختلف على مستوى الأزمة أو اعتبار خطاب العرش الملكي بمثابة البيان، وهو خيار دستوري متاح للحكومة.
لكن الأهم الميل بذات الوقت لإجراء جراحة على الطاقم الوزاري تنطوي على تعديل أو حتى إعادة التشكيل إذا وافقت المرجعيات على ذلك، خصوصاً أن حكومة الخصاونة الحالية ولدت في ظروف استثنائية ومعقدة وبدون برلمان، وتميزت بأنها حكومة عريضة نسبياً قوامها 32 وزيراً.
بعد نحو شهرين أو 100 يوم لدى الرئيس الخصاونة انطباع قوي إذا ما تجددت الثقة به ملكياً عن هوية الوزراء الذين يريد منهم إكمال المسيرة معهم على أساس جديد هذه المرة، قوامه وجود مجلس نواب يشتبك، ووجود طاقم أو مطبخ وزاري متخصص في التعامل والتعاطي مع فعاليات النواب واحتياجاتهم واستعراضاتهم، وهو غير موجود حتى الآن على الأقل في البرلمان الحالي. وأغلب التقدير سياسياً أن الرئيس الخصاونة لم يحظ سابقاً بفرصة لهندسة تركيبة مجلس الوزراء باسترخاء سياسي، فاعتبارات متعددة ساهمت في توزير 8 على الأقل من طاقمه الحالي، والفترة السابقة في عمر الحكومة رغم أنها قصيرة فهي كفيلة بإبراز نوع من التقييم للأداء والفرص.
ويبدو مبكراً القول بأن تعديلات جوهرية في الطاقم الوزاري يمكن أن تبرز إلى السطح، فيما تسعى الحكومة لتأسيس برامج عملها على أساس الشراكة مع الوليد البرلماني الجديد والذي لا يستهان به، مع أن الشركاء المفترضين للسلطة التنفيذية في أغلبيتهم من الوجوه الجديدة تماماً والتي لا أحد يعرف أين ستتجه ولماذا وأين ستصطف وعلى أي أساس.
لدى الخصاونة، بطبيعة الحال، وقت إضافي للتقييم، وفرصة حكومية بعد إدارة تبدو طموحة وفعالة ونشطة حتى الآن لسلسة من الملفات المعقدة، وعلى رأسها الوضع الاقتصادي وكيفية إدارة الاشتباك مع حالة التفشي الفيروسي، الأمر الذي لم يختبر سابقاً على مستوى وجود سلطتين، التنفيذ والتشريع والرقابة معاً، في سياق الامتحان الصعب، وعنوانه الأساسي الارتفاع الحاد في عدد الإصابات والوفيات بسبب الفيروس كورونا.
وعنوانه أيضاً، بالتلازم، المخاطر التي تتهدد النظام الصحي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى