اراء و مقالات

الأردن: بعد أزمة العجارمة… هل قال النائب الربابعة إنه يريد «الدعس على الدستور من أجل الوطن؟»

عمان ـ «القدس العربي»: حتى لو تعلق الأمر بـ”القفز” عن الدستور بدلاً من “الدعس” عليه، أصبح لزاماً الوقوف على محطة مدخلات وليس مخرجات عملية الهندسة التي خضعت لها الانتخابات الأخيرة في الأردن.
مؤخراً وبمجرد إقفال باب الصداع الذي حمل اسم عضو البرلمان المفصول أسامة العجارمة، فتح الإسلاميون وغيرهم باب التجاذب أمام قضية إشكالية جديدة يمكن اختصارها بالسؤال التالي: هل قال النائب جعفر الربابعة إنه يريد الدعس على الدستور من أجل الوطن؟
ليس سراً، وسط نخبة عمان وحتى شارعها، أن مسألة الاحتكام إلى الدستور بأي مقدار قفزت إلى الواجهة بمجرد نقل الإسلاميين لعبارة الربابعة. وليس سراً بأن الربابعة نفسه عندما قرر الإفصاح عما قاله بقناعة، حاول تصويب العبارة وليس نفيها، قائلاً إن ما ذكره هو استعداده للقفز على الدستور من أجل مصلحة الوطن.
طبعاً، كان الربابعة هنا متحمساً بعد الجملة العصبية التي اجتاحت مجلس النواب إثر التفوهات غير اللائقة التي وردت على لسان زميله المفصول أسامة العجارمة، وهو يتحدى الدولة والقانون في سلسلة مشاهد اعتقد الشاب فيها واهماً بأنه يستطيع توحيد الزحف العشائري، كما وصفه، عبر التفنن في التصعيد اللفظي واستخدام عبارات ترعب الشركاء قبل الخصوم. عالج النائب الربابعة الخطأ بالخطأ، والأهم هو سؤالان تلازما وتزامنا مع الأزمة الوطنية الكبيرة:
السؤال الأول: لماذا يتحول برلماني شاب خضع للقانون والدستور في الانتخابات إلى حالة متطرفة جداً تنتج صداعاً أمنياً وفيها تعبيرات متشددة؟
ويبرز السؤال الثاني: على أي أساس يفترض نائب آخر بأن المؤسسة المرجعية قد يرضيها القفز على الدستور تحت عنوان مصلحة الوطن والمؤسسة الملكية؟
والسؤال الآن: كيف ستعالج الدولة هذا المأزق مع برلمان قيل للجميع إن فكرته الرئيسية كانت أغلبية من الوجوه الجديدة؟
هذه الإشكالات في مجلس النواب لا تقف عند حدود تصرفات وخطابات أو سلوكيات الأفراد من النواب، بل تصل إلى شبه إقرار جماعي حتى من النواب أنفسهم بأخطاء ترتكب في التشريع وبممارسة انفعالية وكمية وليست نوعية في بند الرقابة. أمام “القدس العربي” قال رئيس المجلس عبد المنعم العودات، إن مجلسه سيد نفسه وإن فيه طاقات كثيرة وكبيرة، وإن الحديث عن الدورة الأولى فقط، مشيراً إلى ضرورة عدم التعجيل ببناء استنتاجات؛ فالتجربة والخبرة تتراكمان مع وجود نحو 100 نائب جديد فيهم طاقات وطنية مقدرة.
كلام العودات إيجابي ومنتج، لكن الانطباع لدى الرأي العام وحتى في بعض أروقة الدولة اليوم عند التقييم العام في الاتجاه المعاكس، وفي الوقت الذي رفض فيه العودات قبول انطباع “القدس العربي” عن برلمان بعمر قصير قد لا يزيد عن سنة، يتكرس هذا الانطباع خارج قبة المجلس، وحتى في أقرب مناطق القرار الحكومي.
الفكرة اليوم – وهذا لم يعد سراً – أن انتهاء الدورة البرلمانية العادية بعد غد الخميس، تعقبه دورة استثنائية صيفية في الأول من تموز/ يوليو، واجبها إعداد قانون انتخاب جديد فقط وحصرياً، ما يدفع بسيناريو انتخابات مبكرة تحتاجها مصالح الدولة في الداخل والخارج قبل نهاية العام الحالي، وبالتالي رحيل مبكر جداً لبرلمان الانتخابات التي هندست بصورة أغضبت الجميع ودون استثناء ولم ترض أحداً.
دوماً يحتاج النواب إلى فرصة لمراكمة الخبرة، لكن دوماً وأبداً تحتاج الدولة اليوم إلى مؤسسة برلمانية قوية تساعدها في الاحتواء، الأمر الذي لا يحصل عملياً، فيما يتبين مرة تلو الأخرى بأن أدوات وفلاتر الهندسة إياها لم تفلح، لا بل ارتكبت أخطاء فادحة.
وبمناسبة الحديث عن الدستور، يجدد سياسي وبرلماني ثقيل ومخضرم مثل الدكتور ممدوح العبادي، التأشير على أن حبل النجاة المركزي هو العودة لتطبيق الدستور حصرياً قبل الغرق في تفاصيل وصفات ونقاشات الإصلاح.
في المقابل، يصر سياسي متابع مثل مروان الفاعوري، على أن الجميع اليوم يدفع، بما في ذلك الدولة، ثمن الهندسة الاعتباطية للانتخابات، والكلفة كانت باهظه، لأن السؤال: هل أفلح المهندسون؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى