اراء و مقالات

بوتين «كشيش حمام»: «طيور فتاكة» في أوكرانيا و«صيصان ديمقراطية» في الأردن ومصر عند «متلازمة الفول – الريس»

أتمنى لو حمل المندوب الروسي في مجلس الأمن معه زوجا من الحمام البلدي الأوكراني على المنصة لإثبات نظريته، التي تتوسع كونيا حول «الحرب البيولوجية» الأمريكية التي تشن على الحياة والعالم بواسطة «الطيور».
لماذا «حمامة» وليس صقرا أو فرخة؟ لا أعلم لكن محطة «سكاي نيوز» ولأسباب تعلمها غرفة الأخبار تعمقت وتوسعت في عرض التفاصيل وبثت تقريرا مفصلا تحدث عن «الطيور السامة» مع تركيز على مشاهد الدمار في مدينة خاركيف حصريا.
كمشاهد تمنيت ولو صورة ميدانية عن «طائر واحد» يحوله البنتاغون إلى «سلاح فتاك» حتى نضمن إعادة الاعتبار لواحدة من أقدم مهن البشر في الشرق، وهي «كش الحمام» بمعنى سرقته مع تزويق لفظي للمهنة.
ما يعنيني كأردني هو عبارة وردت على الشاشة الإلكترونية لمحطة «الميادين» تتحدث عن مختبرات بيولوجية أمريكية في عدة دول في العالم بينها مختبر صغير في الأردن.
انزعجت لأن «مختبر النشامى» وصف بأنه «صغير» وهذا يعني «لا ينفع لا للسدة ولا للهدة».
ولا يمكن استعمال منتجاته من الطيور الفتاكة ضد إسرائيل مثلا، فنخبة من أبرز خبراء «ملاعبة الطيور» بكل أصنافها تنتشر في كل حارات الأردنيين وبلداتهم.
ماذا عن «الصوص البيولوجي الفتاك»؟ من يخطط لاستهداف مصر، عليه التوجه فورا إلى منطقة «سيدنا الحسين» حيث تناول «زغلول» بمثابة قول كلمة «مرحبا» لكل من يعبر أو يمر، وحيث «حتمية» الاستمتاع بتلك الوجبة «السناك» السريعة دوما وأبدا.

«صيصان» الديمقراطية

أحدهم شبه «الديمقراطية الأردنية» بأنها أقرب لـ»مزرعة طيور لطيفة». مباشرة بعد فتح القفص تهرب دجاجة إلى مكان مجهول فتتبعها 10 فرخات، دون معرفة السبب، وفي حال وضع بعض العلف تتقافز الفرخات على أكتاف أي إنسان موجود وتترك الحبوب.
وعلى سيرة الديمقراطية سألت – في ذهني ومع حالي كالعادة – وأنا أراقب مجددا الحركة المقلقة لحواجب وعيون زميلنا المذيع المتألق عامر رجوب في قناة «المملكة»: هل سلخ وشيطنة ولعن سنسفيل أبو التجار يمكن أن يساهم ولو قدر حبة تمر في خفض أسعار المواد التموينية لاحقا؟
لو افترضنا أن تجارنا «شياطين» تتقمص دور ملائكة، وأن جميعهم بلا استثناء من شريحة «لعين حرسه» ووجب الوصول ضدهم إلى ما هو أبعد من «تحمير العيون». لو حصل ذلك، وهو طبعا افتراض، هل ستحميني الحكومة وأذرعها الإعلامية لاحقا كمواطن من حمى ارتفاع الأسعار؟
حسنا فليذهب التاجر الأردني إلى الجحيم، ولتبدأ الحكومة بثقلها في استيراد وبيع المواد الغذائية والسيطرة على الأسواق. هل تستطيع الدولة ذلك؟ هل يمكن بمثل هذه الحالة الاطمئنان على «المخزون وسعره»؟.
شخصيا لست مهتما بطبقة التجار، لكن لا أصدق أن الإعلام الرسمي يصر على إدانتهم جميعا، وبدون أدلة أو قرائن، ولا حتى أسماء محددة للمحتكرين ومن يرفعون الأسعار بدلا من خطاب توهيمي مبني إلى المجهول.
لا يحتاج الأمر لعيون حمراء أو حواجب مذيع ترقص على الهواء المباشر.
وكل ما يحتاجه حصريا على طريقة صدام حسين – رحمه الله – التحدث بالتفصيل عن «التاجر الجشع» وفضحه بالاسم وعلنا وتقديمه للمحكمة بدلا من شيطنة طبقة كاملة تحملت الكثير في عامي الفيروس.
أسمع كثيرا على لسان الوزراء، وعبر التلفزيون الأردني عبارة «سلاسل التزويد» والمخزون الغذائي، ورغم أني لا أفهم شيئا بالحكاية، أشعر أن «التاجر والمستورد» هما مفصل حيوي وأساسي في تلك الحكاية.
لذلك فقط ننصح: «تحدثوا مع التجار وعالجوا المشكلة معهم بدلا من التعميم والاتهام الأفقي».

متلازمة الفول المدمس

كيف علم السيناريست الإيرلندي بكيفية وآلية «بناء الولاء» في عالمنا العربي، وهو ينقل على لسان الممثلة العجوز حوارا مع زوجها المصرفي عن ابنتها «الثائرة المعتقلة» العبارة التالية: «الولاء بالإكراه ليس أكثر من استعباد».
تدهشنا بعض الالتقاطات، عندما ندقق في الدراميات التوثيقية، التي تعرضها شاشة «نتفليكس» تحديدا في ما لا نعرف كمشاهدين عرب ما هي الحكاية، عندما نتابع «أخبارنا» على شاشتي «العربية» و«الجزيرة» حيث التباين والاختلاف مرعب في حجمه.
نعم الولاء الحقيقي ينبغي أن ينتج عن «الإيمان والمحبة» حتى وإن كاد مذيع نشرة الأخبار في تلفزيون «القاهرة والناس» يطلق زفرته المندهشة وهو يحاول تلاوة ما قاله «الريس» بخصوص دعوة الشعب الكادح إلى «ترشيد الإنفاق» مشيرا إلى ضرورة مقاطعة المنتج الذي يرتفع سعره.
عندما شح الخبز قالت ماري إنطوانيت: «لماذا لا تأكلوا جاتو»؟!
وأصحابنا في مصر يطبقون توجيهات «القيادة» دون أدنى ضمانة بأن لا يرتفع سعر «العيش» مع أن الشعب متقشف بطبعه ويعتمد على مقولة الراحل سمير غانم بعنوان «الفول – تاليزم» أو- متلازمة الفول المدمس – حيث تلك الحبوب الساحرة مع رغيفي خبز يتكفلان بخنق الجوع لـ12 ساعة.
في عمان مثلا التزمت الحكومة بعدم رفع أسعار الخبز. لكن لاحظنا مع الملاحظين كيف تقلص حجم علبة الفول واحتفظت بسعرها.
الفول عموما مفيد في التفريق ما بين «الولاء المسموم» والولاء الحقيقي. تريدون دليلا تابعوا ما قالته العجوز الإيرلندية على نتفليكس.

٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى