اراء و مقالات

نقاش حول عبارة «حق الشعب الأردني في دعم المقاومة الفلسطينية»

عمان – «القدس العربي»: قد لا يستغرب كثيرون إذا ما انزلق الحديث والنقاش العام أردنياً، بعد حادثة اعتقال إسرائيل لعضو في البرلمان بتهمة تهريب الأسلحة والذهب، من المربع المرتبط بحكاية لها علاقة بمحاولة تهريب مكررة على أساس مساعدة المقاومة فقط إلى مربع آخر أكثر إحراجاً، قوامه التركيز على عبارة لم تكن ترد في قاموس الأردنيين في الماضي، وهي “حق الشعب الأردني في مناصرة الشعب الفلسطيني والمقاومة ضد الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية”.
ذلك مع التذكير هنا بطبيعة الحال، على أن الضفة الغربية ثم منطقة الأغوار والحدود على ضفتي نهر الأردن، احتلها الجيش الإسرائيلي بينما كانت تحت سلطة الدولة الأردنية.
وهو ما أشار إليه بيان في حادثة النائب عماد العدوان، صدر عن اللجنة القانونية في حزب جبهة العمل الإسلامي، الحزب الأكبر المعارض في البلاد.
التدقيق في البيان المتلفز الذي تلاه رئيس اللجنة القانونية في حزب الجبهة المحامي معتصم أبو رمان، يمكن أن يدل على كثير من المعطيات في السياق، فاللجنة باسم حزب المعارضة الأول تتحدث عن قوات إسرائيلية غير شرعية في أراضي الضفة الغربية التي كانت تحت السيادة الأردنية، وتتحدث عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بموجب الاتفاقيات الأربع لحقوق الإنسان المقرة في كل ميكانيزمات الشرعية الدولية.
ويتحدث بيان الإسلامين بلغة قانونية هنا عن حق الشعب الأردني، بكل مكوناته وقواه وعشائره، في دعم وإسناد حق الشعب الفلسطيني في مقاومة قوة غاشمة ومحتلة حتى بموجب القوانين الدولية، احتلت أرضاً مجاورة كانت بعهدة المملكة الأردنية الهاشمية.
إضافة إلى ذلك، أعلنت قانونية الحزب وضع كل إمكاناتها القانونية والسياسية بين يدي لجان المناصرة التي تشكلت بشكل سريع في الخارطة الاجتماعية والسياسية الأردنية لتأمين الإفراج عن النائب عماد العدوان باعتباره أحد أبطال الشعب والقبائل الأردنية، لا بل أحد أبطال دعم المقاومة في شرق الأردن، حيث “تراث متكامل” من أيام الانتداب البريطاني وسط العشائر والقبائل الأردنية مرتبط بدعم وإسناد فلسطين والمجاهدين فيها.
تلك الدلالات في لغة قانونية يساندها خطاب عشائري عام لم تكن تنتمي إلى النقاشات المعتادة في قضية وأزمة العلاقة مع إسرائيل، حيث تخسر اتفاقية وادي عربة يومياً المزيد من الصامتين أو الذين بقوا في الماضي صامتين ضمن تداعيات التفخيخ التي فجرها اليمين الإسرائيلي. وقد تكون المرة الأولى التي تذهب فيها بيانات قانونية وليست سياسية فقط تناصر الشعب الفلسطيني وتقاوم عملياً مضمون ومنطوق ونصوص اتفاقية وادي عربة عبر الإشارة إلى واقع الأمر بموجب القوانين الدولية. وقد أشار القطب البرلماني والقانوني البارز صالح العرموطي أيضاً إلى البعد الدستوري في حق الشعب الأردني بمساعدة حقوق التحرر لدى الشعب الفلسطيني الشقيق، خلافاً لأن كل بيانات المعارضة الإسلامية تبنت هذا المنهج منذ عدة أسابيع.
المحامي موسى العبد اللات قال إن حصانة عضو البرلمان الأردني صالحة ونافذة في الداخل والخارج، واتفاقيات جنيف تتحدث عن تسليم أي متهم يحمل الحصانة بعد التقدم بإفادته إلى دولته بموجب اتفاقية جنيف، والحق الدستوري للنائب الأردني في الحصانة، بمعنى أن عدم سجنه ومحاكمته ينسحب -وفقاً للمحامي عبد اللات – على الأراضي الفلسطينية المحتلة بصفة غير شرعية بموجب القوانين الدولية.
تلك لهجات لم تكن ترد في الشارع الأردني، لكن الواضح أن قضية النائب عماد العدوان تنزلق إلى مربعات غير مسبوقة على مستوى التعبير، فقد أعلنت أيضاً قبيلة العدوان -وهي القبيلة التي تعتبر الأكثر عدداً على واجهة منطقة الأغوار بمحاذاة فلسطين المحتلة- تشكيل لجنة من أبناء القبيلة المحامين والقانونيين لمتابعة قضية ابن القبيلة المسجون الآن والذي يخضع للتحقيق، عماد العدوان، وفي كل المحافل بالداخل والخارج.
لكنها لهجة تناغمت عموماً الآن مع إحساس أبناء العشائر وطبقات ومكونات واسعة في المجتمع الأردني بأن حكومة اليمين الإسرائيلي تستهدف الأردن نظاماً ودولة وشعباً، كما تستهدف الهوية الوطنية الأردنية في التوقيت نفسه، وهو ما تحدث به الزعيم العشائري الشيخ طراد الفايز بحضور “القدس العربي” وهو يؤكد بأن “العشائر الأردنية” عموماً في التناقض والتضاد مع المشروع الإسرائيلي وبكل الحالات.
لذا، يمكن القول بأن توقيت مسألة القبض على النائب العدوان حرج للغاية ويجعل المسألة مفتوحة على عدة أوجه، وينزلق باتجاهات غير محسومة أو محسوبة بدقة؛ لأن السلطات الأردنية لا يمكنها تجاهل المزاج الشعبي العارم الآن، ولا يمكنها تجاهل الخسائر الدبلوماسية الناتجة عن استثمار حكومة اليمين الإسرائيلي في المسألة والمشهد، لأن المسألة تسير وسط وابل من التعقيدات، وقد يكون أهمها المعادلة التي تفترض بأن تعاطي السلطات الأردنية مع ملف سجن العدوان يتطلب صعوبة التسليم ببقائه ومحاكمته في إسرائيل وكلفة وفاتورة الإفراج عنه في المقابل دبلوماسياً وسياسياً ولاحقاً أمنياً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى