اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن يشارك في اجتماعات «ضد الإرهاب»: يافطة «داعش» لا تزال لها وظيفة والمرحلة اللاحقة «إيران»

لقاءات فنية برعاية الخارجية الأمريكية وغرف أمنية تتابع المستجدات في سوريا والعراق

 

 

 الأردن سيبقى عضواً فاعلاً في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي… هذا ما يؤكده مجدداً وزير الخارجية أيمن صفدي على هامش اجتماعات المجموعة المصغرة حول سوريا، برعاية وزير الخارجية الأمريكي، في محاولة تبدو متأخرة للحفاظ على ما تيسر من قواعد الاشتباك مع الملف السوري.
الحديث عن «داعش» تحديداً وحضوره في المعادلة السورية بقي دوماً من المسوغات التي تستخدمها الحكومة الأردنية لتجديد المطالبة بما أسماه الصفدي بـ»الحل السياسي» للأزمة في الداخل السوري وبمعالجة الملفات الإقليمية بصيغة تحرم الإرهابيين والمتطرفين من الذرائع.
لا يأتي، عملياً، الوزير الصفدي بجديد وهو يعزف على الوتر الأمريكي الخاص بإبقاء «حالة داعش» على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة، خصوصاً بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، حيث يعتقد وعلى نطاق واسع، بأن عملية البحث استخبارياً على الأقل متواصلة عن «وظيفة مستجدة» لـ «داعش» بالرغم من كل ما يقال في الإعلام الدولي عن دحره في الموصل ثم شمالي سورية.
اختفت إلى حد بعيد أخبار تنظيم الرعب والإرهاب وأشرطة الفيديو التي تقلصت وظيفتها الفنية والسياسية خصوصاً في سوريا والعراق.

وتوارت عن الأنظار إلى نسبة كبيرة تلك الأنباء التي تتحدث عن جيش «داعش» ومجموعاته المسلحة ودوره في المساس بالأمن الإقليمي، ودفنت أسرار البغدادي معه تماماً في الوقت الذي يحار فيه المراقبون اليوم بوجود تنظيمات محتملة قيد الصناعة والتأسيس يمكن أن تتولى إكمال الدور.
في كل حال، أردنياً… لم يقبل المشهد يوماً ازدواجية من أي نوع في المسار المتعلق بالاشتباك الفعلي مع مجموعات الإرهاب المسلح، وثمة شكوك بأن بقايا تنظيم داعش في سوريا والعراق تحاول عن بعد تجنيد «ذئاب منفردة» في الداخل الأردني، رغم أن السلطات لا تزال متكتمة تماماً على عملية مهاجمة سياح في مدينة جرش الأثرية شمالي البلاد. كما أعلنت السلطات الأردنية متأخرة عن تحويل خلية إرهابية تتشكل من شخصين لمحكمة أمن الدولة خططت للاعتداء على دبلوماسيين أمريكيين وإسرائيليين في عمان.
وقبل مشاركة الوزير الصفدي في اجتماعات التحالف المصغر برعاية وزارة الخارجية الأمريكية، كان العاهل الملك عبد الله الثاني يتهاتف مع الرئيس دونالد ترامب بعد مقتل البغدادي لتهنئته بما حصل، ويؤكد عملياً بأن بلاده تستمر بواجبها في التصدي للإرهاب والعنف والتطرف، مؤكداً بأن الأردن عضو ناشط في التحالف الدولي المضاد لـ «داعش».
تلك أدبيات سياسية ودبلوماسية بطبيعة الحال تعزز الانطباع بأن عمان لا تزال مرتابة في أجندة محتملة لظهور تنظيمات ومجموعات إرهابية متطرفة في المنطقة لاحقاً، وبعض المعطيات الأمنية المغلقة في عمان لا تستبعد ظهور أجنحة متطرفة أكثر في شمالي سورية، أو في العمق العراقي، أو حتى في مناطق السنة غربي العراق، بصورة تتطلب الاحتياط.
لا تريد غرفة عمان الأمنية أن تغفو أو تغفل عن المسار الإرهابي، ولا تعتبر المملكة خارج الاستهداف، وحتى محاولات الانتحال والتقليد والاستهداف وأيضاً التوظيف، الأمر الذي يبرر الاستمرار في العزف على وتر الدور الإقليمي ضمن الحملة الأمريكية التي تصر على بقاء اسم «داعش» على قيد الحياة قدر الإمكان ولأسباب سياسية على الأرجح. وليس سراً أن التقدير الأردني الأعمق هنا يؤشر إلى أن وظيفة «داعش» المقبلة البقاء لأطول فترة ممكنة في سياق المشهد الإيراني حصرياً، حيث الارتباك أمريكياً كبير من معطيات التأثير الإيراني في محيط دول عربية موالية لواشنطن.
وعليه، وبعد المشاركة في اجتماعات «مستقبل سوريا الدستوري»، يجري الوزير الصفدي محادثات مع نظيريه المصري والعراقي، ويتفق معهما على التنسيق الثلاثي أيضاً في محاربة الإرهاب وعلى أساس قواعد الاشتباك الدبلوماسية والإعلامية التي تقول بأن بقاء المعركة ضد «داعش» والإرهاب ثم بقاء التحالفات تحت هذه اليافطة، بكل الأحوال، لا يزال تعبيراً عن متطلب واحتياج وسيناريو أمريكي في المنطقة له أغراضه.
ذلك بالطبع بالرغم من التقارير الأمريكية نفسها التي تثبت أن الجيش العراقي حرر ما نسبته 93% من مساحة الأرض التي سبق لـ»داعش» وجيشه أن احتلها وأقام فيها خلافته المثيرة للجدل.
وأيضاً، بالرغم من التقارير نفسها التي تشير إلى أن تنظيم داعش خرج من ما نسبته 80% على الأقل من المواقع التي كان متواجداً فيها بالداخل السوري بعدما تكفل الجيش الأردني بإخراج مسلحي داعش من حوض نهر اليرموك وتكفل بالبقية المسلحون التابعون لجبهة النصرة خلافاً للجيش السوري.
المعادلة المكتومة الآن هي تلك التي تشير إلى أن المواقع التي يطرد منها «داعش» ينبغي أن لا تكون متاحة لميليشيات موالية لإيران وحزب الله، خصوصاً في العراق وسوريا وقرب النتف ودرعا وفي الأنبار.
تلك فيما يبدو كلمة السر في الاجتماعات التي تحاول إبقاء تنظيم «داعش» على قيد الحياة للاحتياط في التمويل والتوجيه الإرهابي، وأغلب التقدير أن عمان تعرف ذلك جيداً وتداعبه دبلوماسياً في الوقت نفسه، وتحتفظ بدورها بقواعدها في الاشتباك مع الإرهاب، سواء ارتدى قميص تنظيم «داعش» أم غيره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى