اراء و مقالات

«بوصلتنا مصالحنا العليا» همس دبلوماسي أردني : التفاتة لإيران وتركيا وعلاقات أفضل في محور دمشق- الدوحة

الجزء الأكثر ريبة في ملف الفتنة الأخير قد يكون هدفه الأعمق والأبعد قطع الطريق على العلاقة المهمة بين القيادة الأردنية والرئيس الأمريكي جو بايدن.

عمان-»القدس العربي»: «التفاتة إلى إيران، علاقات أكبر وأعمق مع قطر، حتى العودة للتنسيق مع تركيا وسوريا».

ثلاث عبارات صغيرة يمكن رصدها الآن على المستوى السياسي والدبلوماسي في كل أروقة وقنوات الأوساط السياسية والرسمية النخبوية الأردنية مقرونة بالسؤال الاستفهامي الصغير والذي يعكس دلالة أعمق وبصيغة «لم لا الآن»؟
في نقاش مع «القدس العربي» كان سياسي رفيع المستوى وثقيل الوزن وممتد الخبرة مثل طاهر المصري يقترح التوقف عند تلك المحطات وتحت عنوان العودة لتوازنات المصالح العليا بعنوان «تنويع الخيارات الدبلوماسية».
ليس سرا أن المصري من رعاة ذلك التنويع طوال الوقت.
وليس سرا أنه ألمح إليه بعدما كان أول المتحدثين في اللقاء الأخير الذي جمع في القصر الملكي 17 شخصية وطنية تحدثت وتشاورت مع الملك عبد الله الثاني.
حتى في عرف مكان قريب جدا من رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة التقطت «القدس العربي» تلك الإشارات التي تقضي ضمنيا بعدم الحاجة للاسترسال في المقايسات والمقارنات.
لم يعد ضروريا ولأسباب غير معلنة بعد ان يكون إظهار قدر من المرونة في الانفتاح على دول مثل إيران وتركيا تعبير عن خلل في العلاقة مع خصومهما في الأقاليم والمنطقة من الدول العربية الشقيقة. «بوصلتنا مصالحنا العليا» سمعت «القدس العربي» هذه العبارة من الخصاونة شخصيا في حديث تشخيصي مقترن بما تقوله الدولة الأردنية دوما من عدم وجود أي جهة لها الحق أصلا في التأثير على ميزان خيارات الأردن والأردنيين.
مجددا بعد الصخب الذي رافق سرية المؤامرة والفتنة في الداخل الأردني يتجه الساسة إلى كشف حساب سياسي يحاول إعادة التموقع والتموضع والعودة لميزان دقيق في سياق فهم التحالفات.
طوال الوقت تلاحظ غرفة القرار الأردنية بأن الجهات الدولية والإقليمية الحليفة والصديقة لا تكافئ عمان وهي تبالغ في الالتزام في الدوران على أساس مصالح تلك الأطراف.
وطوال الوقت يسأل أردنيون في الغرف المغلقة لماذا تسمح المؤسسة الأمريكية بهامش كبير في الملف الدبلوماسي الاقتصادي والسوري لدولة مثل الإمارات مثلا بينما تتطوع وتتبرع أحيانا المؤسسة الأردنية بقطيعة شاملة مع دمشق؟
لماذا أيضا يصر الأردني على عزلة كبيرة مع تركيا اردوغان بينما يفتح عليها وبقوة السعودي والمصري؟
لماذا بالتوازي تجد دول حليفة للأردن طريقا للتفاوض مع إيران بينما تمسك عمان بعدم إرسال وتسمية سفير إلى طهران؟
لماذا يعالج جزء كبير من التصدع داخل البيت الخليجي بعد قمة العلا فيما يصر أردنيون على تقليص اتصالاتهم وعلاقاتهم مع الدوحة؟
طبعا تلك أسئلة يسمعها وزير الخارجية الأردني طوال القوت ومنذ أكثر من 3 سنوات.
لكن الجديد تماما هو ان وزراء وأمنيين ورؤساء حكومات يطرحون هذه الأسئلة الآن.
والجديد أيضا ان مخزون الوزير الصفدي من الإجابات الكلاسيكية المعلبة يخضع للتجميد. فسؤال التنويع في التواصل الدبلوماسي والتوازن المصلحي السياسي طرحه مبكرا ومنذ عامين سياسي مثل الرئيس سمير الرفاعي وأمام «القدس العربي» أيضا.
تفاصيل إعلان الأردن لمخطط المؤامرة والفتنة مؤخرا، وحيثيات عملية المراجعة والتقييم التي تجري في العمق اليوم ضمن محاولة فهم أسرار الهجمة الإعلامية الدولية على المملكة وقيادتها هي عناصر تغذي شهية السؤال وتعيد التذكير بأن نفوذ بعض الدول الصديقة وحساباتها الخاصة والمرنة أحيانا أكبر بكثير وسط النخب والأدوات الأردنية من نفوذ وقوة ميزان المصلحة الأردني الوطني نفسه.
وهي أيضا عناصر تشير إلى استقرار مريب لظاهرة التطوع والتبرع بما هو غير مطلوب من الأردني أصلا في مسألة الخصومة السياسية والتباعد وأحيانا القطيعة مع دول ومحاور يمكن الاستفادة منها والاستثمار فيها، وما هو غير مطلوب من الأردن في القطيعة مع طهران ودمشق وفي التعامل الحذر جدا مع أنقرة وفي تحجيم العلاقات مع الدوحة، علما بأن هذه الدول وقفت مع الأردن سياسيا وأمنيا في أزمة الفتنة الأخيرة.
تفهم «القدس العربي» من مواقع قرار أساسية ومفصلية بان الأمور لا يجب هنا ان يعاد تقييمها وتخضع للمراجعة، فالعلاقات الصلبة مع مؤسسات العمق الإسرائيلية وتحديدا في الجيش والأمن لم تمنع إطلاقا ضربات وحملات اليمين الإسرائيلي ضد مصالح الأردن أو حتى ضد وصايته على القدس والمسجد الأقصى.
والعلاقات المتنامية والتراثية مع الإدارة الامريكية الحالية لم تؤد إلى زيادة حصة المساعدات إلى المملكة ولم تؤد بعد إلى عملية سلام تجعل الأردن مستقرا سياسيا مع ان القناعة واردة بأن الجزء الأكثر ريبة في ملف الفتنة الأخير قد يكون هدفه الأعمق والأبعد قطع الطريق على تلك العلاقة المهمة بين القيادة الأردنية والرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
وهو إنطباع تعزز بعدما توثق الأردنيون من جهات إعلامية منظمة وناشطة تستهدفهم في الإعلام الأمريكي تحديدا تحت بند ملف الحريات والتعسف بالرغم من العلاقات الوثيقة مع بايدن وطاقمه في البيت الأبيض.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى