اراء و مقالات

«سيريالية الجزيرة»: «رفح مدينة بلا جرافة»… وعلى نتفليكس «عشيرة الموساد أوغاد دوما» و«ديمبي» السوداني يتوضأ ويقتل!

لماذا يظهر ضابط الموساد تحديدا، عندما تستعين به خلايا الـ«أف بي آي» في المسلسلات والأفلام الأمريكية، بصفة «الوغد جدا» المختص بأسوأ أنواع التحقيق الخشن بل الدموي.
في فيلم جديد يتصدر قائمة الأكثر حضورا على شبكة «نتفليكس» تحاول مجموعة من الاستخبارات الأمريكية انتزاع معلومات من عميل مارق قبل قتله.
يعقد الاجتماع فيصرخ أحدهم «خيارنا الوحيد شلومو». تصيح إحدى العميلات «تعلمون جيدا أن هذا الوغد لا يلتزم إطلاقا بأي قانون» ثم يبلغون كبير الجلسة «عزيزتي هذا تماما المطلوب»!
حسب دراميات الأكشن في الفيلم يتم إحضار شلومو، وغد الموساد، فيحرق مدينة براغ ويقتل عشرات الأبرياء، ثم يختطف طفلة مريضة ويقتلع أظافر عمها قبل طبعا تمكن زميله المارق المطارد من السيطرة عليه وقتله في بركة مياه.

أوغاد الموساد

ثمة أوغاد بالجملة يتبعون أجهزة الاحتلال فقط على «نتفليكس»! بالمناسبة يقابلهم العشرات من المسلسلات والبرامج التي تستعرض أوغادا باسم الإسلام والعروبة.
خلاصة نتفليكس بعد عامين من المتابعة: تحيز منتجي الأكشن ضد العرب والمسلمين، ليس قاعدة دائمة، فأوغاد «عشيرة الموساد» متاحون في عدة زوايا.
ثمة ما هو أعمق في القفز بين المسلسلات والأفلام. تعجبني مثلا حكاية المرافق الأسود «ديمبي» لنجم مسلسل «القائمة السوداء».
ديمبي السوداني يصلي ويذهب إلى المسجد ويتحول إلى فتى وديع جدا حتى يقابل الإمام «أسمال».
ورغم أن النصوص – التي تحرم قتل النفس في الإسلام، بدون وجه حق – بالأطنان إلا أن رفيقنا ديمبي يقتل بالجملة، ويطلق الرصاص ودون حساب، وهو في حالة وضوء من أجل رب عمله!
كتاب السيناريو في هذه المسلسلات والأفلام أخبث بكثير مما نعتقد!

«سيريالية الجزيرة»

حتى المذيعة المختصة بتلاوة الأخبار على قناة «الجزيرة» خرجت من فمها عبارة «مشهد سيريالي».
ما الذي تعنيه السيريالية بصورة محددة عندما يتعلق الأمر بقطاع غزة، حيث كاميرا «الجزيرة» وطاقمها عالقان في زقاق ضيق جدا لتغطية محاولة بائسة لإنقاذ أبرياء داخل مخيم مكتظ في رفح تكومت فوقهم بناية من 3 طوابق، بعد اعتداء وحشي بالصواريخ الإسرائيلية .
المشهد سيريالي طبعا بامتياز، وتقرر أنه يصلح ضمن «وصلات السخونة»، التي تبثها «الجزيرة» بين وجبات الأخبار.
رجال إسعاف مرهقون مع مواطنين يزيلون الركام بأصابعهم، لأن الزقاق لا يسمح بدخول جرافة، لا بل يشرح مراسلنا الحربي الجديد هشام زقوت: للعلم لا توجد جرافة في رفح أصلا ويحتاج وصول واحدة منها إلى ساعة على الأقل!
السيريالية تضرب بعمق، فللوصول إلى جثث ضحايا تحت الركام كان لا بد من هدم بيوت مجاورة في «براكيات» اللاجئين تلك.
يمكن لصناع السينما في هوليوود إنتاج عشرات الأفلام عن تلك اللحظات.
ولو كنت سينمائيا لدققت في صنف الأحذية، التي يرتديها من يحفرون الركام بأصابعهم، حيث قطع أحذية بالية وشباشب ممزقة تمهد الطريق لتصفية حسابات مائير لبيد في الانتخابات على أشلاء اللاجئين، فيما «مصر أم الدنيا» تسمح بالبؤس منقوعا قرب وجهها.
هرب اللاجئ من حيفا ويافا من القتل والتشريد إلى مخيم رفح، فلاحقته إسرائيل مكنزة بالسلام الإبراهيمي واستهدفت أحفاده. أي غفران يرتجيه القوم بتوع السلام بعد كل تلك السيريالية المبكية؟!

لبنان و«عساكر البنك»

في لبنان سيريالية من صنف آخر، يمكن اختزالها عند مراقبة مراسل «المنار» وهو ينقل الحدث.
عساكر ملثمون، ولديهم كل تجهيزات القوات الخاصة وحرس ودرك أمام مكاتب أحد فروع البنوك في بيروت والفضائيات تتسابق للتغطية، إلا «العربية»، التي قررت أن النبأ يمكن بثه كطرفة، فيما فضائية «المملكة» الأردنية تعيد بث ما تنشره فيديوهات الأرز بالخصوص.
لبناني طفران حمل سلاحا في يده اليمنى وزجاجة مولوتوف لحرق نفسه في اليسرى، واحتجز بعض الرهائن. كل ما يطلبه الرجل هو تمكينه من الحصول على وديعته المالية في بنك لبناني.
ما أثار حفيظتي على الأقل كمشاهد عربي يحب لبنان عن بعد، هو أن العساكر الموجودين بكثافة لحماية الرهائن وللتعامل أمنيا مع الحادثة، تغيبوا تماما عن الحصة الأولى في الصف بنفس المدرسة، تحت عنوان «حماية أموال المودعين وتمكينهم من حقوقهم».
المؤسستان العسكرية والأمنية اللبنانيتان لم تتدخلا لحماية أموال المودعين في بنوك لبنان.
القوات الخاصة بحماية مكاتب من نهب الأموال وليس من أودعها وهناك من أبلغنا أن بعض «الكاش» الكثير تبخر، ووجد له ملاذا في الخارج.
تماما، كما تقول أغنية مارسيل خليفة عن المصارف والعساكر.
في المناسبة، ثمة ضحايا أردنيون لا يستطيعون اختطاف رهائن، وكل ما يطلبونه تدخل حكومة بلادهم لحماية حقوقهم، كما فعلت مؤسسات القضاء في دول أخرى، مثل بريطانيا وفرنسا.
يمكن لتلفزيون الحكومة الأردنية مثلا أن يتحدث عن ذلك قليلا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى