اراء و مقالات

20 نيسان آخر مهلة تصويب للأحزاب الأردنية: الائتلاف في «الشقاق» و«الاجتماعي» بـ«الولاء النقدي» والإنقاذ «يختبر التحديث»

عمان – «القدس العربي»: أعلن مجلس مفوضي الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات في الأردن عن تحديد سقف زمني متسارع كمهلة نهائية لمرحلة تصويب الأحزاب القديمة لوضعها القانوني.
وتبنى مجلس المفوضين في الهيئة قراراً بتحديد الـ 20 من الشهر الجاري باعتباره المهلة الأخيرة، وتعتبر مصادر حزبية أن تحديد السقف الزمني لهذه المهلة خطوة متسارعة نحو ترسيم شكل خارطة الأحزاب الجديدة في البلاد. وتم الإعلان عن عدة أحزاب جديدة في البلاد مؤخراً، كما صوبت أحزاب قديمة أوضاعها وفقاً للقانون.
ويبدو للمراقبين السياسيين أن الحزب الوحيد المثير للجدل الذي لم يتقدم بعد بأوراقه القانونية بموجب عملية تصويب الأوضاع هو حزب الشراكة والإنقاذ، الذي أسسه المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحات، ووزير العدل الأسبق الراحل أيضاً الدكتور محمد الحموري، ويضم قامات وطنية كبيرة بعضها مرتبط بسقف النقد المرتفع ومؤيد للحراك.
وأبلغت مصادر في الهيئة المستقلة الأسبوع الماضي «القدس العربي» بأن حزب الإنقاذ لم يتقدم بعد بالأوراق القانونية التي يقتضيها القانون في إطار عملية التصويب.
لكن مصادر مقربة من الحزب الذي يحاكم بعض رموزه ويخضع نشطاء فيه للاعتقال والتوقيف بين الحين والآخر، وفقاً للحقوقي البارز عاصم العمري، بصدد وضع لمساته الأخيرة على الاشتراطات الأساسية في القانون.
ولم يعرف بعد السبب المباشر الذي يمنع حزب الإنقاذ من التقدم برخصة تصويب الأوضاع، لكن المحسوبين عليه يخشون من تلاعبات بيروقراطية تحول دون قبول الوثائق في اللحظات الأخيرة.

عبور البوابة؟

مرور السقف الزمني حتى الـ 20 من الشهر الحالي بدون العبور إلى بوابة التصويب يعني أن الحزب في الإطار القانوني لن يتمكن من الولادة ولن يحظى بجسم قانوني مرخص، علماً بأن رئيس الهيئة المستثقلة للانتخابات موسى المعايطة، صرح مرتين أمام «القدس العربي» بأن الهيئة مضطرة لترخيص الحزب إذا تقدم كبقية الأحزاب بشروط الترخيص المطلوبة لتصويب أوضاعه. ويرى مراقبون كثر بأن حصول حزب الإنقاذ حصرياً على الوثيقة التي تحمل صفة تصويب الأوضاع هو محطة اختبار قوية في إطار مشروع الإصلاح السياسي الثلاثي.
وثمة من يتحدث داخل الحزب عن جاهزية قانونية وأصولية للتقدم رسمياً بطلب التصويب وبالطرق السليمة لإقامة الحجة على السلطات الرسمية، فيما يشتكي قادة الحزب من المضايقات والملاحقات القانونية، حيث يحاكم 6 من رموزه على الأقل الآن باتهامات متعددة ومتنوعة. ولم يعرف بعد ما إذا كان حزب الائتلاف الوطني المدمج والمشكل من منشقين سابقين عن الإخوان المسلمين وجد طريقه لمصالحة داخلية تمكنه من عقد مؤتمره العام وتزويد الهيئة المستقلة بالمحضر القانوني المطلوب.
ودارت أنباء عن محاولات رسمية فشلت في وقف التجاذب والخلاف داخل الهيئة القيادية لحزب الائتلاف، الذي تراهن عليه السلطات باعتباره حزباً إسلامياً وسطياً سيخفف من حضور جماعة الإخوان في خارطة الأحزاب لاحقاً. لكن حزب الائتلاف مصنف في بعض دوائر القرار السيادي ورغم قربه من السلطات الرسمية بأنه حزب محافظ جداً قياساً بالقضايا المطلوبة وبإلحاح هذه الأيام في المسائل الاجتماعية، تحديداً مثل حقوق المرأة والطفل.
وفي الوقت الذي ترى فيه أوساط رسمية أن رموز الائتلاف من قياديي الحركة الإخوانية سابقاً قادرون على مزاحمة جماعة الإخوان، ترجح أوساط سيادية أخرى أن الحزب في القضايا الاجتماعية الأساسية ذات الطابع التحديثي لا يختلف بحكم الخلفية الأيديولوجية عن بقية الأحزاب في التيارات الدينية.

3 أحزاب وسطية

إلى هنا تشكلت 3 أحزاب وسطية كبيرة مؤخراً، وعقدت مؤتمراتها، وهي: إرادة، والميثاق، والديموقراطي الاجتماعي. أما ما يخص سجل الأحزاب فكان حزب جبهة العمل الإسلامي في قياسات الهيئة المستقلة أول وأسرع الأحزاب في إعداد أوراقه ووثائقه وتجهيز شؤونه القانونية في ضوء مقتضيات ومتطلبات التصويت. وفيما يرتب الإسلاميون أوراقهم القانونية بكفاءة ومهنية، بقي البدلاء من الوسطيين في حالة ارتباك وشقاق على مستويات الصف الأول، يبدو أنها تعرقل حتى الآن ما لم يحصل استدراك طبعاً مشروع الدمج الأساسي بين حزبي الوسط الإسلامي وزمزم.
في المقاربة العامة، التيار الإسلامي الإخواني يراقب ويتبرمج قانونياً، ومن انشقوا عنه لديهم مشكلات. وأحزاب الوسط الجديدة ضمن منظومة التحديث تتموقع بثقل في الخريطة؛ فالحزب الاجتماعي في انتظار حزب العمال الذي لا يعرف عنه كثير بعد ينهي الإطار العملياتي بالتدريج، واختار مؤخراً في رئاسة مجلسه شخصية وطنية معروفة وبارزة وأقرب للخطاب النقدي في ممارسة الولاء السياسي.
وأحزاب مثل الميثاق وإرادة، أنهت بكفاءة تحضيراتها حتى الآن، أما التعبيرات الحزبية مدنية الطابع أو يسارية النكهة فمصيرها غامض إلى حد ما ومفتوح على الاحتمالات، ولا تبدو أحزاب اليسار العريقة القديمة مثل حشد والوحدة الشعبية في مواجهة مشكلات لها ارتباط بالتصويت، الأمر الذي يبقي التعبيرات الشيوعية وحيدة حت الآن تقريباً، وإلى حد ما وجهاً لوجه مع مشكلات الولادة والبروز في ظل مستجدات وأدبيات تحديث المنظومة.
ينطلق مع إعلان آخر مساحة ممكنة في السقف الزمني لمرحلة التصويت قطار الأحزاب السياسية وبشكل منهجي يمكن أن يكون مشجعاً أكثر بعد نضج التجارب مستقبلاً، على حد تعبير ريس الهيئة المستقلة المعايطة. ويمكن أن تتحول الأحزاب -في رأي العضو القيادي في حزب الميثاق محمد الحجوج- إلى مدارس متكرسة تنقل الخبرة والتجربة وتعممها وسط الناس.
الأمور بصفة عامة تبدو أكثر استقراراً، وجولة التنافس بين الأحزاب قديمها وجديدها بعد التصويب ستبدأ على مقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة.
لكن بعض الغبار في المشهد يتطاير هنا وهناك. وفي الوقت الذي تطرح فيه بيانات حزب جبهة العمل الإسلامي بين الحين والآخر مشكلات مرتبطة بتصرفات إدارية وبيروقراطية مضادة للعمل الحزبي، لا يزال الحوار ساخناً وسط المسؤولين حول السؤال عن مخاطر ترخيص حزب مثل الإنقاذ والشراكة، الذي يبدو بالمقابل مستفيداً من كل الحالات ضد قياداته.
لم يعد خافياً على أحد في عمان أن تشكيل مسطرة قانونية تتعامل مع نشطاء الأحزاب بمعيار منصف أصبح من أسس استقرار مشروع التحديث.
ولم يعد خافياً أيضاً أن ثمة تجربة طموحة نحو المستقبل يفترض أن تستوعب حزباً مثل الإنقاذ والشراكة على نحو أو آخر بصرف النظر عن عبارة «الأحزاب لا يحركها الغضب» التي يستخدمها المعايطة وغيره بين الحين والآخر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى