اراء و مقالاتمقالات وآراء

عمان – بيروت في مستوى «الخيبة» نفسه… وتبخر الأمل بعد خديعتي فتح الحدود للسوريين وتعويضات «حق عودة» الفلسطينيين

بدأ «خجولاً» ثم طرحه الجميع… الأردن يسأل: كيف نتجنب «السيناريو اللبناني»؟

 

كيف نتجنب السيناريو اللبناني؟ هذا السؤال الحرج بدأت بعض النخب الأردنية تطرحه بخجل منذ ثلاثة أشهر تقريباً وضمن سياقات حالة العصف الذهني التي تبحث عن مقاربة اقتصادية تعفي البلاد والعباد من مواجهة أزمة على النمط اللبناني أو حتى العراقي.
الخجل كان ضرورة سياسية هنا، لأن عملية الإصلاح الاقتصادي استمرت، وبدأ التحريك، ولأن السلطات كانت تظهر قدراً من الحساسية وهي تحاول الإجابة على السؤال ذاته بعبارة «لا سمح الله»، وفي الأثناء مع محاولة متكررة لرفع منسوب الإيجابية في التوقع والقراءة، وتقليص السلبية.
طبعاً، الظرف مختلف تماماً عن لبنان في الأردن، وحصافة السياسة النقدية تحديداً جعلت القطاع البنكي المالي صامداً وصلباً رغم الركود وانحسار عمليات الاقتصاد بكل أصنافها، وهي مسألة لا يمانع وزير المالية محمد العسعس من الإشارة إلى أنها داعمة وبقوة لمؤشرات الاستقرار، تسجل لإدارة البنك المركزي، حيث ثبات في سعر الدينار وإجراءات مستحكمة وصلبة وعميقة بتوقيع محافظ البنك المركزي المخضرم الدكتور زياد فريز.
لكن النجاحات في الاتجاه التجاري والاستثماري، وأحياناً الصناعي، لا تزال متحفظة، الأمر الذي يسمح بتكرار السؤال ولو من باب الاحتياط تحت عنوان تجنب السيناريو اللبناني، حيث بعض الظروف متشابهة، سواء في مسألة هامشية الدور الإقليمي ونمو الديون والتعرض لنتائج وتداعيات الفيلم الهندي الدولي الأكبر باسم إخفاق وفشل الرهان على دعم استثماري ومالي من المجتمع الدولي تحت حاضنة اللجوء السوري.
يشتكي لبنان مثل الأردن من «خديعة» فتح الحدود لللاجئين السوريين.

ولديه ظروف مطابقة إلى حد ما في مسألة اللجوء الفلسطيني، مع أن الأعداد مختلفة تماماً، حيث 180 ألف لاجئ فلسطيني فقط في لبنان بينما أكثر من مليونين في الأردن.
يعني ذلك عملياً، ومع سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص مشروع إلغاء حالة اللجوء، بأن عمان وبيروت على نفس الخط قد تدفعان لاحقاً، لا بل ثمة من يعتقد أنهما تدفعان الآن ثمن الخديعة الأكبر تاريخياً باسم تعويضات حق العودة.
يبدو أن أوجه الشكوى متماثلة بين حكومتي بيروت وعمان مالياً واقتصادياً واجتماعياً على الأقل بالرغم من التباين الشديد في الوزن السياسي والنظام وآلية الإدارة والحكم والدولة.
وعليه، يصبح السؤال عن السيناريو اللبناني خارج نطاق الخجل والحساسية اليوم وتحت إطار التأمل والتمني، وهو سؤال سمعته «القدس العربي» بهذه الصيغة ليس من مسؤولين في الديوان الملكي فقط، لكن من مسؤولين في الحكومة وأعضاء في البرلمان، وفي بعض الأحيان من خبراء الدولة العميقة الذين لا يريدون بدورهم أي مقاربة أو مقارنة، ويتحسسون كل مؤشرات الشارع أملاً في عدم الوصول إلى حالة حراكية تحت إطار مطلبي معيشي، وتعزيزاً للقناعة بالحفاظ على سلامة الجهاز المصرفي وسعر الدينار.
لم تعد مثل هذه المقاربات مثيرة للحساسية، سواء في الحالة النخبوية أو المؤسسات الأردنية، والمخاوف أصبحت مشروعة لأن عين عمان السياسية انشغلت وبعمق وجداً، طوال الأسابيع القليلة الماضية، بمراقبة حراكات الشارع في العراق ولبنان، وهي مراقبة مطلوبة طبعاً حرصاً على المناخ الوطني العام.
لكن الحكومة الحالية على الأقل بقيادة خبير الاقتصاد الاكتواري الدكتور عمر الرزاز، تحتاج إلى مقاربة أنشط قليلاً وأكثر فعالية للنفاذ بمبادرة حماية الاقتصاد الوطني التي تمأسست وتصدرت أصلاً في القصر الملكي وليس الحكومة.
يعلم الجميع، في السياق، بأن المطلوب إجراءات وقرارات فعالة وسريعة بعيداً عن كثرة التمني والعبارات التشجيعية الكلاسيكية التي لا تعني شيئاً في الواقع، خصوصاً أن حكومة الرزاز قد واجهت عاصفة باسم شرائح القطاع العام أرهقت الجميع وخلطت الأوراق عندما تقدم المعلمون في إضرابهم الشهير صفوف الاعتراض في الشارع وبكتلة بشرية عملاقة وصلابة نقابية خضعت الحكومة لها في النهاية.
اليوم تتحرك شرائح أخرى من موظفي القطاع العام تحت يافطة المطالبة بالعلاوات وبعدما سجل المعلمون هدفاً في مرمى الحكومة بصرف النظر عن الاتهامات التي وجهت تلميحاً أحياناً وتصريحاً في بعض الأحيان لأجندة التيار الإسلامي.
المهندسون والأطباء بدأوا حراكاً في الشارع شمل العاملين في القطاع العام منهم، وبمظلة من النقابات المهنية وفرها متأخراً رئيس مجلس النقباء ونقيب المحامين مازن ارشيدات. صحيح أن حراكات المهندسين والأطباء أكثر تنظيماً وأقل زخماً، لكنها بدأت تعمل بنظام القطعة للضغط على الحكومة تيمناً بالمعلمين.
باختصار وببساطة، تلك إشارة – وإن كانت صغيرة لشبح بيروت – يأمل الجميع بمن فيها قادة النقابات المهنية، أن لا تسمح لها الحكومة بالعبور والتكرس.. هل يحصل ذلك؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى