اراء و مقالاتمقالات وآراء

عمان – تل أبيب المحور المعقد وسط «إملاء أمريكي»: اتفاقية الغاز قيد القصف مجدداً بعد «خيانة» إسرائيل للمملكة

تلميح للملك عبد الله الثاني حول ثلاثة أشهر صعبة

 

 يستثمر قطب برلماني أردني من حجم صالح العرموطي وقته الأكبر في اصطياد لحظة الإقرار بأن العلاقات مع إسرائيل «سيئة جداً»، لمواصلة هجومه المنهجي على ما تبقى من تراث علاقات التطبيع والشراكة السلمية بين عمان وتل أبيب.
بعد هجمته المنظمة فيما سماه، وهو يتحدث لـ»القدس العربي» بأطول «مذكرة» في تاريخ البرلمان الأردني، فتح العرموطي مجدداً ملف اتفاقية الغاز الإسرائيلي، وحظي على الأرجح بمعلومات قانونية وحيثيات تمنع فرض «أي شرط جزائي» على بلاده في حال إلغاء الاتفاق الذي أبلغ «القدس العربي» بأن خطورته على مستقبل الشعب الأردني لا تقل عن مخاطر اتفاقية وادي عربة التي لم يعد لها أي مبرر اليوم.
العرموطي جمع معطيات متعددة، وعاد للرأي العام في وثيقة سياسية وقانونية جديدة تحاول تبديد وهم التمسك باتفاقية الغاز، حيث تسليم ملف استراتيجي مثل الطاقة بحضن الإسرائيلين وبقرار أمريكي في اتفاقية «بلا أب» وقعت في عهد حكومة الرئيس عبد الله النسور ولم يُعرف المروجون لها بعد. الاتفاقية تثير الكثير من الجدل في جميع أوصال الشارع الأردني.
لكن العرموطي الذي أصبح متخصصاً بملاحقة كل صغيرة وكبيرة في هذه الاتفاقية يحاول مطاردة كل التفصيلات بعدما قررت السلطة القضائية بأن الحكومة لم تكن ملزمة دستورياً بعرض الاتفاقية على مجلس النواب لأنها تمثل شركة وليس الحكومة الأردنية.
وفقاً للعرموطي، هذه الشركة – ويقصد شركة الكهرباء الوطنية- عليها اليوم ديون تفوق إمكاناتها بنسبة 75%، وهي بالتالي في وضع قانوني يفقدها أهلية توقيع اتفاقية ضخمة مثل الغاز الإسرائيلي.

وفي الوقت الذي يصر فيه المعارضون للاتفاقية على أنها كانت عبارة عن «إملاء أمريكي إسرائيلي» وتخضع الشعب الأردني، يرى رسميون بأن الاتفاقية سياسية ومن الصعب الحكم على اعتباراتها «فنياً ومالياً» فقط بدون دراسة الظروف التي دفعت الإدارة الأمريكية السابقة في عهد باراك أوباما لإجبار عمان على عقدها وتوقيعها.
بكل حال، بدأ العرموطي وتحت قبة البرلمان يعرض المزيد من الأدلة والقرائن القانونية على عدم شرعية الاتفاقية، ونجح من دون مناقشة الحكومة بعد بعرض خمس حجج قانونية يمكن أن تستعمل لإسقاط الاتفاقية وبلا الخوف من كلفة الغرامة المالية الجزائية التي تحاول الحكومة تبرير عدم التراجع عن الاتفاقية على أساسها.
خبراء مختصون قالوا أمام «القدس العربي» قبل أيام بأن الهدف من الغاز الإسرائيلي كان الحرص على إنتاج الكهرباء، وأن الأردن اكتشف اليوم إمكانات هائلة جداً من الطاقة البديلة، ولديه فائض كبير من الكهرباء ويبحث عن أسواق له، بالتالي أصبح مبرر اتفاقية الغاز الأساسي ومن الناحية العملية والاقتصادية مفقوداً.
لكن العرموطي تحدث أيضاً عن شرط في الاتفاقية يتحدث عن موافقة المجالس البلدية على عبور أنابيب نقل الغاز، وقال بأنه شرط غير متوفر في الاتفاقية الآن، لأن الشعب الأردني برمته يرفض الاتفاقية ويرى فيها خطراً.
وكان رئيس مجلس النواب، عاطف طراونة، قد صرح بأن الاتفاقية غير شرعية ولا يريدها النواب، والشعب الأردني -بصرف النظر عن شرعية الاتفاق- لا يحتاج إلى موافقة السلطة التشريعية.
وفي ظل تردي وتراجع كبير في العلاقات والاتصالات بين عمان وتل أبيب، يبدو اليوم التنديد بالاتفاقية سلوكاً جماعياً ليس من السهل التبرير ضده أو التحدث بالاتجاه المعاكس له، رغم أن الاستعانة بالغاز الإسرائيلي خطوة تقول بعض المصادر إن شركات أردنية كبرى سبق أن تعاونت بشأنه مع الإسرائيليين، ما يعني أن اتفاقية شركة الكهرباء لم تكن سابقة في مجال تعاون مؤسسات عملاقة تتبع الحكومة مع موردي الغاز الإسرائيلين.
ورغم ذلك، يرى برلمانيون، من بينهم ثامر بينو وعرموطي وموسى هنطش وغيرهم من كتلة الإصلاح، بأن الظروف مواتية تماماً لإسقط هذه الاتفاقية، على اعتبار أن التحرر منها جزء أساسي اليوم من منظومة تحرر الأردنيين شعباً ومؤسسات من التبعية للمسار الإسرائيلي، خصوصاً أن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أقر علناً وفي مؤتمر صحافي بأن «اتفاقية الغاز مع إسرائيل» قد لا تكون منصفة وتتطلب المراجعة.
لاحقاً، لم يعلن الرزاز ما إذا كان قد راجع الاتفاقية أم لا.
ولم تتخذ حكومته أي خطوة حقيقية من أي نوع لصالح تقييم ومراجعة الاتفاقية، مع أن الرزاز أشار إلى أن طاقمه يحاول أن يفهم ما إذا كانت المملكة مضطرة لدفع غرامة مالية إذا ما قررت سحب توقيع شركة الكهرباء على اتفاقية الغاز مع إسرائيل.
ملك البلاد عبد الله الثاني كان قد صرح علناً بأن علاقات بلاده مع إسرائيل الآن هي الأسوأ، متأملاً أن تحصل استدراكات لصالح السلام في الأشهر الثلاثة المقبلة تعليقاً على حيثيات المشهد في ظل الكلام عن محاكمة نتنياهو.
ما يقدره أعضاء برلمان وناشطون أن الفرصة مواتية بسبب «خيانة» إسرائيل لمصالح الأردن على أكثر من صعيد للعبور أسرع بفكرة إلغاء اتفاقية الغاز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى