اراء و مقالات

قريبا في تونس: «تهمة إطالة اللسان»! «صابغو شعورهم» يوصلون لبنان للعتمة المطلقة

الأهم أن لا تذكر عبارة «الهوية الوطنية الجامعة» على لسان «صنفين من الأردنيين» فقط، أنا منهم بالمناسبة.
دون ذلك بإمكان «ديباجة» وثيقة تحديث المنظومة السياسية أن تسرح وتمرح، وهي تدعو الشعب لتوحيد اللهجة. وبإمكان وزير في الحكومة أن يقول ما يشاء، ويمكن طبعا للأجهزة الأمنية والبيروقراطية أن تردد تلك العبارة الساحرة بجدية وبدونها، وكذلك مجلس النواب، وأخيرا محطتي «بي بي سي» و«المملكة»، فالأولى «إفرنجية» يحق لها ما لا يحق لغيرها، والثانية تحمل اسما يرتبط بـ«الهيبة»، وبخلايا أزمة كورونا – بصرف النظر عن إنتاجيتها مقابل نفقات تزيد عن 100 مليون دينار من خزينة بسطاء وفقراء الأردن – وطبعا بعيدا عن الديكورات على مقاس «بي بي سي».
كل هؤلاء القوم يستطيعون المناداة بـ«الهوية الجامعة»، دون أن تشعر معلبات الاتهام الموسمية بأي استفزاز.
فقط إذا كنت مهتما بتجاوز جدل المكونات وتنظر لمستقبل البلاد والعباد أو إذا انتميت لدعاة «تمدين الدولة»، هنا الويل والثبور وعظائم الأمور، فأنت على أقل تقدير بعت فلسطين وبطريقك لبيع الأردن، و»جاحد أو ناكر للجميل»، إذا لم تكن مدسوسا من الصهيونية أو كافرا!
طبعا، لاحظنا مع الملاحظين أن «بي بي سي» تركت 92 عضوا في لجنة ملكية قرروا الموافقة على توحيد الهوية الوطنية واختارت نشر تقريرها عن بضعة مواطنين قالوا على «تويتر» إنهم يرفضون حكاية الهوية الوطنية الجامعة.
على شاشة «المملكة» كان الوزير موسى معايطة واضحا وصريحا ويستحق الشكر، لكنه لن يسلم من المعلبات إياها، وقبل ذلك «صدم» صديقنا مروان المعشر.
تصمت الأغلبية من الأردنيين، ثم تتحدث أقلية منشغلة بالتشكيك فقط، مدعية أنها تمثل «الشعب العظيم»، بينما جماعة الـ«بانكرز» يقررون ما يريدون بصمت ويفرضونه بذكاء وعن بعد على الشعب الحائر.
مجددا يحصل المحظور نفسه: فقط في بلادنا يمكنك أن تسمع رأيا أو تقرأ نصا يعتبر الهوية الوطنية الجامعة «رجسا من عمل الإمبريالية»! بالله عليكم هذا نفر تفرض عليه أي نوع من الضرائب؟!

تونس والسيناريو المصري

يكشف الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، قلقا على بلاده من «السيناريو المصري»، حيث رئيس انتخبه الشعب، بسبب سمعته الطيبة ونزاهته كأستاذ جامعي يتحول إلى «ديكتاتور مستجد»، يعتقل صحافيا، فقط لأنه قرأ «قصيدة» ويبالغ قليلا في انتقاد تمديد إجراءات الطوارىء.
أقترح على الفضائية التونسية، التي أكثرت مؤخرا من الأغاني الوطنية التراثية، كما لاحظنا الاستعانة بخبراتنا نحن الأردنيين في قضايا «إطالة اللسان»، خصوصا وأن ملك البلاد أمر بفك رقبة هذه التهمة العبقرية، وحفاظا عليها من الزوال لأنها تمثل مع المحاكم الاستثنائية «ضرورة قومية ملحة» لا بد من «تأمينها» بتصديرها إلى النظام التونسي الشقيق، وهو يقطع بتؤده شوطا نحو «طبائع الاستبداد».
حسنا، نحن في الشرق لا نملك الحق في التعليق على «مدنية التجربة المغاربية التونسية»، فقد سمعنا من العصفورة أن بلدنا الأردن بدوره يقرأ تجربة «اتحاد الشغل التونسي».
وثمة من يعمل على استعارتها لتشكيل حزب عمالي سياسي عملاق «تحت السيطرة»، بدليل أن المشاهد الأردني المعتاد على شاشة تلفزيون حكومية مصرة على صيغة «استقبل وودع»، بدأ يراقب تغطية، ولو خفيفة على نشرة الأخبار لما يحصل في تونس، ولنكن أكثر دقة لما يقوله ويبرره الرئيس قيس سعيد.
يمكن لأهلنا في تونس الخضراء التوسع في استعارة «تهمة إطالة اللسان» منا مقابل منحنا «سر الخلطة» في منهجية تحويل العمال إلى بوصلة حزب سياسي. هكذا ندعم التعاون المشرقي المغاربي العربي.
نحب تونس ونحترم أهلها، وما نخشاه أن تنضم قريبا جدا للمجموعة الضخمة من الدول، التي لا نستطيع زيارتها، حيث تتغير عبارة «من الشام لبغدان»، ونضيف عليها بعد «من نجد إلى يمن» إلى مصر فالقيروان، وميناء هانيبال العظيم بفم العاصمة تونس.
إنها حقا كذبة كبرى من «المحيط الهادر إلى الخليج الثائر»، حيث تمويل استثنائي للاستبداد وشعوب مقموعة ووزراء إعلام مشغولون جدا وللغاية بوضع قيود على البث الإلكتروني وعلى نقض مدرسة «التنفيس»!
نتمنى للتوانسة الخير دوما وأبدا، ونعلم أن أصل القصة مرتبط جذريا بـ»كي» الوعي الإنساني العربي، بحيث ينسى الحالة الوحيدة، التي نجح فيها ربيع العروبة!

لبنان يغرق في العتمة

لكن الوعي أصلا غير موجود بالتالي عملية «الكي» ستحرق اللحم فقط.
والدليل النبأ الظلامي، الذي زفته لنا فضائية «أن بي أن» اللبنانية وهي تعلن أن البلد، منارة الشرق والثقافة والفن، دخل مع إطلالة الأسبوع الجديد في مرحلة «الغرق في العتمة».
الدكتورة مريم نور طردت مراسلة تلفزيونية مع كاميرتها مؤخرا لأنها «صابغة شعراتا ولا بسه جينز ممزع»، وسمعناها تقول في حديث مفتت ومسجل إن الكهرباء ستعود إلى لبنان عندما تضاء القلوب .
تلك القلوب لن تستنير إلا إذا تغيرت الطبقة التي أدخلت بلاد الأرز في محاصصة إنتهت بـ«العتمة التامة»!
الجنرالات. كبار الساسة. تجار الحرب والإعلام في لبنان. «كلن يعني كلن. صابغين شعراتن» وسيناريو مريم نور قد ينقذ ما تبقى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى