اراء و مقالاتمقالات وآراء

كيف‭ ‬خلط‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬الأوراق‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الأردن؟‭… ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬‮«‬التأجيل‮»‬‭ ‬والمؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬الأزمة‮»‬

‬‭:  ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أجندة‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬والتي‭ ‬تقررت‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬أصبحت‭ ‬زمنياً‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الغموض‭ ‬والاشتباك‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.‬
‭ ‬توقعات‭ ‬القطب‭ ‬البرلماني‭ ‬الاردني‭ ‬خليل‭ ‬عطية‭ ‬والتي‭ ‬سمعتها‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬وترجح‭ ‬النظرية‭ ‬التي‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬الانتخابات‭ ‬صعب‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإيقاع‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬المشهدين‭ ‬الداخلي‭ ‬والإقليمي‭ ‬وعلى‭ ‬المشهد‭ ‬العالمي‭ ‬أيضاً‭.‬
‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬حملات‭ ‬المرشحين‭ ‬للانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬زادت‭ ‬بمعدلات‭ ‬قياسية‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬وصول‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬بكورونا‭ ‬إلى‭ ‬34‭ ‬حالة‭ ‬قاد‭ ‬الدوائر‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬تكهنات‭ ‬جديدة‭. ‬الانتخابات‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬وبعد‭ ‬الإعلان‭ ‬ملكياً‭ ‬عن‭ ‬عقدها‭ ‬الصيف‭ ‬المقبل‭ ‬أصبحت‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الماضي‭. ‬والأولوية‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المؤسسات‭ ‬اليوم‭ ‬لمركز‭ ‬الأزمات‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يديره‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬النادي‭ ‬الوزاري‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬ومن‭ ‬خارج‭ ‬نادي‭ ‬لعبة‭ ‬الترشيح‭ ‬والانتخابات‭.‬
‭ ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬حسم‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬مسألة‭ ‬توقيت‭ ‬الانتخابات‭ ‬بإعلانه‭ ‬أنها‭ ‬ستجري‭ ‬الصيف‭ ‬المقبل‭ ‬بموجب‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الدستوري‭. ‬وألهب‭ ‬الإعلان‭ ‬الملكي‭ ‬وقتها‭ ‬مناخات‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬واللعبة‭ ‬الانتخابية‭ ‬وبدأت‭ ‬تقفز‭ ‬أولويات‭ ‬الترشيح‭ ‬ونقاشات‭ ‬نسب‭ ‬الاقتراع‭ ‬ومن‭ ‬يشارك‭ ‬أو‭ ‬يقاطع‭. ‬واستمر‭ ‬الاستعداد‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬مزاج‭ ‬الانتخابات‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬إصابة‭ ‬مواطن‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ .‬
‭ ‬لكن‭ ‬اليوم‭ ‬اختلطت‭ ‬الأوراق‭ ‬تماماً‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬مزاج‭ ‬السيناريو‭ ‬الصحي‭ ‬الاسوأ‭ ‬واتخذت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬حيث‭ ‬أغلقت‭ ‬الحدود‭ ‬والمطارات‭ ‬وأوقفت‭ ‬الرحلات‭ ‬وأقيمت‭ ‬فعاليات‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬لآلاف‭ ‬الاشخاص‭. ‬وحيث‭ ‬تم‭ ‬تعطيل‭ ‬الدوام‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭. ‬كما‭ ‬بدأت‭ ‬الوزارات‭ ‬جميعها‭ ‬بالاستعداد‭ ‬لمرحلة‭ ‬يضرب‭ ‬فيها‭ ‬كورونا‭ ‬جميع‭ ‬الأوصال‭ ‬والأطراف‭ ‬بدون‭ ‬تمييز‭. ‬وهنا‭ ‬حصرياً‭ ‬تدخل‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬وقرر‭ ‬خفض‭ ‬الفائدة‭ ‬وتيسير‭ ‬القروض‭ ‬للشهر‭ ‬الحالي‭ ‬ووعدت‭ ‬مؤسسة‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بإجراءات‭ ‬وبدأت‭ ‬الدولة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬تمويل‭ ‬ضمن‭ ‬الميزانية‭ ‬المتاحة‭ ‬لعمليات‭ ‬الوقاية‭ ‬والتعقيم‭ ‬والمتابعة‭ ‬الطبية‭ ‬حيث‭ ‬الفاتورة‭ ‬مكلفة‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬اقتصادي‭ ‬ومالي‭ ‬كان‭ ‬بائساً‭ ‬جداً‭ ‬وأقرب‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬قبل‭ ‬المرض‭.‬
‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أيضاً‭ ‬حساسة‭ ‬فقد‭ ‬خرجت‭ ‬قطاعات‭ ‬بأكملها‭ ‬عن‭ ‬سكة‭ ‬الخدمة‭ ‬وضرب‭ ‬الموسم‭ ‬السياحي‭ ‬وأصبح‭ ‬التحدي‭ ‬الأبرز‭ ‬المخزون‭ ‬الغذائي‭ ‬والمخزون‭ ‬الصحي‭ ‬والدولة‭ ‬ستصرف‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬قريباً‭ ‬جداً‭ ‬لتمويل‭ ‬المواجهة‭ ‬والمكافحة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لمح‭ ‬له‭ ‬وزير‭ ‬الاتصال‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬أمجد‭ ‬العضايلة‭.‬
عملياً‭ ‬تمكن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬مبكراً‭ ‬من‭ ‬إقصاء‭ ‬وإبعاد‭ ‬الأمل‭ ‬بعقد‭ ‬انتخابات‭ ‬برلمانية‭ ‬نهاية‭ ‬الصيف‭ ‬الحالي‭ ‬وفقاً‭ ‬لأكثر‭ ‬النظريات‭ ‬ترجيحاً‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭. ‬ويبدو‭ ‬ان‭ ‬الفيروس‭ ‬نفسه‭ ‬أطال‭ ‬عمر‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬ولو‭ ‬نسبياً‭ ‬بقيادة‭ ‬الدكتور‭ ‬عمر‭ ‬الرزاز‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬انفجر‭ ‬لغم‭ ‬الفيروس‮»‬‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬حكومته‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الاخيرة‭ ‬من‭ ‬عمرها‭.‬
‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬نافلة‭ ‬القول‭ ‬سياسياً‭ ‬بان‭ ‬البديل‭ ‬المنطقي‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬الرزاز‭ ‬اليوم‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬ملاحظات‭ ‬على‭ ‬أدائها‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬تعليق‭ ‬الانتخابات‭ ‬هو‭ ‬حصرياً‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬قد‭ ‬تستوجب‭ ‬بدلاً‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬المدنية‭ ‬يختلط‭ ‬مع‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬التكنوقراط‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬جديدة‭ ‬تناسب‭ ‬التحديات‭ ‬والمرحلة‭.‬
الخيار‭ ‬الأخير‭ ‬يبدو‭ ‬بعيداً‭ ‬الآن‭. ‬لكنه‭ ‬مطروح‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الهمس‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬النخب‭ ‬مع‭ ‬ان‭ ‬حكومة‭ ‬الرزاز‭ ‬تناضل‭ ‬للاستمرار‭ ‬والبقاء‭ ‬وللقيام‭ ‬بواجبها‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬وسط‭ ‬انطباع‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬معدلات‭ ‬الإصابة‭ ‬بالفيروس‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬متقدمة‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭ ‬تتحول‭ ‬فيها‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬أمن‭ ‬قومي‭.‬
‭ ‬أغلب‭ ‬التقدير‭ ‬ان‭ ‬وجود‭ ‬الملك‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬وبصفة‭ ‬شخصية‭ ‬لمتابعة‭ ‬التفاصيل‭ ‬والإشراف‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الأزمات‭ ‬الوطني‭ ‬رسالة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬بامتياز‭ ‬تؤكد‭ ‬مستويات‭ ‬الخيارات‭ ‬المفتوحة‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬صعبة‭ ‬وحساسة‭ ‬ودقيقة‭.‬
في‭ ‬الأثناء‭ ‬يمكن‭ ‬ببساطة‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬الشارع‭ ‬الأردني‭ ‬ينكفئ‭ ‬قليلاً‭ ‬على‭ ‬ذاته‭ ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬الجدال‭ ‬والنقاش‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا‭. ‬هنا‭ ‬تحديداً‭ ‬اختفى‭ ‬تماماً‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬المعارضة‭ ‬السياسية‭ ‬والإسلامية‭ ‬تحديداً‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬بالفيروس‭ ‬وتحدياته‭ ‬وتراجع‭ ‬دعاة‭ ‬تمدين‭ ‬الدولة‭ ‬والإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬وخفت‭ ‬حدة‭ ‬النقد‭ ‬العام‭ ‬وبدأ‭ ‬الجميع‭ ‬بانتظار‭ ‬الحلقة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬كورونا‭ ‬وما‭ ‬سيعقبها‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬السياسي‭ ‬والأهم‭ ‬الهم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وطبعا‭ ‬قبل‭ ‬الملفين‭ ‬الملف‭ ‬الصحي‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى