اراء و مقالات

هل يعيد القصر الملكي الأردني برمجة الاتجاه؟ تشويش وضغوط متعددة الجهات على «اللجنة»

بعض الأنماط التفكيرية التي صمدت لسنوات أو لعقود في مستويات القرار الرسمي بخصوص ملفي الانتخاب والأحزاب آن أوان تغييرها.

عمان-»القدس العربي»: وضع ورود بند تعديلات على قانون البلديات واللامركزية بعض مهام اللجنة الملكية للإصلاح السياسي في الأردن أمام حالة من التشوش التشريعي خصوصا وان إحدى اللجان الفرعية المهمة التابعة للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية معنية بملف الإدارة المحلية وبالتالي يفترض ان تتريث الحكومة في المضي قدما بالخطوات لتشريع تعديلات قانون البلديات ونصوص الإدارة المحلية إلى ان يتسنى لتلك اللجنة الفرعية تحديد البوصلة في التغيرات التي تقترحها.

ويبدو أن صدور نص إرادة ملكية بخصوص الدورة الاستثنائية الجديدة لمجلس النواب والبرلمان وتضمن هذا النص وضع القانون المعدل للبلديات واللامركزية بمعنى ملف الإدارة المحلية على جدول أعمال الدورة الاستثنائية يعتبر مؤشرا على انتصار الجناح في السلطة التنفيذية الذي يرى بانه ليس مضطرا لانتظار ما تقرره اللجنة الملكية بالخصوص رغم ان ملف الإدارة المحلية هو الثالث بالأهمية بعد قانوني الانتخاب والأحزاب، وبالتالي تم إنتاج حال تشويش تشريعية تحتاج إلى تفسير وتحليل الآن خصوصا وان الخلافات بين اللجنة الملكية والحكومة الحالية على ملف الإدارة المحلية كانت قد برزت على أكثر من صعيد.
وكان رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي قد أبلغ خلال مجالسات سياسية مع بعض النخب، بأن لجنته حاولت لفت نظر الحكومة إلى هذا التناقض في البوصلة والاتجاه متمنيا ضمنيا بان تسحب الحكومة مشروعها بخصوص الإدارة المحلية والمحول لسلطة التشريع الحالية إلا ان ذلك لم تستجب له الحكومة لأسباب غامضة حتى الآن.
وترى مصادر برلمانية بان ورود بند قانون البلديات والتعديلات على جدول أعمال الدورة الاستثنائية وبموجب إرادة ملكية رسمية قد يكون خطوة في الاتجاه المعاكس والمضاد لما يمكن ان تقرره اللجنة الفرعية الملكية المعنية بالخصوص وقد يكون خطوة إضافية تظهر حصول خلافات مع الحكومة، فيما تقدر تلك المصادر بان مجلس النواب ليس مضطرا لإكمال مناقشات هذا القانون حتى خلال الدورة الاستثنائية الصيفية.
ومن المرجح هنا ان خلافات تشريعية من هذا النوع تؤشر على ان الفرصة متاحة لرؤية خلافات أكثر عمقا بين اللجنة الملكية وبين الحكومة خلافا للانطباع الذي كان قد أثير في وقت سابق. وهو انطباع كان يوحي بحصول توافق بين السلطات على تمكين اللجنة الملكية من المضي قدما في برنامج عملها وجدول الأعمال الذي قرر بغطاء ملكي مباشر.
ولم يعرف بعد ما إذا كان الخلاف مع بعض الوزراء حول ملف الإدارة المحلية قد ينسحب على خلافات مع وزراء آخرين في الحكومة أو أي من المؤسسات الرسمية والدستورية حول تعديلات طموحة ومهمة مقترحة على قانوني الأحزاب والانتخابات وهي في المسألة المتعلقة بالانتخابات والأحزاب تعديلات تحتاج على حد تعبير عضو اللجنة الملكية خالد البكار وكما أبلغ «القدس العربي» مباشرة إلى مقاربة أكثر حداثة وأكثر عمقا وجدية لتعزيز المشاركة الشعبية. بمعنى ان بعض الأنماط التفكيرية والذهنية التي صمدت لسنوات أو لعقود في مستويات القرار الرسمي بخصوص ملفي الانتخاب والأحزاب آن أوان تغييرها اللحظة. ويوحي ذلك بان المطلوب تغيير العقيدة البيروقراطية المتعلقة بقانوني الأحزاب والانتخابات.
لكن الحكومة مضت قدما في مشروعها التشريعي بخصوص البلديات واللامركزية الأمر الذي أربك اللجنة المختصة بملف الإدارة المحلية والتي يترأسها وزير البلديات الأسبق والحكم المحلي لسبع سنوات المهندس وليد المصري.
ولا تبدو تلك المفارقة وحيدة في الجمل الاعتراضية البيروقراطية، والسياسية الرسمية التي تناكف اللجنة الملكية أو تحاول فرض بعض الايقاعات عليها فاللجنة نفسها كانت قد ترنحت للتو وخرجت من سلسلة أزمات لها علاقة ببعض الأعضاء البارزين فيها حيث استقال عضوان هما الدكتورة وفاء الخضراء والكاتب الصحافي عريب الرنتاوي من عضويتهما في اللجنة الملكية بسبب حملات شعبوية طالت آراء واجتهادات فردية لهما.
وزاد شعور أعضاء اللجنة خصوصا المخضرمين منهم والذين لديهم خبرات سابقة في العمل الحكومي والسياسي بأن بعض توصيات اللجنة وأعمالها لا تحظى بالتوافق المطلوب على المستوى الرسمي، الأمر الذي أسس لمفارقات بالجملة أرهقت اللجنة وضغطت عليها من اتجاهين، الأول هو اتجاه رسمي داخل الدولة. والثاني هو اتجاه شعبي يشكك باللجنة ونتائج أعمالها وتوصياتها حتى قبل ان تنضج.
لكن تلك الضغوط عليها ان تخضع الآن لإعادة برمجة بعد عودة الملك عبدالله الثاني من زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة خصوصا وان الرهان الملكي على أعمال اللجنة وحسب الرفاعي كبير، والسقف الملكي في التوجيهات حتى الآن أعلى من السقف المحيط بأعمال أعضاء اللجنة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى