اراء و مقالات

الأردن: «طهاة» التحديث لا يتذوقون «الطبخة»… 6 فقط من «الملكية» انضموا للأحزاب… أين الرفاعي و«الزخم»؟

عمان- «القدس العربي»: وحده دون غيره من السياسيين الفاعلين والمشتبكين، قرر السياسي والطبيب والبرلماني الأردني ممدوح العبادي الوقوف عند مفارقة الرقم بعد التدقيق الفضولي، لكن بلغة تنطوي على رسالة سياسية بالتأكيد عندما يتعلق الأمر بمخرجات ومنتجات وتداعيات واستحقاقات مشروع تحديث المنظومة السياسية في البلاد، الذي تراجع الحديث عنه بشكل واضح مع غياب محاضرات ولقاءات ومشاورات وتحركات رئيس اللجنة الملكية لصياغة مشروع تحديث المنظومة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي عن المسرح وعن الأضواء ولو مؤقتاً في الآونة الأخيرة.

تجربة لا تزال غامضة

تغيب الزخم في الإعلام وسط السياسيين وتأثر سلباً بتوقف حراك الرفاعي في موضوع تحديث المنظومة السياسية، لكن الأمر قد لا يكون له بغياب رجل ديناميكي وفاعل أشرف على صياغة هذه الوثيقة المستقبلية المهمة بقدر ما له علاقة بإنجاز التشريعات المطلوبة ووضع الكرة اليوم بين يدي المواطنين والنخب السياسية، خصوصاً أن القصر الملكي دعا علناً مرتين على الأقل إلى ترك الصالونات السياسية والانشغال ببناء التجارب الحزبية الجديدة.
ثمة من يقول على المستوى السيادي الآن بأن المطلوب وقف حالة التجاذب والنميمة السياسية التي يمارسها سياسيون سواء من شريحة من أطلق عليهم يوماً اسم الديناصورات أو من يكثرون من الانتقاد وتسريب المعلومات والمعطيات أو» السوداوية» بين الحين والآخر دون تمييز على مستوى الدقة والاحتراف والمعطيات.
ثمة انطباع بأن القرار المركزي يريد من النخب المهتمة بالشأن العام بعد الآن الانضمام إلى الأحزاب السياسية الجديدة تمهيداً لتجربة لا تزال غامضة، لكنها -برأي الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة- مفتوحة على الاحتمالات وتعاكسها الكثير من معطيات خطاب المصداقية في التصرف والإجراءات، بدلالة التعديلات التي تؤسس قيوداً على العمل الحزبي في بروتوكول خاص استنسخ داخل الجامعات ومؤسسات التعليم، وأيضاً بدلالة -حسب العضايلة ورفاقه في الحركة الإسلامية- الإصرار على انتهاكات الحريات وتوقيف واعتقال نشطاء المعلمين بين الحين والآخر، الأمر الذي لم يعجب الرفاعي، بل انتقده مرات عدة بجلسات عامة أمام «القدس العربي».
في كل حال، غياب الرفاعي مؤقتاً عن المشهد قد يكون ناتجاً عن ظروف خاصة، لكن زخم الحديث عن مشروع تحديث المنظومة السياسية تأثر بهذا الغياب على نحو أو آخر، وهو ما ترصده العديد من الفعاليات.
في المقابل، وعودةً إلى ما يقوله السياسي المخضرم ممدوح العبادي، يمكن التقاط ما هو جوهري في مسألة مسكوت عنها بطبيعة الحال، وهي تلك المفارقة الرقمية التي ذكرها العبادي على هامش لقاء إذاعي حيوي سياسياً مع الإعلامي المخضرم الدكتور هاني البدري.
وهنا أشار العبادي إلى أن 6 فقط من بين 82 عضواً في اللجنة الملكية التي صاغت وثيقة تحديث التنمية السياسية ثم تحركت في اتجاه تعديل تشريعات عملية التحزب، انضموا فعلاً إلى الأحزاب الجديدة في مرحلة ما بعد الوثيقة، وهو عدد قليل جداً، مع أن عدد أعضاء اللجنة الملكية برمتها 92 عضواً منهم أصلاً عشرة أعضاء فقط مسجلين بالأحزاب السياسية القديمة.
وتلك -حسب توضيحات العبادي نفسه لـ«القدس العربي»- ليست مجرد مفارقة رقمية، لكنها قد تبعث برسالة ليست مقصودة، عنوانها أن من أشرفوا على طهي طبخة تدعيم العمل الحزبي في الأردن أنفسهم لا يزالون في حالة عزوف أو شكوك، ولم تقرر أغلبيتهم الساحقة الالتحاق بحافلات التنظيمات الحزبية الجديدة التي ظهرت على الساحة.

هموم الأحزاب

والعدد، وهو 6 فقط من 82 عضواً، لم يدقق به أحد قبل العبادي عملياً، لكن الانطباع يزيد بأن المشاركين في حفل تحديث التنمية السياسية والذين قاموا بتحريك المناخ والأجواء صخباً في الحديث عن المستقبل للأحزاب السياسية قرروا العزوف في أغلبهم عن الالتحاق بمسار التنمية السياسية بعدما أشرفوا هم أنفسهم على إعداده، وهو موضوع يحتاج إلى كثير من التأمل والتعمق ومرتبط على الأرجح بمصداقية العملية التي تحتاج، كما قال الرفاعي يوماً على هامش نقاش مع» القدس العربي»، إلى مزيد من الوقت ومزيد من إنضاج التجارب.
في كل حال، يلاحظ الجميع بأن الغالبية الأعم هم من المنشغلين بهموم الأحزاب الجديدة الذين يعقدون الاجتماعات والمشاورات ويندفعون في اتجاه تسجيل أحزابهم في الإدارة المختصة بالهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات من أصحاب الألقاب السابقة، إما على مستوى مجالس النواب المتعاقبة أو حتى على مستوى من حملوا حقائب وزارية ووظائف عليا في الماضي.
ويلاحظ هنا عموماً بأن المتقاعدين العسكريين حصراً، الذين أظهروا في السنوات العشر الماضية ميلاً شديداً للاشتباك الإعلامي والسياسي عددهم في تشكيلات الأحزاب الجديدة نادر جداً، مع أنهم قد يشكلون قاعدة لأهم الأحزاب السياسية الجديدة بعد صفتهم المدنية بطبيعة الحال، فيما التراكم العددي للوزراء السابقين وأعضاء في مجلس الأعيان والنواب متاح للجميع في حزب الميثاق الجديد، الذي ينظر إليه على أنه حزب التيار الوسطى أو الحزب المقرب للسلطة الأضخم في التجربة الحالية بسبب هذا العدد الكبير من البرلمانيين وأصحاب الألقاب السابقة فيه.
وهي مسألة يفترض أن تختبر قريباً في انتخابات رئاسة مجلس النواب، حيث إن حزباً لديه أكثر من 60 مقعداً في البرلمان ينظر الجميع لدوره في تحديد ما إذا كان مهتماً برئاسة مجلس النواب أو المشاركة في منافسة الانتخابات على ذلك الموقع البرلماني المهم، أم سيعزف هو الآخر خلافاً لأن ذلك سيختبر أيضاً نوايا مراكز القرار برمتها. على جبهات أخرى ثمة محاولة لتوحيد اليسار الوسطي، وقد ألمح لها عضو اللجنة الملكية الناشط عدنان السواعير وهو يؤكد علناً بأن على الأردنيين إدراك أن لديهم رؤية الآن لا بد من الالتحاق بها والتعاون معها بدلاً من الإكثار من التشكيك.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى