مقالات وآراء

الأردن: “إسفنجة” الإخوان المسلمين تمتص “مضايقات” السلطة

 

 يتطلع الإخوان المسلمون في الأردن إلى مقاربة مغرقة في الاعتدال وسط المعركة التي يخوضونها مع تفاصيل تأتيهم بالقطعة تحت عنوان التلويح بشرعية ترخيص جمعيتهم الأم.

 لكن يمتص التنظيم الإخواني كالإسفنجة بحذاقة خطوات الضغط والاستفزاز، ويراوغ في تجنب مواجهة أو صدام سياسي أو غير سياسي يمكن ان يسمح بتسلل الأجندة الثلاثية المصرية والسعودية والإماراتية إلى الخريطة المحلية.

لا يخفي قادة ورموز الإخوان هنا رصدهم للموقف الملكي والرسمي الأردني الذي رفض التفاعل مع تحريضات الدول الثلاث المشار إليها كما رفض التماهي مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصنيف الجماعة الإخوانية بالإرهاب.

لكن الرصد يشمل أيضا سلبيات وخطوات غير مفهومة بعد من بينها اصرار الحكومة على بقاء الجمعية الخيرية الأم التابعة للإخوان تحت سلطة ويد منشقين عن الجماعة رغم تراجع الخدمات في الجمعية والاشكالات المالية فيها.

من بين السلبيات أيضا استمرار وزيادة عدد الاستدعاءات الأمنية أحيانا وقد اعتبرها الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة خطوة مستفزة وغير ضرورية ليس فقط بسبب عدم وجود ما يبررها، ولكن أيضا وهذا الأهم بسبب حرص التيار الإسلامي على الإصلاح والاستقرار العام في البلاد.

وبين المضايقات التي لا معنى لها مؤخرا اختيار شخصية منشقة تماما عن الإخوان المسلمين وحزبية بالمعنى الكامل في رئاسة مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان.

الحديث هنا عن الدكتور ارحيل الغرايبة مؤسس مبادرة زمزم وداعية أردنة التنظيم الإخواني المنشق عن الجماعة منذ سنوات.

أثار اختيار الغرايبة لهذا الموقع جدلا في أوساط المجتمع الحقوقي والمدني. لكن المؤسسات التابعة للحركة الإسلامية والإخوانية تجاهلت الأمر وان كانت قد لاحظت ان الانفتاح مستمر وبدون مبرر على كل أجنحة المنشقين عن الجماعة من أولادها سابقا، فيما كان آخر مسؤول حكومي التقى قادة من الحركة الإسلامية هو وزير الداخلية الأسبق سمير مبيضين.

 هنا جزئية في التواصل الحكومي تستوجب التعليق. فوزير الداخلية الجديد سلامة حماد لم يظهر أي حرص على الاتصال بأكبر أحزاب المعارضة وهو حزب جبهة العمل الإسلامي التابع لجماعة الإخوان ووزير التنمية السياسية موسى المعايطة معارض بالأيديولوجيا والفكر للإسلاميين.

المسحة الشمولية الدافئة التي يحاول رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إنتاجها كانطباع عنه وعن حكومته تحت عنوان القدرة على التحدث مع جميع الشرائح والفئات لم تشمل بحنانها بعد أي ممثلين للحركة الإسلامية والإخوانية بما في ذلك نواب الجبهة الإخوانية في البرلمان.

 أغلب التقدير ان الرزاز لا يريد المجازفة بالتواصل مع الإخوان المسلمين ضمن سياق حساباته المعقدة بالبقاء والتمدد والصمود لأطول فترة، خصوصا ان المستوى الأمني لا يزال في موقع الريبة والشك بالتيار الإخواني، أو لأن فكرة التيار المدني التي يؤمن بها الرزاز هي التي تفقده الحماس لخدمة الحركة الإسلامية ولو حتى بحوار أو تواصل.

يقر الشيخ العضايلة على هامش نقاش عميق مع “القدس العربي” بان مؤسسات ورموز السلطة لا تتفاعل مع الحركة الإسلامية في أي حوار وبأن المشهد انتهى حتى اللحظة بلقاء الملك عبد الله الثاني بكتلة الإصلاح التي تضم في طبيعة الحال تركيبة معنية بالإخوان المسلمين وهو لقاء جيد وإيجابي لكن على مستوى الاشتباك اليومي في القضايا الملحة وطنيا التحفظ الحكومي والرسمي واضح.

لا يريد الإسلاميون التوقف مطولا عند غياب واحتجاب دعوات الحوار مع السلطات التنفيذية والأمنية التي كانت تقليدا موسميا ودائما في الماضي بالرغم من إقرار كل أطراف القرار أن الإخوان المسلمين يشكلون القوة الأساسية مع حزبهم في الواقع الشعبي وله دور لا يسمح الشيخ العضايلة ورفاقه بالمزاودة عليه في دعم الاستقرار العام.

السؤال إذن ينطوي على مفارقة، حيث ان السلطة والحكومة في ظرف مغرق في الحساسية ومع انتشار الرذيلة والمخدرات والتطرف والتشدد والفساد والترهل، لن تجد شريكا مهنيا يخلو من الهوى والغرض ويستطيع المساعدة أكثر من التيار الإسلامي باعتباره حليفا طبيعيا وايديولوجيا وعقائديا كما يقول الشيخ زكي بني ارشيد للاعتدال والنزاهة والإصلاح وبالصيغة التي تحمي مصالح المجتمع والدولة.

يبحث بني ارشيد والعضايلة ورفاقهم عن مقاربة تسمح لهم بالتعبير عن حرصهم على الدولة ومؤسساتها وشغفهم بمصالح الدولة العليا وسط قناعة أكيدة بأنه لا مصلحة للأردنيين خارج ثوابت الدولة وهوية النظام السياسي اليوم وهو ما عبر عنه العضايلة وغيره بوضوح ومرات عدة على أمل ان يتلقى الطرف الآخر الرسالة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى