اراء و مقالات

انتخابات الأردن على حافة الإخوان والطوفان وقرب «فانتازيا» أحزاب الوسط

لعبة الاستعداد للانتخابات بدأت تحفها الحساسيات وأغلب التقدير أنها تجلس على الحافة الآن لأن الأسئلة تبدو عاصفة داخل الإسلاميين ودوائر القرار والأحزاب الوسطية المتكاثرة.

عمان ـ «القدس العربي»: لا شكوك سياسية أو إعلامية بأن الموقف المعلن للمعارض الأردني البارز الشيخ مراد العضايلة بعنوان «المعركة شأن داخلي ولها أولوية حتى عن الانتخابات» الأساس في رفع تصنيف العضايلة مع أنه من أبرز المعتدلين في الحركة الإسلامية إلى قائمة «أعداء الدولة وخصومها» ولو مرحليا.

لا شكوك بالمقابل بأن الاستمرار باعتقال نقابي من وزن ثقيل مثل ميسرة ملص بدون تهمة أو محاكمة أو محامي أو سبب معلن وواضح يضفي شرعية على السؤال الذي طرحه أمام «القدس العربي» رفيقه المهندس والنقابي بادي الرفايعة: إذا معتدل مثل ملص يتعرض لما يحصل فما هي الرسالة للمعتدلين في ملف الحريات؟
تلك معطيات بدأت تثير أسئلة حرجة مسبقا ليس من زاوية مصداقية وجدية الاستجابة البيروقراطية والحكومية لاحتياجات مسار تحديث المنظومة والعمل الحزبي التعددي فقط، ولكن أيضا من زاوية الانتخابات المقررة وشيكا قبل نهاية عام 2024 والمناخ الذي ستجري فيه. لعبة الاستعداد للانتخابات في الأردن بدأت تحفها الحساسيات وأغلب التقدير أنها تجلس على الحافة الآن لأن الأسئلة تبدو عاصفة داخل الإسلاميين من جهة وداخل الدولة ودوائر القرار ومعها الأحزاب الوسطية المتكاثرة من جهة أخرى.
مبكرا وبحضور «القدس العربي» أشار الثنائي ملص والرفايعة قبل اعتقال الأخير وبحضور نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ محمد عقل وفي منزل الأول إلى أن قواعد الحركة الإسلامية بوضوح وصراحة محبطة انتخابيا لا بل ليست متحمسة للمشاركة في الانتخابات ومثلها مثل غيرها من الأردنيين شغوفة بمعركة طوفان الأقصى وتفاصيلها.
ومبكرا جدا ألمح العضايلة نفسه على هامش نقاش مع «القدس العربي» إلى أن القواعد وبحكم الكثير من الانطباعات والممارسات السلطوية تميل إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات.
لذلك تأسست مفارقتان مؤخرا. الأولى أن تلميح العضايلة علنا لأن مؤسسات حزب جبهة العمل الإسلامي لم تتخذ بعد قرارها بالمشاركة بالانتخابات أو مقاطعتها دفعته فورا من قائمة شريك معتدل ومتوقع إلى قائمة خصم يخطط للي ذراع الحكومة.
وفي المفارقة الثانية تأكيد من غالبية قادة الحركة الإسلامية يصادق عليه في تعليق مباشر لـ«القدس العربي» الدكتور رامي العياصرة وفكرته أن المهمة الأصعب أمام قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي ليس المشاركة في الانتخابات ولا كيفيتها ولا الحصة المفترضة بعد المشاركة بل هي الطريقة التي يمكن إقناع قواعد الجماعة والحركة والحزب عبرها بان الانتخابات منتجة.
قد لا يشكل ذلك التحدي الرئيسي فقط لأن التحدي الأصعب في ظل مؤسسية اتخاذ القرارات عند الإسلاميين عبر مجالس الشورى والمكتب التنفيذي تكمن ليس في إلزام القواعد بالمشاركة.
ولكن في كيفية تحريك نحو 1000 مفتاح على الأقل من خبراء التحشيد الانتخابي في التيار الإسلامي بجرعة الحماس اللازمة عند المشاركة.
المفارقة الإقناعية هنا عند الإسلاميين يوازيها أخرى أقرب إلى فانتازيا سياسية عند قادة ورموز الأحزاب الوسطية والتي يطلق عليها اسم أحزاب المنظومة الآن لأنها نخبويا متحمسة جدا للانتخابات لكنها تواجه كمينا إجرائيا في منتهى التعقيد بالتوازي فكرته تختصرها صيغة السؤال التالي: كيف يمكن لمرشح حزب وسطي قوي إقناع ناخبيه في المنطقة والعشيرة والقبيلة بالتصويت للحزب وليس له فقط؟
يلمح عضو مجلس النواب الخبير يزن شديفات وهو يناقش بعض التفاصيل مع «القدس العربي» إلى إشكالات وتحديات من هذا الصنف من الصعب إنكاره.
سؤال الأطر الحزبية الوسطية مهم عندما يتعلق الأمر بأي سعي لهندسة الانتخابات ولسببين.
الأول أن حجم الأحزاب حتى التي تعلن عن نفسها بصفة الموالاة ضئيل ونادر ومحدود في الحواضن الاجتماعية الكلاسيكية.
والسبب الثاني أن الحزب السياسي يفترض أن يتقدم للانتخابات في إطار برنامج برؤية سياسية.
لكن الناخب في المناطق المحافظة والأطراف والمنحازة عشائريا ومناطقيا لا يهتم أصلا بالرؤية السياسية في الاقتراع بقدر اهتمامه بسؤال الخدمات والمعيشة ومسألة التوظيف والاقتصاد فيما ليست صدفة أن النسبة الأغلب في المشاركين في الانتخابات والأهم ليست في المدن الكبرى التي يمكن أن تبرز فيها قيمة الرؤية السياسية أصلا مع أن عدد الناخبين المؤثرين بالعدد الأكبر من المقاعد في الأطراف والمحافظات أقل منهم بكثير في 3 مدن كبرى مسيسة إلى حد ما هي عمان والزرقاء وإربد.
يبدو المشهد معقدا في حسابات الهندسة الداخلية عند الإسلاميين والوسطيين معا في المرحلة الحالية.
والناشطون في أحزاب الوسط في الواقع في الصف التقليدي في المجتمع موزعون على كل الأحزاب وعليه تبرز الإشكالية المتمثلة في أن العشيرة أو المنطقة قد تبايع مرشحا لكن ليس قائمته الحزبية بكاملها لأن أقربائه وأبناء عمومته وجيرانه ومواطنيه موزعون أصلا على بقية الأحزاب.
لذلك معضلة الهندسة الأبرز في التقييم الأولي تتمثل في أن المرشح السوبر لقوائم الأحزاب الوسطية في الدوائر الفرعية والوطنية يستطيع جلب بعض وليس كل ناخبيه الشخصيين لحزبه.
وهو وضع معاكس لما يحصل عند الإسلاميين فأصواتهم برمتها مسيسة وحزبية لكن بالتوازي ولأسباب سياسية ثمة معضلة عند قيادة التيار اسمها إقناع الأصوات المسيسة بجدوى المشاركة أصلا في الانتخابات.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى