اراء و مقالات

عرس المئوية الأردنية: الترميز و«هفوات التغطية الموحدة» … و«النكد السوداني» معلبا مع «بصل الخرطوم»

من هو العبقري الذي خطط ودبّر وفكّر في الاردن برمجة «التغطية الموحدة المباشرة لمناسبة في غاية الأهمية مثل عرس ولي العهد؟»
شخصيا لا أعرف من أين وكيف انبثقت تلك الفكرة.
أفهم ان التغطية المباشرة «الموحدة» مفيدة في حالات الحروب أو المخاطر التي يتعرض لها الوطن وقد تنفع في «خطبة الجمعة الموحدة» حيث يتحدث كل الخطباء بنفس الموضوع وأحيانا بنفس النصوص التي كتبها مغامر ما في وزارة الأوقاف.
عمليا حُرمت كمواطن ومشاهد بسبب عبقرية التغطية الموحدة من التمتع بوجبات تغطية خاصة بنكهة التلفزيون الحكومي ومن تلك الفقرات والإضاءات التي تحترف تسليط الضوء عليها كاميرا محطة «رؤيا».
حُرمت أيضا من قدرات شاشة المملكة الاستثنائية في متابعة اللوجستيات حيث نثر شبكة مراسلين تحت وأعلى الجسر وفي الشرفات والأزقة.
منهجية «التغطية الموحدة» باختصار حرمتني من «قيمة المنافسة» في التغطية لمناسبة في غاية الأهمية وتعني الكثير.

إستديو موحد… شو يعني؟

ما الذي يعنيه «إستديو موحد» يجمع في البث «الشامي المهني» مع المغربي؟
الهدف نبيل بكل الأحوال وهو تكثيف الرسالة التي تتضمنها احتفالات زفاف ولي العهد لجميع المواطنين وتوفير بعض النفقات.
لكن ذلك تم على حساب القيمة المهنية خلافا لأن العثرات والأخطاء التي حصلت تحصل حتى في محطة سي إن إن.
شخصيا أفضل مشاهدة زميلنا المبدع محمد الخالدي على كاميرته التي يعرفها وتعرفه في محطة رؤيا محللا مع آخرين «الرسائل السياسية القوية» في تفاصيل العرس لكن صاحبنا حشر في استديو موحد يتلاقف فيه مع زملاء آخرين المايكروفون بغياب واضح لـ»الكيمياء» حتى إنه تدخل مرة لإنقاذ زميل بعد هفوة على الهواء.
حسنا كانت تجربة نتأمل ان لا نعيدها على الأقل في مناسبات مماثلة وإن كانت شاشة المملكة هي المستفيد الأكبر بحكم اعتبارات يعرفها المختصون.
تلك تجربة هدفها نبيل بالتأكيد لكن اعتقد شخصيا أنها أخفقت وكان الأفضل أن يتنافس المتنافسون في تقديم أبهى وأجمل صورة وأكثر التعبيرات مهنية… هنا فائدة للوطن والمواطن.
وأزعم أن طاقم البث والإخراج التالي أخفق ايضا عدة مرات في تحريك الكاميرات بصورة احترافية تليق بالمناسبة.
دون ذلك أزعم بالمقابل أن «هبة الشعب» الأردني للتعبير عن تفاعله تحمل دلالات ومعاني من الطراز الذي ينبغي بعد الآن ان تستدركه تلك النخبة الوسيطة التي يتركز احترافها فقط في منطقة « تحريض القيادة على الناس» والناس على الدولة.
الشطار إياهم عليهم الانتباه بعد الآن.

الجزيرة والبصل السوداني

انطوت احتفالات الزفاف على جملة دسمة جدا من الدلالات الرمزية السياسية أتأمل ان يدركها علية القوم وأن تدخل في سياق الطبخ والطهي بعد الآن في مطابخ القرار.
بالمناسبة ثمة «أكوام» من الأغاني التي أعدت على عجل للعريسين وبثتها «إذاعات رسمية» ينطبق عليها وصف «الحمولة الزائدة» وكان طبعا يمكن الاستغناء عنها بسبب تسرع اللحن وهبوط المستوى الفني والكلمات غير المدروسة بحيث تذكرنا بمقولة الكاتب الساخر الراحل الكبير محمد طملية وهو يقول «كل عرس فيه أخطاء».
قناة الجزيرة بدورها فردت مساحة مشكورة لتغطية الحدث لكن في الأثناء نكدت علينا بين الحين والآخر إما بتغطية تطورات حرب المسيرات بين موسكو وكييف أو بتطورات الألم والوجع القومي والإنساني في السودان الشقيق.
على نحو مفاجئ وليلة العرس الرسمي باغتنا الشريط الإخباري في قناة الجزيرة بالنبأ السيء حيث قرر الأمريكيون والسعوديون بعد الاختراق المتتابع لهدنة وقف إطلاق النار بين المتخاصمين السودانيين تعليق مشاورات جدة.
وسرعان ما عدنا لنفس المشاهد وفي المدينة المكلومة نفسها وهي الخرطوم ومعها مدينة الجنينية التي تسيطر الميليشيات على مصادر المياه فيها ودخلت في سياق كارثة الصراع القبلي.
عرضت قناة العربية بدون قصد مسبق سلسلة لقطات مثيرة: هنا امرأة تجلس القرفصاء حول كمية بصل تعرضها للبيع ورجل يقف عند كيسين من الأرز والمعكرونة باعتباره صاحب دكان فيما الدخان بعد قصف مدفعي يغادر أجواء بناية مجاورة.
الحقيقة أن رمزية البصل في شوارع الخرطوم لم أفهمها بعد، حيث يبدو أن لدى البصل خلافا لبقية الخضار قدرة استثنائية على الصمود في السوق المحروق.
كلب حائر يبحث بالقمامة وفي الأثناء جنرال سوداني يخلع قبعته ويشبر بيديه ويخطب في الجنود الذين يتسارعون وهم يصيحون «الله اكبر».
شخصيا لم أعرف «التكبير» ضد من بصورة محددة، فالسوداني مجددا يقاتل السوداني. والصراع العسكري في السودان لا طائل منه ولم يصل إلى نتيجة محددة ولا يبدو انه سيتوقف قريبا.
ومقابل الجنرال صيحات وتمتمات غير مفهومة تصدر عن قوات عسكرية ملثمة قليلا وهي تحرق أحد المخازن ونفهم من سياق المشهد كمتلقين محرومين من لذة الخبر السعيد بان تلك القوات تنتمي إلى الدعم السريع وتبتهج بصيحات ميليشاتية بنصرها الساحق ضد «بناية» وبإحراق سوق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading