اراء و مقالات

علاقة الأردن بإسرائيل إلى مزيد من التعقيد والتوتر

عمان- «القدس العربي»: الموقف بين الأردن وإسرائيل “معقد أصلاً” ومتشابك ويحتاج إلى جهود مضنية خلف الستارة لترتيب أوراقه. لكن منسوب التعقيد تضاعف مرات عدة في غضون يومين فقط خلال عطلة عيد الفطر.
فقد فصلت ساعات فقط بين إعلان إسرائيلي رسمي يزعم بمحاولة “تهريب كبيرة” عبر سيارة تعود لأحد أعضاء البرلمان وبين “إجراءات إسرائيلية” على الأرض تنتهك مجدداً “الوصاية” الأردنية في القدس عبر التحرش بمصلى باب الرحمة، أحد أهم مصليات المسجد الأقصى.
في الانتهاك الجديد للوصاية، منعت سلطات الاحتلال المياه والكهرباء واتخذت إجراء يفهم منه عملياً ودون أسباب واضحة إخراج بروتوكولات طاقم الأوقاف الأردني من المصلى الأساسي في محيط باب الرحمة.
كالعادة، صدر بيان اعتراضي من الناطق باسم الخارجية الأردنية، وما بدا عليه الأمر ببساطة أن الجناح اليميني لحكومة تل أبيب حاول تنشيط ذاكرة الجميع بأن ملف المسجد الأقصى لم يحسم بعد، وبأن القرار لا يزال هو نفسه بتوقيع إيتمار بن غفير، وهو “مناكفة” الأوقاف الأردنية في كل مصليات المسجد الأقصى، الأمر الذي يعني ضمنياً بأن الجانب الإسرائيلي يقرر إعادة “جدل الوصاية” إلى المربع الأول، إضافة إلى تذكير الأردنيين بأن مظاهر التسهيل على المعتكفين في العشر الأواخر من شهر رمضان قبل العيد لم تكن هي الأساس الذي توافق عليه إسرائيل في ملف الترتيبات الدولية مع الأردن.

«100 كلغ ذهب»

بمعنى آخر، “المعركة مستمرة”، والدبلوماسية الأردنية “لم تحسم مكاسبها بعد” رغم الجهود المناكفة التي بذلها ويبذلها وزير خارجية دولة الوصاية أيمن الصفدي في وضعية “سياسية وأمنية” توحي بأن مواجهة ما يسمى بـ”التهدئة” لم تحسم بعد.
على جبهة موازية، قرر الإسرائيليون “مضايقة الفكرة الأردنية” مع المجتمع الدولي بتسليط أضواء إعلامية ضخمة على حادثة التهريب الجديدة. وبطلها، وفق “الرواية الإسرائيلية” هنا، هو عضو في مجلس النواب عبرت سيارته حواجز جسر اللنبي، وضبط الإسرائيليون -وفق مزاعمهم- في سيارته نحو 200 قطعة سلاح منوعة إضافة إلى كمية ذهب تصل إلى نحو 100 كيلوغرام.
تلك المزاعم ستكون لها تداعيات بالتأكيد خلال الساعات المقبلة وبصيغة تثبت بأن “العلاقات المتوترة والمتأزمة” مع إسرائيل أردنياً دخل سجلاتها اليوم حادث جديد أكثر تعقيداً بعنوان “أمن الجسور والحدود” بين الأردن والكيان. تفتيش ثم اعتقال عضو في برلمان الأردن ليس حدثاً صغيراً في رأي جميع المراقبين، و”التهمة كبيرة”، والرواية الإسرائيلية لا تبدو من الصنف الذي يمكن التسليم به، مع أن سلطات الجمارك الإسرائيلية بدت “مستعدة مسبقاً” لعرض سرديتها بكاميرات تصور مضبوطات الأسلحة والذهب الذي يزعم الإسرائيليون أن البرلماني الأردني حاول تهريبها.
رسمياً، لم يذكر الإسرائيليون ولا الجهات الأردنية اسم النائب المعني. لكن منصات الأردنيين عادت للحديث عن ضبط واحتجاز سيارة النائب الشاب “عماد العدوان”، الأمر الذي يعني أن حديث الإسرائيليين هنا عن سيارة ممثل برلماني لواحدة من أعرق وأهم “القبائل الأردنية”.
وليس صدفة أن العدوان هي قبيلة أراضيها في الأغوار وبجوار “فلسطين المحتلة”، الأمر الذي يعني تعقيدات مكثفة من كل صنف إذا ما قرر الإسرائيلي إكمال مسلسل مزاعمه والاحتفاظ بقدرته على سجن أو حتى محاكمة أحد شباب تلك القبيلة البارزين، علماً بأن السلطات الأردنية وحتى مساء الأحد لم تكن متوثقة من السردية الإسرائيلية وحتى من تفاصيلها.
في كل حال، صعب جداً لا بل معقد أمنياً وعشائرياً وسياسياً بالنسبة للإسرائيليين والأردنيين أن تعتقل قوات الاحتلال -بصرف النظر عن السبب- نائباً يمثل المنطقة التي توجد فيها أصلا كل الجسور مع فلسطين عشائرياً واجتماعياً دون “التسليم” أصلاً بالرواية الإسرائيلية المريبة من حيث توقيتها وشكل إعلانها.
لذلك، سارع عضو البرلمان خليل عطية لتذكير حكومة بلاده بأن عليها ألا تسمح لحكومة الاحتلال المجرم بالإساءة إلى كرامة الشعب الأردني والقدرة على اعتقال ثم سجن أو حتى محاكمة عضو برلماني أردني لديه حصانة.
أمام “القدس العربي”، قال عطية أن واجب الدولة والحكومة حماية حقوق أي مواطن أردني وفي كل الحالات وبصرف النظر عن خلفيات ما أعلنه المحتل. وعليه، اقترح عطية مستذكراً تسليم بلاده للدبلوماسي الإسرائيلي القاتل في حادثة السفارة الشهيرة في عمان، التحرك وفوراً ودون تردد لتأمين عودة زميله النائب إلى بلاده ثم التدقيق برواية الاحتلال على أن يواجه الزميل عبر المؤسسات الدستورية الأردنية أي تحقيق بأي مخالفة قانونية؛ بمعنى “أردنة ملف التهريب” إن حصل، وبسرعة.

تداعيات معقدة

التداعيات ليست سهلة وستبقى معقدة حول مزاعم الاحتلال بخصوص سيارة النائب العدوان بصورة مرجحة، خصوصاً أن حلقات في الرواية الإسرائيلية لا تزال غامضة خلافاً، لأن أي عملية تهريب للأسلحة في وجدان الجمهور الأردني في اتجاه غرب نهر الأردن وبصرف النظر عن خلفيتها تبقى “شرعية وأخلاقية”، لا بل وطنية، ومن يقوم بها ينظر له ببطولة واحترام شديد.
المعنى أن الحكومة الأردنية لا تستطيع ولأي سبب الصمت في مواجهة اعتقال عضو برلمان من جانب الاحتلال و129 عضواً في مجلس النواب لا يستطيعون أيضاً ترك زميلهم بأي حال، وهو موقف مماثل لأغلبية ساحقة في الشعب الأردني خلافاً للبعد العشائري والأمني والجغرافي في المسألة التي ستتدحرج أكثر بالتأكيد خلال الساعات القليلة المقبلة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى