اراء و مقالات

الأردن: هندسة الملف الفلسطيني… تقارب مع قطر وتنسيق مع مصر

نقاش حول موقع منظمة التحرير ودور المقاومة في المرحلة اللاحقة في دعم خطة إسناد السلطة

عمان ـ «القدس العربي»: مهم جداً الانتباه لما يقوله بعض الساسة هذه الأيام بخصوص التحولات الحادة والتحديات التي فرضها إيقاع العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني ليس في قطاع غزة فقط كما يؤكد في نقاش مع «القدس العربي» رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، ولكن في «الضفة الغربية» أيضاً.
مؤخراً فقط ترتبت أوراق العلاقات الأردنية ـ القطرية بصيغة لافتة، كـ «فرصة إضافية» في العمل المشترك والعميق تحت يافطة «الملف الفلسطيني» بصورة أساسية، وهو الملف الذي يشكل الآن وفقاً لتصريح علني لوزير الخارجية أيمن الصفدي بعد عودته من الدوحة وإجراء «مباحثات عميقة» فيها ومعها «الأولوية المطلقة للسياسة الخارجية لبلاده».
قال الصفدي ذلك بوضوح لأعضاء البرلمان، وأفاد مساعدوه بأن الوزير الصفدي قد يكون في طريقه لـ«مشوار إضافي» قريباً بمعية نظيره المصري سامح شكري، تتطلبه المقتضيات خلافاً لأن طاقماً قانونياً في السلك الدبلوماسي الأردني يجمع تقارير ووثائق ارتكاب «جرائم إبادة».
زار عمان ـ بناء على رغبة أردنية على الأرجح ـ كل من مدير مخابرات فلسطين ماجد فرج، وأمين سر تنفيذية المنظمة حسين الشيخ، وبقي البحث معزولاً عبر «قناة أمنية» وعنوانه «كيف نعمل معاً على إنقاذ هيبة المنظومة الأمنية الفلسطينية؟
طرح الأردنيون على الثنائي، فرج والشيخ، «استفسارات محددة» وقد يكون بين أهمها التصورات لمسألة «دور المقاومة في المرحلة اللاحقة في دعم خطة محددة لدعم وإسناد السلطة» ولاحقاً طرح سؤال «ماذا عن منظمة التحرير.. ما هو موقعها من الإعراب الآن؟

نقاش حول موقع منظمة التحرير ودور المقاومة في المرحلة اللاحقة في دعم خطة إسناد السلطة

عمان لا تعرف الكثير عن «المنظمة» لكن مستشارين من فلسطين والأردن، من بينهم عباس زكي وطاهر المصري وغيرهما، نصحوا مراكز القرار المرجعي مؤخراً بأن تتوقف المملكة عن «تجاهل» دور منظمة التحرير لأنها قد تكون «المدخل الأنسب» للتشبيك الفصائلي الداخلي قبل تدشين مرحلة «إحياء المرجعية الفلسطينية».
تلك النصيحة وردت بالنص في وثيقة «أول مبادرة» شاملة وعميقة انطلقت من «الساحة النخبوية الأردنية» قبل أسبوعين وحملت اسم «النداء الفلسطيني».

إحياء مرجعية المنظمة

تلك وثيقة نصت مباشرة على إحياء مرجعية المنظمة، واللافت جداً كان سباق أكثر من 500 شخصية أردنية بارزة ونشطة للتوقيع عليها، وبين هؤلاء خمسة رؤساء وزارات سابقين، الأمر الذي أدخل ملف «المنظمة» لكن بخجل على مستوى الاستفسارات من الشيخ وفرج وآخرين.
اللافت أيضاً في «حوارات عمان» أن الغرق في «ترتيبات عميقة» مع بعض الدول العربية لها علاقة بالملف الفلسطيني، لم يقف عند حدود الالتفات لعنصري «المقاومة والمنظمة» فقط، بل تنبه صانع القرار الأردني لضرورة وأهمية الحرص على عدم حصول «اختراقات إسرائيلية أو تسللات للجدار المصري» خصوصاً في مسألتي محور فيلادلفيا و«تحريك السكان»؛ أي التهجير.
شخصية سيادية بارزة في عمان أبلغت عدة سياسيين مؤخراً: نبذل جهداً معقداً لإبقاء مصر في ملف قطاع غزة بعيدة أكثر عن سيناريو التهجير. ذلك يعني أن استراتيجية عمان لا تزال «البقاء قرب اللاعب المصري» تجنباً لأي مفاجآت أو مطبات، وبنفس الوقت التنسيق مع مصر وقطر والسلطة الوطنية، هدفه الإيحاء بأن الأردن في «الهندسة الفلسطينية» ليس معنياً – خلافاً لما يشاع أحياناً- بالإيقاع أو التصور الإماراتي.
هل يعني ذلك شيئاً محدداً؟ يطرح كثيرون في عمان هذا السؤال، لكن الإجابة اليتيمة المتاحة هي «قد يعني شيئاً، قريباً». رئيس وزراء الأردن الأسبق وصاحب الخبرة الطويلة علي أبو الراغب، لاحظ عندما زارته «القدس العربي» قبل عدة أيام، أن على العالم أن «يتذكر» بأن الفوضى والتأزيم يتزايدان في كل مرة يتم فيها تجاهل «الخبرة الأردنية».

«حرب إبادة»

بوضوح يشير أبو الراغب إلى أن الملك عبد الله الثاني أول زعيم يصف ما يجري لغزة اليوم بـ «حرب إبادة» في وقت مبكر من القصف الهمجي والسعي لتهجير الناس وإرهابهم، الأمر الذي يستدعي حراكاً عربياً وأردنياً على هذا المستوى من التوصيف لماكينة القتل الإسرائيلية، التي يقدر أبو الراغب بأنها تقتل بعدما سمح الأمريكيون بانفلاتها ومعها كل «ميكانيزمات» العدالة والقانون الدوليين.
مؤخراً، يمكن ضم ملاحظة إضافية؛ فمقرر سياسات الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أحد أشد مؤيدي حرب الإبادة، «استعار» بتصريحه الأخير بعد واقعة وجريمة اغتيال قائد حماس صالح العاروري «توصيفاً أردنياً» يتضمن التوثق في وقت متأخر بأن «أيديولوجيا حماس يصعب هزيمتها بعمل عسكري». قال كيربي إن حماس لا تزال قوية في غزة، وإن على الجميع التعايش مع فكرة أن «بعضها سيبقى».
كانت أصلاً فكرة كيربي مستعارة من الوزير الصفدي، الذي أعلن قبل أكثر من شهرين أن «حماس فكرة لا تموت بالعمل العسكري». لم يصدر عن كيربي ما يمكن وصفه بإقرار انتحال الفكرة الأردنية بعد شهرين إضافيين من القصف وعشرات الآلاف من الضحايا، لكن أحد المسؤولين الأردنيين صرخ في اجتماع قائلاً «أخيراً.. صدّقَنا كيربي».
بالخلاصة، كل هذه الترتيبات والمشاورات توحي بأن «الخبرة الأردنية» ينبغي أن تتحرك؛ فقد تصبح مطلوبة جداً وبإلحاح قريباً، وما يلفت نشطاء بارزين النظر إليه هو أن تلك الخبرة حتى تتحرك بصورة منتجة، عليها أن تتجاوز «كلاسيكيات» التصور الأمريكي ومعه الإسرائيلي في عدة محطات.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى