اراء و مقالات

«غبار المعركة»: الأذن مع غزة و«العين» في الضفة… أين يقف الأردن؟

عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد إطلاقاً وسط النخبة السياسية الأردنية سواء كانت المعارضة أو تلك المحسوبة على القرار الرسمي، يمكنه أن يتوقع شكل الحالة الأردنية أو المشهد الوطني الأردني ضمن سياقات ما بعد انتهاء مراسم وفعاليات الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
لكن جميع من لا يستطيعون وسط النخبة والصالونات إظهار أدلة أو قرائن على شكل النمط الجديد في المسألة الأردنية من حيث الانحيازات والاتجاهات والتحالفات والتموقع الإقليمي، يقرون في الوقت نفسه بأن الكثير من الأمور استجدت بعد معركة طوفان الأقصى، بحيث برزت الحاجة فوراً لصيغة تتأمل هوية «الأردن الجديد» بعد المعركة الحالية.
ما قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بالنسبة للقياسات الأردنية والوطنية والمحلية، كما يرى القطب البرلماني خليل عطية، ليس بالضرورة أن يشبه ما هو بعد ذلك التاريخ؛ لأن السابع من أكتوبر أنتج سلسلة لا نهائية من التحولات والمستجدات مهما كانت نتيجة الصراع العسكري الحالي.
هذه التحولات تقول ضمناً إن المطلوب من الأردن إعادة القراءة والمراجعة والبحث عن موقعه وسط التداعيات والتناقضات التي أسس لها العدوان العسكري الإسرائيلي.
بالنسبة للمصادر والمراجع الرسمية الأردنية بصرف النظر عن نتيجة الصراع العسكري الآن والقصف الهمجي، فقد باتت عمان في سياق التحول، وهذا ما سمعته «القدس العربي» من مصدر وزاري رفيع المستوى يؤكد بأن الحالة الأردنية الجديدة في المستقبل القريب ستضطر للتعامل مع استحقاقات مهمة ومثيرة ولا يستهان بها مهما كانت نتيجة الصراع العسكري، وعلى أساس القناعة بأن الضفة الغربية على الأقل، وهي المساحة الأكثر إشغالاً للذهن الأردني وانشغالاً بها، لن تبقى على حالها القديم بعدما تضع الحرب الحالية أوزارها بأي صيغة، وبصرف النظر عن جهة الحسم.
قناعة الأردنيين راسخة بأن الضفة الغربية في طريقها لتغيير استثنائي وكبير على المستويين الاجتماعي والأمني، الأمر الذي يبرر إبقاء العيون على الضفة، فيما تسترسل أذن المجسات الأردنية لمراقبة كل ما يحصل في القطاع.
وسواء كان التحول في الضفة الغربية تأثراً بحرب إسرائيل على قطاع غزة ونتيجة لها في اتجاه ما يحذر منه الأردن تحت عنوان الفوضى وانهيار القانون، أو تجاه توحيد حالة وطنية جديدة مقاومة ودخول حركة حماس وفصائل المقاومة على خط المستقبل الاجتماعي والسياسي، فإن الأردن يحتاج لإعادة تأمل مصالحه وتموقع في سياق علاقة يبدو أنها ستعاني من بعض الاضطراب قبل أن تستقر بشكل نهائي.
يطرح الأردنيون بكثافة أسئلة عن مستقبل الصراع في الضفة الغربية، وعن نتائج وتداعيات الهجمة الأمنية والاستيطانية على أهالي ومدن الضفة الغربية.
كما يطرحون تساؤلات عن شكل وهوية الواقع الاجتماعي والسياسي وحتى السلطوي، وبالتأكيد الفصائلي في الضفة الغربية بعدما ينتهي الصراع في قطاع غزة، بصرف النظر طبعاً عن نتيجة هذا الصراع.
وهنا يبدو أن «طوفان الأقصى» أصبح حتى بلغة الأردنيين لاعباً أساسياً في المواجهة والمستقبل لا يمكن إغفاله من السياق أو حتى من التحليل.
وإذا كان الحسم العسكري لصالح اليمين الإسرائيلي، فإن عمان في طريقها -برأي سياسيين كثر- للسهر طويلاً وانتظار معركة لا يستهان بها بكل المعاني والدلالات مع تداعيات أي حسم مستقبلاً في غزة لصالح اليمين الإسرائيلي.
وإذا حصل ما يتمناه الشارع الأردني بطبيعة الحال بنسبة هي الغالبية الساحقة من حسم الأمور لصالح صمود المقاومة ودخولها كلاعب سياسي في سياق الملف الفلسطيني برمته، فإن الأردن في حاجة أيضاً هنا لإعادة ضبط إعداداته ولإظهار حالة انفتاح مع حالة فلسطينية جديدة تتحكم بها مفاصل المقاومة وحركة حماس.
لذلك، يعتقد هنا أن عمان في مواجهة أسئلة أساسية حرجة عنوانها شكل وهوية الأردن الجديد، في اللحظة التي ينتهي بها ـ إذا انتهى ـ إطار طوفان الأقصى بكل نتائجه.
إذا تمكنت إسرائيل في قطاع غزة من تحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة، فسيدخل الأردن بالتأكيد في نطاق الأطماع اليمينية الإسرائيلية، ومن ثم قد يضطر إلى قواعد اشتباك جديدة.
وإذا ما حسمت الأمور لصالح صمود المقاومة، فالمعادلة أيضاً تتغير، وواجبات دفاع الأردن عن مصالحه تتطلب الابتعاد أكثر عن المحور الإسرائيلي والمشاركة التي لا تحبها عمان بالعادة في عمق تفصيلات بناء مؤسسة سياسية جديدة تمثل أهل الضفة الغربية أو الشعب الفلسطيني في سياق ترتيب دولي أكثر عمقاً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى