اراء و مقالات

الدبلوماسية الأردنية: «صمت مقصود» في الملف الإسرائيلي و«اهتمام غير مسبوق» بـ «وحدة حركة فتح»… وانتظار لـ «نبأ سار»

عمان – «القدس العربي»: لا يمكن توقع الخطوة التالية في البانوراما التي تحكم الدبلوماسية الأردنية وهي تترقب نتائج حوارات أمريكية إسرائيلية معمقة تجري حالياً خلف الستائر والكواليس. وهي حوارات من زاوية أردنية، تتابع الاهتمام لأنها تجيب عن بعض التساؤلات العالقة. وأهمها مستوى الانخراط الأمريكي الحقيقي في تفاصيل المشهدين الإسرائيلي والفلسطيني مرحلياً.
ونتائج مثل هذا الانخراط والتطرق إلى التفاصيل في ظل ما يراه الأردن بصورة علنية أزمة حقيقية ستعصف بالاستقرار العام في المنطقة، وستؤدي إلى خلخلة كثير من الاعتبارات وقد تخدم الجمهورية الإيرانية والمحور الذي يسمي نفسه بالمقاومة إذا ما استمرت إجراءات التصعيد التي تمارسها يومياً حكومة اليمين الائتلافي الإسرائيلية.
وتترقب عمان دبلوماسياً بعين حريصة نتائج الاتصالات التي تتم الآن في واشنطن. وهي اتصالات لا تزال السلطات الأردنية والمؤسسات والنخب الأردنية تعتقد أنها يفترض أن تجيب عن سؤال غياب استراتيجية أمريكية فعالة من الصنف الذي يعيد إنتاج المشهد ويضبط إيقاع اليمين الإسرائيلي المتشدد، والأهم أن تكون من الصنف الذي يقدم المساعدة للسلطة الفلسطينية وهياكلها ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية بدلاً من دفعها بأن تكون فرق حساب بين قوى الشارع الفلسطيني التي تبحث عن حلول وتلجأ أحياناً إلى أحضان المقاومة، وبين العصا الغليظة أو عمليات القتل التي تميل إليها حكومة اليمين الإسرائيلي المأزومة.
وعلى هامش هذه الحوارات، تنتظر عمان أخباراً إلى حد ما يمكن أن تكون سعيدة أو تدفع الأمل نحو استئناف الاتصالات الأمريكية مع مساعدة الأردن ومصر تحت عنوان استعادة التهدئة وتمكين الأذرع الأمنية الفلسطينية، والإجابة عن السؤال الذي بدأت تطرحه عواصم القرار الغربي حالياً بعنوان خلافة الرئيس محمود عباس.
تلك حوارات تتابعها عمان على نحو أو آخر، لكن الأهم في تراتبية المرحلة الأردنية هو الحفاظ على وحدة أقطاب حركة فتح، ولا يزال هذا الهدف الأساسي هو محور استراتيجية الاشتباك خلف الستائر والكواليس كما تراه المؤسسات الأردنية أمنياً وسياسياً ودبلوماسياً. والأردن على قناعة تامة بأن الحفاظ على وحدة حركة فتح الداخلية وتوحيد صفوفها هو الخيار الوحيد الكفيل بعدم حدوث مستجدات قد تعقبها فوضى إلى جانب انفلات أمني في الضفة الغربية المحتلة يلوح بما يسميه الأردن علناً انهيار الوضع القانوني.
ويبدو الأردن مهتماً بحركة فتح تحديداً باعتبارها كبرى الفصائل، وبصفتها المغذي الرئيسي لبنية الأجهزة الأمنية وأجهزة ومؤسسات السلطة الفلسطينية.
لكن لا إجابة واضحة على سؤال الخلافة في فلسطين، ويتحسس الأردن في العادة من طرح تساؤلات حول مستقبل السلطة الفلسطينية مع الرئيس محمود عباس ومستشاريه وأعوانه.
هذه المسألة مطروحة وبقوة في ظل الضربات التي توجهها حكومة اليمين الإسرائيلي مالياً وأمنياً وسياسياً على الأرض للسلطة الفلسطينية، والتي يخشى الأردن أن تتراجع حتى تصل إلى حافة الانهيار، الأمر الذي يورط جميع الأطراف بأسئلة أكثر إحراجاً من طراز تلك التي تسألها بالجملة حالياً بيانات وتصريحات لنخب أردنية.
وتساؤلات تعقب اجتماعات أحياناً عشائرية الطابع وأحياناً لها علاقة بالبنية الاجتماعية الأردنية، حيث تطرق المخاوف أبواب الشارع الأردني بوضوح، وحيث تغيب الرواية الرسمية الأردنية بشكل أكثر وضوحاً، ولا يتم الرد على أي تصريحات أو بيانات من أي صنف، بما في ذلك غموض في أسباب اختفاء الرواية الرسمية المرتبطة بثوابت القضية الفلسطينية. وهو وضع يربطه خبراء ومراقبون عملياً بصمت دبلوماسي أردني مقصود ومبرمج في انتظار نهاية حوارات معمقة، كما توحي بعض التسريبات بين الإسرائيليين والأمريكيين التي تجري حالياً.
وهي حوارات تدعمها السلطات الأردنية والمؤسسات في عمان عن بعد، وهدفها الأبعد الحفاظ على وحدة فتح وتوفير الاحتياجات اللازمة لمنع حالة فوضى وانهيار الوضع القانوني في الأراضي المحتلة. وهو سيناريو يرى الأردن أنه الوحيد الكفيل بالحد من جموح اليمين الإسرائيلي، والكفيل بمنع حالة فراغ السلطة في الأراضي المحتلة يمكن أن تخدم فصائل المقاومة التي تدعمها بعض الدول الإقليمية المهمة.
وهي مساحة مشتركة الآن في الاهتمام أردنياً، مع كل من مصر والقصر الجمهوري في تركيا أيضاً، الذي دخل على الخط في محاولة للتبرع بلملمه بعض الأوراق المنفلتة في المشهد الفلسطيني. ولم يعرف بعد ما إذا كانت ترتيبات الأمريكيين طرفاً مباشراً فيها ويمكن أن تقود إلى تغيير في الوقائع.
لكن الأصوات النخبوية الأردنية بدأت ترتفع وتتصاعد في تحذيراتها؛ فبعدما حذر رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري من إنكار المخاطر وتحدث عن عملية تصفية تجري على الأرض بشكل يضر بمصالح الأردن الأساسية في الأراضي المحتلة، دخل على الخط نظيره رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب بتصريحات لفتت الأنظار حذر فيها من عواقب الاستمرار بالدبلوماسية، مطالباً بطرح أوراق القوة الأردنية كما أبلغ “القدس العربي”، وبالعودة لخيار الدبلوماسية الخشنة التي تحرق أوراق ومبررات ومسوغات اليمين الإسرائيلي أو الثالوث الشيطان الحاكم في إسرائيل لدي بنية المجتمع الدولي.
الأصوات والبيانات والاعتراضات تتكثف في بؤرة محددة في ضمير المجتمع الأردني، وحتى الاعتراضات والاحتجاجات على القانون المعدل للجرائم الإلكترونية تطرقت في كثير من التفاصيل إلى وجود أسباب غامضة وراء تكميم الأفواه أو نوايا الحكومة بتكميم الأفواه، مردها القضية الفلسطينية.
وهو ما صرح به علناً الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة، ثلاث مرات وبصيغة مكثفة وخلال أربعة أيام بالتتابع خلال الأسبوع الأخير.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى