اراء و مقالات

هراوة اسبانية لأطفال المغرب: بعد ضربهم «صلوا في بيوتكم»… وفي المشرق «أصلحوا المزاريب»

أفردت قناة «بي بي سي» عربي برنامجها التواصلي الأسبوعي لقضية «ضرب الشرطة الإسبانية لأطفال مغاربة» عبر فيديو مؤلم جدا، خصوصا وأن إسبانيا، التي تضرب بخشونة وتعتقل وتحتجز المهاجرين، بطريقة غير أخلاقية لا تفعل شيئا منتجا لمنع هجرة البسطاء إليها.
لا نعرف سببا من أي نوع يدفع مراهقا مغاربيا لمغادرة سواحله، حتى يهان ويضرب في معتقل في إحدى جزر الكناري ويدفع ثمن قصة «الأندلس» برمتها، لكن الله أعلم في الظروف، فلو اصطاد الفقير سمكة لتمكن من الخبز. هذا ما كان يقوله الصديق محمد داوودية، وهو سفير في الرباط.
ما أثار إنتباهنا هو أن الخارجية المغربية استدعت «السفير الإسباني» للاستفسار منه .
واقتراحي كمشاهد عربي لشاشة «بي بي سي» أن تستدعي الخارجية المغربية أيضا سفيرها شخصيا وكبار المسؤولين في الحكومة المغربية نفسها لاستجوابهم بشأن الأسباب، التي تدفع أصلا، ومن حيث المبدأ طفلا أو مراهقا للتفكير في مغامرة بحرية يهرب فيها من وطنه الجميل المليء بالخيرات الى عالم المجهول.

نحب المغرب والمغاربة

نلوم بشاعة تصرف الشرطة الإسبانية، لكن الأساس هو حول سؤال «الهجرة والمغادرة» وتفاقمهما مؤخرا، وإلى أن نجيب عليه، ما دمنا قد دخلنا في مسلسل «الإبراهيميات» أطمئن الجميع، فقد زف لي صديقي خبير «تجارة الأدوية» النبأ المؤسف: بعد كورونا وشقيقاتها لا مكان أفضل من آخر في أي بقعة في هذا الكون، وقصة الهجرة ستتلاشى في خمس سنوات.
لذلك «صلوا في بيوتكم» وفي الأثناء «أصلحوا المزاريب» في «بلاد العرب أوطاني».
هذا النشيد، و«المزراب» لمن لا يعرفه من الأخوة في المغرب العربي، هو الأسطوانة المعدنية، على شكل القناة، التي تتولى تصريف المياه الجارية من أسطح المنازل كي لا تتسرب الى داخل البيوت وتدمر الأثاث وتبلل السكان.

مزاريب الشرق

لكن جزر الكناري تستطيع بدورها، وبعد ضياع «الأندلس» التحدث لأطفال المشرق عن «المزاريب» خصوصا أولئك الذين تظهرهم محطة «تي أر تي» التركية من الشمال السوري برفقة «الصقيع» المميت.
وحتى هؤلاء القابعين في محيط دمشق في حماية «القدم الهدارة» التي باتت اليوم مجرد أهزوجة على الفضائية السورية.
في أحياء دمشق الفقيرة اليوم كلام بالأطنان عن اللوعة والحرمان، والمازوت يباع بزجاجة «الكولا» وإن كان في بعض أحياء عمان، والحق يقال، يباع أحيانا بعبوة «بيبسي أو سفن آب» لأن الكوكاكولا متهمة بالتطبيع .
ما زال الصوت خافتا عبر «الجزيرة» باسم أطفال غزة وبتوقيع أحمد الشيخ «لو كانت شواطئنا حرة لسهر العرب عندنا».
لكن حتى «مزاريبنا» اليوم صدئة ومتعفنة والتهمها الصقيع ويكفيها طربا وفخرا أن علم إسرائيل يرفرف «كل ما طب الكوز بالجرة» على فضائية البحرين وشواطىء المنامة، حيث وزيرا داخلية «إبراهيميان» سعيدان بـ«التنسيق» ويتطلعان، كما قالت لنا نشرة «الجزيرة» لـ«تعاون أوثق».
هل تسمحون لي بالاقتراح؟ مثلا «دورة أمنية» خاصة تعقد في الحارة الفلبينية في المنامة لإقامة «جدار عازل» أو باسم «حرس المستوطنات».
نعود لمزاريب الشرق وأسافينه، فعلى شاشة «المملكة» نفهم ومن الدكتور خالد كلالدة أن «الخبرة الأردنية» مطلوبة جدا في إدارة الانتخابات لبعض الدول.
لدي حدس وأعتقد أن المنظومة الوحيدة التي يمكنها طلب خبراتنا في السياق هي «دول الخليج» ليس لأننا «ديمقراطيون جدا» أو لأن دول الخليج بصدد التحول لـ«الديمقراطية».
لكن لأن التجربة المطلوبة لها علاقة بالسؤال التالي: كيف تجري انتخابات «فرعية وشرعية» بدون ناخبين، لا بل أحيانا بدون حتى اقتراع؟!

الأردن والراتب الكبير

نبقى في المشهد الأردني. نشرت في البنط العريض أسفل شاشة «رؤيا» العبارة التالية «عدد موظفي رئاسة الوزراء 369 موظفا، كلفتهم المالية أقل بقليل من ستة ملايين دينار» هؤلاء جميعا بالنسبة للمتسرعين والعدميين والحاسدين والحاقدين إما تعينوا بالواسطة أو لا لزوم لهم أو يمتصون دماء الشعب برواتب كبيرة لا مبرر لها.
فخ التعميم مجددا، حيث «حسد بالجملة» على أي راتب عند شارع بدأ يلتهم مدخراته وفي مجتمع تحتك اليوم مسنناته.
من الواضح مؤخرا فقط، وقد تنبه تقرير لمحطة «سي أن أن» في نسختها العربية لذلك، فما يقوله أي مواطن على أي منصة وهو ضجر أو طفران أو عطشان، يمكنه أن يتحول ببساطة إلى سؤال دستوري في البرلمان، ثم استجواب، ولاحقا نقاش عام وأخيرا قضية رأي عام.
الحكومة متهمة دوما ولا أحد إطلاقا في مقايسات المزاج الشعبي على الأقل وهو دوما انفعالي ومتسرع يستحق راتبه في دولة تواجه الجائحة وتدير الخدمات، ويستطيع مواطنها التمتع بالأمن الكامل.
طبعا، هذا عبث شعبوي غرائزي لا معنى له يقابله عبث بيروقراطي يزحف بقوة، عنوانه غياب معايير التعيين والتوظيف والرواتب .
عزيزي الموظف الكبير، بعد التحرش براتبك: أنت تصر على أنك ضرورة وطنية ملحة والأمهات عقمن بعد أمك. كل ما يتطلبه الأمر ببساطة إعلان معايير التوظيف والتعيين للناس والتقدم برواية نشطة بدلا من ترك الشارع يطحن بالقصص ويلوكها.
في اختصار في الشرق والمغرب العربيين، لا بد من إصلاح «المزاريب» حتى لا تضرب الهراوة الإسبانية فلذات أكبادنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى