اراء و مقالاتمقالات وآراء

«الأردن اليوم»: المحل مغلق بسبب «الصيانة» و«الجزيرة» تفتح… الشعب عندما«يزعج» مراقد النجف و«أصنام» بيروت

 

«كون وبده يعمر». عقلي الصغير لا يستذكر إلا هذه العبارة من بين كلاسيكيات العبث في التعليق الاجتماعي .
الزميل حسن الشوبكي، مدير مكتب «الجزيرة» في عمان عاد الى قواعده سالما مع الزملاء في طاقم المكتب بعد عامين من اغلاقه .
خبر مفرح على كل حال، لكن الى جانبه آخر مقلق ومحزن فزميل أردني آخر يستثمر منذ ثلاثة عقود قرر الانسحاب من سوق الفضائيات، بعد سلسلة لا متناهية من التدخل في عمله وتحويله مع زملاء من رواد الشاشة والكاميرا مرات عدة الى المحكمة، بحيث كاد يتحول الى «رد سجون».
الدنيا دولاب تغلق السلطات الأردنية مكتب «الجزيرة» فجأة قبل عامين، دون أن توضح لنا نحن معشر المتفرجين لماذا وعلى أي أساس، ودون مخالفة حتى للقانون وفي قرار إداري من صنف ما يقال في أفلام «أم بي سي» الثانية الأمريكية. عند عبارة «مقتضيات الأمن القومي».
لا نعتقد أن كاميرا وميكرفون يمكنهما في أي حال من الأحوال تهديد الأمن القومي لأي قرية وليس فقط دولة.
على كل حال، التراجع عن الخطأ فضيلة، لكن تعود السلطات وتقرر فتح مكتب «الجزيرة»، دون أن نعلم أيضا لماذا وعلى أي أساس؟!
لكن لا أحد على الأقل في هرم السلطة ومن شريحة علية القوم يسألنا لماذا قرر الزملاء إغلاق المحل بـ«الترباس» وانطفأت أنوار شاشة مهمة محليا، وأيضا فجأة اسمها «الأردن اليوم»؟
الفضائيات في العالم العربي تخضع لمعايير النمو السكاني نفسها، فهي تولد أو تغلق أو تموت، مثل الوفاة والولادة ورب الكون يرعاها .

أين الضفة الشرقية؟

أغرب ما يمكن أن ترصده عين بشرية في الكون. ثلاثة برامج حوارية سياسية على الأقل في لغة كيان الاحتلال العبرية، تبثها قناة إسرائيل الثانية للتحدث عن تصريحات السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان، فيما يتعامل التلفزيون الأردني، وللمرة المليون مع المسألة على أساس قواعد الاشتباك الكلاسيكية، فعرس فريدمان أيضا عند الجيران، حتى عندما يصف المملكة أنها احتلت الضفة الغربية! أو عندما يعبث في الأمن القومي الأردني فيتبنى ضم الأغوار ويطلق اسم «يهودا والسامرة» على الضفة الغربية .
سؤالنا بسيط: إذا نجح فريدمان وأقاربه في شرعنة تسمية «يهودا والسامرة» أين سيذهب اسم الضفة الغربية؟!
الأخطر، إذا أصبح اسم الضفة الغربية من الماضي فعلا عند «الأونكل سام» فأين ستذهب الضفة الشرقية؟!
هنا مربط الفرس. ألم نقل لكم المحل مغلق لأسباب الصيانة في حالة الإعلام الأردني اليوم!
لكن تلفزيون الحكومة الأردنية تماما مثل وزير الخارجية وغيره من جميع المسؤولين يتعامل مع المشهد باعتباره عرسا عند الجيران فعلا! فلا يعلق أحد، ولا تنظم مسيرة ولا يصدر بيان ولا حتى برنامج حواري واحد.
عرس الجيران إياه يستقطب أيضا بقية جارات الحارة، فحتى شاشات الإعلام الخاص أو المستقل المحلية تحولت الى قرية الكترونية ومهنية تتفرج، ووحدها شاشة «اليرموك» المخنوقة المتهمة بالتبعية للإخوان المسلمين تزغرد وتثير الجلبة، وتتحدث عن توابع فريدمان وشقيقاته، لكنها شاشة صاحبة أجندة، كما تقول السلطات.
عن أي أجندة نتحدث هنا؟
هذا السؤال الصغير، أعرف مسبقا أنني سأدفع ثمنه غاليا والبقية في بطن الشاعر .

صنم بيروت ومراقد النجف

الرئيس اللبناني العجوز ميشال عون. هل تذكرونه؟
مجددا تبث «سكاي نيوز» من أمام البرلمان في بيروت وتظهر في خلفية التقرير الإخباري صورة وحيدة للرئيس، وهو جالس كالصنم مع نص يتحدث عن أمر وجهه لقوى الأمن بـ«استعادة الهدوء».
الزعماء العرب غريبون: كل ما يهمهم استعادة الهدوء فقط، وبأي ثمن، وكأن الهدوء في حد ذاته إنجاز وطني وقومي، لكن على حساب ماذا ومن، لا يهم!
نفترض أن زعيما قفزت فيه المحاصصة والأجندات الإقليمية يعلم مسبقا أن تبديد الهدوء أيضا لعبة أجنداتية غير لبنانية، وحتى يستعيده، عليه أن يتحدث مع عدة عواصم، من بينها طهران والرياض، ولاحقا باريس وواشنطن .
لكن، رغم ذلك على المواطن اللبناني أن يشعر بالكرامة والأمن، وتتوفر له لقمة خبز، حتى لا تستثمر فيه تلك العواصم لمصالحها الخاصة.
الأهم على الرئيس عون أن يترك قصره وينزل من مرتبته الصنمية، ويتحدث للناس.
حتى في العراق، من تحدث حسب شاشة «الحدث» سعودية الهوى صباح الأحد هم الباحثون عن اللقمة في النجف الأشرف، حيث أصنام مماثلة لتلك التي في قصور بيروت وضواحيها.
مجددا، قرر أصحاب السلطة والنفوذ، وبعضهم لصوص على الأرجح، التحدث عن استعادة الهدوء في النجف الأشرف .
حتى في النجف، الأهم استعادة الهدوء، حتى لا تقلق المراقد في ترابها، أما العراقي الجائع المكلوم المسروق، فليذهب للجحيم، لأنه مثل اللبناني المحتج ليس إلا حطبا ووقودا لأجندة أجنبية شيطانية لا تستحق إلا الهراوة والقسوة، ولاحقا قنبلة الغاز، وإذا أصر على أن كرامته مهدورة يمكن معالجته برصاصة توقف أي شعور عنده!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading