اراء و مقالات

الأردن: نقاش حول عودة ظاهرة «اعتقالات على أرصفة الاعتصامات»

إرهاق أمني والشعب مستفَز بعد توقيف 25 «بسبب مخالفات قانونية»

عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد يعرف بصورة محددة بعد ما هي الخلفية الأمنية المباشرة لعودة ظاهرة اعتقالات النشطاء في الساحة الأردنية على هامش التضامن مع المقاومة الفلسطينية، حيث رسائل جديدة من المنظومة الحكومية في هذا الاتجاه لمن تعتقد بأنهم نشطاء يتجاوزون خطوط التعبير السلمي عن التظاهر والتضامن.
يعلم التيار الإسلامي بأن السلطات لا تريد السماح بتنظيم أي تحشيد احتجاجي قبالة مقر السفارة الأمريكية في عمان العاصمة.
رغم ذلك، يعلن الملتقى الذي يسيطر عليه الإسلاميون عن تجمع امام سفارة واشنطن غربي العاصمة بعد صلاة العشاء مساء الأحد، الأمر الذي قد يعني عزلاً، وحضوراً أمنياً مكثفاً واعتقالات، إن تطلب الأمر.
توقيف بعض النشطاء الشبان أمر بدأ يثير جدلاً في الأوساط السياسية والحقوقية الأردنية. والحقوقي عاصم عمري أبلغ أمام «القدس العربي» بأن الإصرار على العسف الأمني هنا قد لا يخدم كل الأطراف في لحظات حرجة للغاية يغذيها الاعتداء الوحشي على أهل قطاع غزة والضفة الغربية.
وسأل الناشط النقابي البارز ميسرة ملص، علناً، عن ما إذا كانت وزارة الداخلية لا تنسق مع وزارة الخارجية لأن الشارع يتفاعل تماماً مع الموقف الرسمي للدولة الأردنية، ثم اعترض زميله النقابي أحمد أبو غنيمة على اعتقال ناشط من نقابة الصيادلة في مدينة الكرك تهمته «التضامن مع فلسطين».
وبالنسبة لكثير من رموز قوى الشارع مثل عودة الاعتقالات والتوقيفات، تصنع أزمة يمكن الاستغناء عنها في لحظة أزمة حقيقية تمر بالشقيق الفلسطيني وبالوضع الإقليمي عموماً، وأيضاً في البلاد. في الوقت ذاته، أرهقت قوى الأمن الداخلي بعد أكثر خمسة أسابيع من التظاهر اليومي المستمر.
وترى مصادر برلمانية بأن الوضع بدأ «يستنزف» قوى الأمن التي توفر الحماية لحق التعبير السلمي، حيث إرهاق ينتج عن الحفاظ على القانون العام وحراسة التجمعات والسفارات.
تفقد أحياناً الانفعالات الشعبية قدراتها على ضبط الأمور في بعض التفاصيل، وترصد مخالفات للقوانين أهمها الاعتداء على ملكيات الغير تحت يافطة الاحتجاج، وقرار الأمن أن لا يسمح بذلك ولا بعبوره.
السلطات الأمنية لديها رغبة ملموسة بوضع قواعد للاشتباك في التعبير بالشارع، من بينها عدم الوصول إلى منطقة الأغوار، وبالتأكيد تجنب السفارات الأجنبية الأساسية على الأقل، مع التوازن في إطلاق حريات التعبير واحتواء الاحتقان الشعبي بسبب خشونة وقساوة وغلاظة المشهد في قطاع غزة. يحصل ذلك بالتوازي مع «وحشية» نتائج القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث مذابح تستفز يومياً الشعب الأردني بكثافة… تظهر عليه في لعبة التعبير انفعالات بين الحين والآخر ما بين الشارع وقوى الأمن.

انفعالات شعبية

وانتقد حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، عودة ظاهرة الاعتقالات الأمنية. وتحدث الحزب عن نحو 30 موقوفاً من الشباب النشطاء في الحراك، بعض هؤلاء أوقفوا عند بيوتهم أو قرب أرصفة الاعتصامات والتظاهرات. ويبدو أن بين الموقوفين نحو ثلاثة عشر شاباً نشطاً من حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يوالي الإخوان المسلمين خلافاً لنشطاء من هنا وهناك، وأحياناً لبعض مخالفي القانون والزعران.
لا تفسر السلطات طبيعة هذه الاعتقالات، لكنها فيما يبدو احترازية وأمنية؛ بمعنى أنها طالت أشخاصاً بعينهم تبنوا مبادرات لتجاوز الخطوط الحمراء في مسألة التظاهر السلمي، أو ظهرت منهم جرعات مبالغ فيها من الحماسة في التعبير والإصرار على الذهاب إلى منطقة الأغوار التي أصبحت منطقة عمليات عسكرية كما صرح وزير الداخلية مازن الفراية، أو الإصرار على اقتحامات لسفارات أجنبية، وهو خط أحمر بكل حال، لا تسمح به السلطات الأمنية. يفترض أن رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، سيتولى التواصل للبحث في أسباب تلك الاعتقالات، كما فهمت منه مباشرة «القدس العربي» لكن الإفراج عن هؤلاء الموقوفين وبعضهم نشطاء في النقابات المهنية، ظاهرة بدأت تطرح تساؤلات وسط تقدير رسمي يفيد بأن الحرب أو العدوان العسكري الإسرائيلي على غزة فيما يبدو قد يمتد عدة أشهر أو أسابيع.

إرهاق أمني والشعب مستفَز بعد توقيف 25 «بسبب مخالفات قانونية»

وهو أمر يعني أن السلطات قد لا تحتمل البقاء في نفس مستوى منظومة التظاهر في الشوارع على نفس الدرجة والسوية. وبالرغم من ذلك، تبرز استفزازات أو محاولات لتجاوز الخطوط الحمراء التي ترسمها وزارة الداخلية للاعتصامات والمسيرات والتظاهرات. ومن بين تلك على الأرجح، دعوة الملتقى الوطني لإقامة فعاليات جديدة أمام السفارة الأمريكية في غربي العاصمة عمان، وهو موقع يصنف دائماً بأنه يخضع لحراسات مشددة ومن المواقع التي ينبغي أن لا تختبر السلطات فيها.
وعلى الرغم من أن قوى الشارع النشطة تعلم مسبقاً بأنها لا تستطيع أو لم يسمح لها بالتظاهر لا في منطقة الأغوار ولا بالقرب من السفارة الأمريكية تحديداً في ضاحية عبدون الراقية غربي العاصمة عمان، فإن المحاولات تتكرر لإقامة هذه الفعاليات التي تصنف باعتبارها محاولات مستفزة، فيما تعلم السلطات مسبقاً بأن التظاهرة أمام السفارات مسألة لا تبدو مرحباً بها بعدما منعت السلطات 3 مرات على الأقل تظاهرات بالقرب من السفارة الأمريكية، لكنها سمحت بتظاهرات يومية منذ أكثر من شهر بالقرب من مكاتب خالية أو فارغة للسفارة الإسرائيلية في عمان العاصمة.
وأحاطت السلطات أيضاً بالسفارة المصرية ومنعت التظاهر أمامها أمس الأول؛ تجنباً لأي إحراجات مع الدول الصديقة والشقيقة.
مقاربات هذا الصنف من المنع والتسهيل تحتاج إلى إعادة نظر، ويبدو أن الانطباع الرسمي ذلك الذي يشير إلى أن الأزمة ليست في طريقها إلى حل سريع، الأمر الذي يتطلب ضمناً توجيه رسائل بالمسموح والمحظور بالنسبة لبعض النشطاء أو حلقات النشاط التي تبالغ في التعبير عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني على حساب القوانين والحالة المستقرة الداخلية عموماً.
وكانت الحكومة الأردنية، أوقفت أمس الأحد، 25 شخصاً على خلفية «تجاوزات قانونية» خلال فعاليات تضامنية مع قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 37 يوماً. جاء ذلك وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية، نقلاً عن متحدث الحكومة ووزير الاتصال الحكومي، مهند المبيضين حسب وكالة الأناضول.

الأردن: توقيف 25 شخصاً

وقال المبيضين، إن «الحكومة أكدت منذ اليوم الأول للحرب على غزة على حمايتها لحرية التعبير التي تعد مصونة وفق القانون».
وأشار إلى أن «نحو مليون أردني خرجوا للتعبير عن مواقفهم الوطنية والتنديد بالحرب على غزة من خلال مسيرات ووقفات في جميع المحافظات» نقلاً عن الوكالة نفسها. ولفت المبيضين، إلى أنهم «كانوا على سوية عالية من الروح الوطنية والحفاظ على القانون والممتلكات العامة والخاصة».
وأضاف أن «25 شخصاً جرى توقيفهم لتجاوزهم القانون، والاعتداء على أفراد من الأمن العام، والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة».
وأوضح أن «توقيفات محدودة للغاية جرت لأشخاص يشتبه بضلوعهم في نشاطات لها انعكاسات على الأمن الوطني». وبيّن الوزير أن التحقيق مع الموقوفين «مستمر». وأشار إلى أن «أمر توقيفهم ليس له علاقة بالحالة التضامنية الشعبية والمسيرات التي تنظمها مختلف القوى السياسية».
ويأتي حديث الوزير المبيضين، عقب بيان لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن) مساء السبت، استنكر فيه ما وصفه بـ«اعتقالات تعسفية» بحق العشرات من كوادر حزبه وناشطين على خلفية «حراكهم في الفعاليات الشعبية التي تنطلق في معظم محافظات المملكة انتصارا للشعب الفلسطيني».
ويشهد الأردن فعاليات شعبية شبه يومية، في مختلف محافظات المملكة؛ تعبيرا عن تضامنهم مع قطاع غزة، وتنديداً بالهجوم الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما خلفه من سقوط آلاف القتلى والجرحى.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading