اراء و مقالات

عمان بعد «الفتنة» وجهاً لوجه مع بايدن: عباس وحماس والكاظمي و«نظام الأسد»… كوكتيل أردني في واشنطن

عمان – «القدس العربي»: تقترب ساعة التلاقي السياسي بين القيادة الأردنية والإدارة الأمريكية الجديدة في توقيت تتزاحم فيه القضايا والملفات والأجندات، وتقفز بالمقابل في الأثناء اعتبارات مصالح الأولويات الأردنية وسط اقتراب الاستحقاق المتمثل بتجديد حزمة المنح الأمريكية للأردن لمدة خمس سنوات مقبلة.
لا يوجد عملياً ما يوحي بأن الإدارة الأمريكية الجديدة قد تماطل أو تؤخر في اعتماد الاستحقاق المتعلق بالمساعدات والمنح المالية. وينتظر وزير المالية الأردني الدكتور محمد العسعس ورفاقه من أركان السياسة المالية والاقتصادية للحكومة، الخطوة الأمريكية المتوقعة في تجديد حزمة المساعدات لخمس سنوات أخرى.
ليس سراً هنا أن الأردن، سياسياً ودبلوماسياً، تنفس الصعداء بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة بالرغم من مخاوف نخبه السياسية والقرار من الضغوط المحتملة في ملف الحريات والتي يعتبرها الرئيس الأمريكي جو بايدن أولوية بالنسبة للحلفاء والأصدقاء في إطار حساباته وصدام بلاده مع النفوذ الصيني.
في كل حال، تجديد المنحة الأمريكية أمر متوقع.
والمتوقع أيضاً العودة للسيناريو الذي اقترحه منذ سنوات وزير البلاط الأردني الأسبق وخبير العلاقات مع الأمريكيين الدكتور مروان المعشر بخصوص ملف الحريات والديمقراطية وعلى أساس أن الاندفاع وطنياً نحو الإصلاح السياسي أو غيره خطوة تخدم الذات، وتعني بالنتيجة عدم تدخل أي قوة خارجية.
احتاط الأردنيون جيداً على هامش تحضيرات الزيارة التي سيقوم بها للولايات المتحدة قريباً الملك عبد الله الثاني، والتي ستكون طويلة على الأرجح بعدما وصلت التأكيدات على لقاء مفترض مع الرئيس بايدن في الفترة ما بين 15- 20 من الشهر المقبل.
في القياس المالي والاقتصادي الثنائي، فإن العلاقات -حسب الوزير العسعس- في أفضل أحوالها، وثقة المجتمع الدولي والمؤسسات المانحة بالإصلاح الهيكلي الاقتصادي تزيد وتتحول إلى عنوان عريض للتفاعل والتعاون.
عملياً في المقابل، زادت معدلات التنسيق السياسي بين عمان وواشنطن، وأظهر طاقم الرئيس بايدن اهتماماً ملحوظاً بتغيير الصورة والنمط الذي اتبعه سلفه دونالد ترامب عبر إقصاء وتهميش الأردن وعدم التواصل معه طوال فترة رئاسة الثاني.
وهنا يبرز أن تحديد موعد للقاء قمة أمريكية – أردنية، ستكون الأولى مع زعيم عربي وإسلامي، بمثابة رسالة دبلوماسية في المقام الأول، فيما ترد أوساط عمان سعياً للاستثمار والتوظيف الممكن بسرد وتسريب تلك التفاصيل المتعلقة بخلفية سياسية لمخطط الفتنة في الأردن بسبب موقفه من صفقة القرن وعلى أساس دور مشبوه ينقلب على الأردن وقيادته لكبير مستشاري مرحلة ترامب الصهر جاريد كوشنر.
تلك تقييمات لمسألة الفتنة سمعتها «القدس العربي» مبكراً في إطار التوقع السياسي على هامش نقاش مع وزير الاتصال الناطق الرسمي صخر دودين.
وكانت على مستوى التصريح المباشر في مقاربة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، خلافاً لأن العديد من وسائل الإعلام والصحف الأجنبية ربطت فتنة عمان بسعي إدارة ترامب لمعاقبة الأردن.
في كل حال، تتلامس البوصلة الأردنية يوم 19 من الشهر المقبل على الأرجح مع اعتبارات إدارة الرئيس بايدن وتصورها للدور الإقليمي الأردني بعد سلسلة مجاملات ومشاورات مكثفة شهدها الطرفان مؤخراً، وعبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ثم رئيس الاستخبارات وليم بيرنز.
الدلالة أن مسألة الفتنة سلطت الضوء ولو إعلامياً على سعي بعض الأطراف لتحصين العلاقات الأردنية الأمريكية، لا بل تحسينها في عهد بايدن.
وثمة في خلفية المشهد توسع كبير وغير مسبوق في التعاون الدفاعي والاستراتيجي والعسكري بين البلدين، والاتجاه واضح لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة ودائمة في الأردن لأغراض تثبيت الأمن الإقليمي مع اتصالات خلف الستارة تسأل عن الصفحة التالية في الوضع الفلسطيني المتردي والمفتوح على احتمالات التصعيد العسكري.
الأردن في التلامس السياسي والدبلوماسي مع بايدن وطاقمه مهتم أيضاً بما يتجاوز المصادقة على حزمة المساعدات الخماسية وإعادة تأهيل واندماج الاتصالات التنسيقية.
في الحسابات الأردنية، وبعضها أعلن على هامش حوارات نخبوية، محاولة قياس لموقف الولايات المتحدة من ملفي كورونا والطاقة في المنطقة، ومحاولة اختبار لتصور واشنطن بخصوص العلاقة أو التحاور لاحقاً مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس، في التوازي مع إعادة ترتيب أوراق متبعثرة قليلاً أو بعثرتها سردية الفتنة مع دول مجاورة من بينها مصر والإمارات والسعودية.
عمان قبل ملاقاة الرئيس بايدن مهتمة جداً باستقرار الضفة الغربية وبمعرفة شكل الترتيبات الإقليمية الجديدة في المنطقة، واهتمامها أيضاً كبير ببقاء وإنقاذ وتصليب أجهزة الأمن الفلسطينية وعدم مغادرة مفهوم الشرعية الفلسطينية سواء على صعيد السلطة ومؤسساتها أو على صعيد الرئيس الحالي محمود عباس أو اللاحق بصرف النظر عن هويته.
أجندة العاهل الأردني في واشنطن لم تعد سراً، فبعد العلاقات الثنائية والقضية الفلسطينية يعتقد بأن عمان هنا ستتحدث باسم زعماء المنطقة من معسكر الاعتدال العربي، خصوصاً في المسألتين العراقية والسورية، حيث تقدم مفاجئ وسريع في سعي الأردن والإمارات تحديداً لإعادة إدماج النظام السوري حصرياً في مؤسسات الجامعة العربية.
وحيث اهتمام مشترك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتمكين رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي أكثر، خصوصاً في المرحلة اللاحقة، والتأكيد على عملية سياسية داخل العراق لا تبعد نموذج الكاظمي وفكرة مشروعه؛ بمعنى إعلان غطاء من الزعماء العرب في المنطقة يطالب بدعم وبقاء الكاظمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى