اراء و مقالات

سر «الزكام الوطني» …الأردن: أصابع في «أنف الحكومة» وفي السودان: كيف نتفق مع البسطار؟

يبدو الفرع الأردني من بقالة نتفليكس التلفزيونية، وحزمتها الشهيرة من مسلسلات وأفلام درامية ومنوعات، طريفا ومثيرا حيث مسلسلات محلية لأول مرة وعبارات تصلح لقراءة المحلي أيضا.
توقفت مليا عند عبارة قالها «توم كروز» وهو يتحدث في فيلم بوليسي مع صديقته المحامية التي تحقق في ملف قاتل غامض «لا تستطيعين رؤية الغابة وأنت بين الأشجار».
تبدو عبارة مثيرة للتأمل والتعمق وتذكرني إلى حد كبير بالمشهد السياسي الأردني خصوصا في الجزئية المتعلقة بممارسة سياسة الإنكار وإقصاء الأراء المستقلة أو الجريئة أو الصريحة ضمن مسلسل «وناسة» عنوانه تضليل القيادة والشارع والرأي العام في الوقت نفسه.
يحب مسؤولون وموظفون ممارسة التضليل ليس لأنهم جريئون بل لأنهم مصرون على إمكانية التحدث عن الغابة وهم في حالة إسترخاء مع سيخ شاورما تحت شجرة في مكان ما.
مجددا يتجول مراسل الجزيرة وسط المعتصمين في عمان وترتبك فضائية المملكة وهي تحاول التواصل مع الناطق الرسمي بعد «اتفاقية دبي».

أسوأ وظيفة في الأردن

ومجددا تتوسع شبكة «كان» الإسرائيلية في تغطية «كل الغابة» فيما يجلس وزيران أردنيان مختصان تحت ظلال شجرة واحدة في مشهد يذكرنا بالتلفزيون السوري أيام زمان عندما كان يعرض مسلسلا للراحلة الكبيرة أمل سكر وهي تؤدي دور سيدة سمعها خفيف وهي تسأل»هل تزوجوا؟».
كأردنيين يكفينا ما تقوله عنا صحيفة «معاريف» وإعلام العدو هذه الأيام وهي تستعرض نماذج من «الأداء الفاشل لموظفي القمة».
ليس دفاعا عن أحد.
لكن أسوأ وظيفة عليا في الأردن على الإطلاق هي «وزير الإعلام» ولسبب بسيط فجميع «الآباء» وهم «أكثر من الهم على القلب» يحشرون أصابعهم في أنف هذا الوزير حصريا فيدفعونه إما للارتباك أو للاحتجاب بسبب محرقة الرأي العام أو حتى لـ»الانتحار المهني».
ثمة «أب» هناك من الصنف الذي «يطعج صوته» عندما يقول مفردة «المملكة الأردنية» وآخر هنا يتقمص «الحكمة والمعرفة» وثالث يستخدم اتصالات «المقامات العليا» متدخلا بين النواب لضمان فرصة نائب ما في لجنة اقتصادية في متوالية هندسية كارثية لهندسة الهندسة مع أن الجميع بعهد»المنظومة».
زحام الأصابع التي توضع باسم الدولة والهيبة والسيادة في أنف «الوزير» طبيعي أن يتسبب بـ «الزكام الوطني».
لتجنب الزكام وقراءة مقالات إسرائيلية جديدة بعنوان «فشل موظفي القمة» في عمان ولتجنب المزيد من جولات كاميرا زميلنا حسن الشوبكي المطلوب فقط إطلالة سريعة على الحزمة المحلية من نتفلكس لعل القرار يتعثر بتوم كروز وهو ينصح «غادر الأشجار حتى ترى الغابة كلها».

بهلوان على الهواء مباشرة

لكن بعيدا عن نتفليكس يمكن الوقوف لتأمل عبارات بسيطة لا أزعم أني أؤيدها وردت على لسان مواطن أردني هو أحد وجهاء عشيرته في شمالي الأردن حيث تلفزيون الواقع على الطريقة المحلية لا بل اللبنانية أيضا وحيث كاميرا تسجل مداخلة بالصوت والصورة لصاحبنا الشيخ يشتكي فيها ويفتي في كل الاتجاهات.
لا تهمني الفتاوى السياسية التي ظهرت على لسان صاحبنا الشيخ في شريطه المصور الذي تم تداوله على نطاق واسع وسط الحراك ووسط المواطنين.
ما يهمني تأمل العبارات التالية … «تتحدثون مع 1000 أردني فقط وتتجاهلون 10 ملايين» و»الأصل في الأجهزة الأمنية وقوات الدرك أنها موجودة من أجلنا ونحن شركاؤلها وليس الأصل أن نصاب بالرعب بسببها».
للتو ما ورد على لسان وفي هيئة وصورة الأخ «أبو جلال» طراز من الشقلبة والبهلوانيات في الحالة الاجتماعية المحلية.
لدي دليل على ذلك يمكن اختصاره وعبر ما شاهده الأردنيون عندما قررت فضائية «المملكة» الانتقال إلى مراسلها الميداني للتحدث عن الجمعة التي كانت سوداء فجعلها تجار أردنيون بيضاء لكنها أسود من الكحل تحت عنوان حرق الأسعار أو خديعة حرق الأسعار والتنزيلات.
أمام الكاميرا وفي خلفية المراسل على الهواء مباشرة ثمة مهرج على باب أحد المراكز التجارية يقوم بحركات بهلوانية بهدف لفت نظر المواطنين والمارة والعابرين وجذب الزبائن. فجأة وعلى الهواء مباشرة، ووسط موجة إفراط من المهرج تحمسا للكاميرا، تشقلب الشاب فوقع على مؤخرته.
هذا ما يحصل حتى في السياسة عندما يحاول بعض المسؤولين زيادة جرعة الفصام أثناء الزكام في التعبير الرسمي فالجميع سيقع على مؤخرته مادام المشهد مركبا على تفاصيل موغلة في الغرابة أحيانا… على الأرجح ذلك حصريا ما حصل معنا في جزئية التطبيع الأخير وصحافة إسرائيل.
فقط في الأردن البهلوان يتحمس فيسقط على الرصيف ثم يحضر «تلميذه ومساعده وصنيعته» ليكمل المسيرة متقافزا لا على التعيين في كل الاتجاهات.

حمدوكيات

«لقد توصلنا إلى اتفاق وهو قابل للتطبيق».
لا أعرف كيف يمكن التوصل لاتفاق سياسي أو قابل فعلا للتنفيذ مع «البسطار العسكري».
لكن تلك العبارة نقلتها سكاي نيوز عن عبدالله حمدوك، ما غيره، الذي يحركه الجنرالات تماما مثل رقعة الشطرنج في السودان الشقيق.
للعلم فقط الصحف العالمية تطلق على صاحبنا لقب «العائد إلى منصبه».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى